تعمل الجهات الحكومية المسؤولة عن قطاع المياه والصرف الصحي على برنامج علمي للاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة، في الوقت الذي أكدت فيه حقائق علمية أن 99 في المائة من المياه الموجودة فوق سطح الأرض غير صالحة للشرب.
وفيما طالب مهتمون بضرورة الاستفادة من مياه الصرف الصحي، نظرا لمعطيات بيئية تحتم ذلك، كشف مصدر بيئي مسؤول عن وجود برنامج متكامل لدى وزارة المياه والكهرباء السعودية، للاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا، في عدة مجالات حيوية.
وأفصحت لـ«الشرق الأوسط» الدكتورة ماجدة أبو راس نائب رئيس جمعية البيئة السعودية عن وجود برامج متنوعة بالتعاون مع شركة المياه والكهرباء السعودية تصب في مصلحة هذا المشروع، مثل توعية وترشيد استخدام المياه في مختلف الميادين.
وأكد المهندس سلطان فادن مدير مركز التنمية المستدامة ورئيس المجلس السعودي للمباني الخضراء أن استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة يدعم حركة التوجه للبناء الأخضر، خاصة أن 5 في المائة من مياه الصرف الصحي هي فقط مواد عضوية صلبة، والنسبة المتبقية مياه يمكن الاستفادة منها، مشيرا إلى أن معدل استهلاك الفرد السعودي اليومي من الماء يتراوح من 300 إلى 350 لترا.
ولفت إلى أن المياه المستخدمة في الوقت الراهن في مختلف المجالات والقطاعات الحيوية هي مياه محلاة من البحر تصلح للاستخدام البشري، وأن السعودية تعد واحدة من أكبر الدول المنتجة لثاني أكسيد الكربون بسبب الطرق المستخدمة في تحلية المياه، مفيدا بأن ثلث تلك المياه تضيع في شبكات المياه مما يعني وجود هدر في الشبكة تتراوح نسبته من 30 إلى 40 في المائة يضيع داخل المبنى وذلك بسبب استخدام الأدوات الصحية التجارية. ومن منطلق خبرتها البيئية العلمية تؤكد أبو راس إمكانية استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، في الصناعات غير الغذائية، وعمليات الري الزراعية، إلى جانب استخدام المواد الصلبة الموجودة فيها كسماد طبيعي، ومواد بناء، ومعادن ثقيلة، لافتة إلى أبرز المشكلات البيئية المائية التي تواجه السعودية هي قلة المسطحات المائية، وتلوث المياه الجوفية على نحو يصعب الاستفادة من تلك المياه بالشكل المفترض.
ويتفق مع هذا الرأي المهندس سلطان فادن الذي أرجع ضرورة اعتماد المملكة على مياه الصرف الصحي بالدرجة الأولى إلى تناقص المياه الجوفية، قلة الأمطار، وجغرافية المنطقة التي لا توجد بها مسطحات مائية، مشيرا إلى أن نسبة المياه الصالحة للشرب مباشرة دون تحليتها على سطح الأرض لا تصل إلى 1 في المائة، وأن خمس سكان العالم لا تتوفر لديهم مياه صالحة للشرب، لذا وجب إيجاد مصادر بديلة للمياه المحلاة بطرق صديقة للبيئة مثل الطاقة الشمسية، واستكمال البنية التحتية.
وعادت الدكتورة ماجدة أبو راس لتشدد على أن استمرار هدر المياه بالشكل الحالي، وعدم الاستفادة من مياه الصرف الصحي من شأنه أن يترتب عليه مشكلات بيئية خطيرة، أهمها مشكلة شح المياه، خاصة أن تحلية مياه البحر مكلفة جدا اقتصاديا، وهو ما دفعها للمطالبة بفرض قوانين بيئية صارمة، من شأنها تعزيز الوعي لدى المجتمع، وضبط المخالفات الحاصلة، خاصة أن المشكلات البيئية ليست مشكلة فرد بحد ذاته، مشيرة إلى ضرورة وضع وتعميم تلك القوانين على كل القطاعات والأفراد.