نددت عدة جهات فرنسية بمحتوى برنامج عرضته إحدى القنوات التلفزيونية المحلية، كشفت فيه عن تسجيلات سرية للمحادثات التي جرت بين الشرطة والجزائري محمد مراح، الذي ادعى أنه من عناصر تنظيم القاعدة، وقام تنفيذ عدة عمليات قتل في مدينة تولوز، وخاض مواجهات قاسية مع الشرطة، التي طوقت منزله قبل أن تقتله.
وقال منتقدو البرنامج التلفزيوني، إنه تجاوز حقوق أسر الضحايا الذين سقطوا في عملياته التي يرى البعض أنها مثلت فشلا ذريعاً للاستخبارات الفرنسية.
وعرض البرنامج على قناة TF1، وحرص على إبراز أهم الجوانب في النقاش الذي دار بين مراح وعناصر الشرطة طوال ساعات محاصرته التي انتهت بمقتله في 22 مارس/آذار الماضي.
وقد اعترضت عائلات الضحايا السبع لمراح، مشيرين إلى أن الخطوة تضر بمشاعرهم، كما طالبوا بالتحقيق في هوية مسرّب التسجيلات.
ودافعت القناة الفرنسية عن خطوتها، وقالت إنها أقدمت على فعل مشروع هدفه تزويد العامة بالأخبار والمعلومات، كما اعتبرت أن التسجيلات تؤكد أفكار مراح المتطرفة وارتباطاته الحركية، ولفتت إلى أنها "حررت بعناية" المقاطع المتعلقة بوصفه لجرائمه التي ارتكبها.
من جانبه، قال وزير الداخلية الفرنسي، مانويل فالس، إن القناة التلفزيونية "لم تتخذ تدابير تعكس احترامها لمشاعر الضحايا، كما كان للهيئات الفرنسية المختصة بمراقبة المواد الإعلامية مواقف مشابهة، أعربت فيها عن امتعاضها من نشر التسجيلات، وفقاً لمجلة "تايم" الشقيقة لـCNN.
وتتعلق التسجيلات التي عرضتها القناة بالمحادثات بين مراح وفريق من المفاوضين الذين حاولوا إقناعه بتسليم نفسه، وبحسب ما يظهر من النقاش فإن مراح كان يؤكد على تحديه للسلطات التي ظلت تطوق شقته في تولوز طوال 32 ساعة.
ويبدو مراح في التسجيل وهو يقول للشرطة: "أعلم أنه يمكن أن أموت، وهذه مخاطرة أوافق على تحملها.. لذلك عليكم أن تفهموا أنكم تواجهون رجلاً لا يخاف الموت، وهو يحبه كما تحبون أنتم الحياة."
كما تحدث مراح في مقاطع أخرى عن أفكاره المتشددة وقناعاته العقائدية، وكذلك عن اجتماعاته مع عناصر تنظيم القاعدة والتدريبات التي حصل عليها في معسكرات بباكستان، وكذلك عمليات القتل التي ارتكبها، وذهب ضحيتها سبعة أشخاص هم ثلاثة جنود وثلاثة من الأطفال اليهود ومدرسهم الحاخام.
وقالت عائلات الضحايا في بيان لها، نها "شعرت بالصدمة" جراء بث البرنامج، متهمة القناة بمحاولة زيادة نسبة المشاهدين لها من خلال "استخدام شهادات قاتل تسبب بالكثير من الأحزان" لهم، كما انتقدوا القناة لأنها "لم تعمد إلى إخطارهم بشكل مسبق بعزمها بث التسجيلات."
وقررت السلطات القضائية في فرنسا من جانبها فتح تحقيق لمعرفة كيفية تسرّب التسجيلات إلى القناة، خاصة وأن ما دار بين الشرطة ومراح قبل مقتله مازال يخضع للتحقيق.
من جهة ثانية، لفت مراقبون إلى أن محتوى النقاش بين مراح والشرطة يؤكد صحة الانتقادات الموجهة إلى الاستخبارات الفرنسية، التي عجزت عن رصد مقاتل متشدد يعيش في فرنسا طول تلك السنوات، مشيرين إلى أن تسريب التسجيلات قد يكون في سياق المزيد من إحراج أجهزة الأمن الفرنسية.
كما أعرب المراقبون عن خشيتهم من حصول ما هو أخطر من تسريب التسجيلات، إذ أن مراح كان قد صور عمليات قتل ضحاياه عبر كاميرا مثبتة على صدره، وقد قام بإرسالها إلى إحدى الفضائيات التي قررت لاحقاً عدم عرضها وسلمتها للشرطة، ما يثير القلق حيال إمكانية أن تكون تلك المشاهد قد تسربت بدورها إلى جهات إعلامية.