أكدت لـ "الاقتصادية" مصادر رسمية، أن مشروعين من أصل 25 مشروعا تطويريا في مكة المكرمة تم اعتمادهما أخيرا، لن يتضررا بتلك الأنظمة التي سنها المخطط الشامل لمكة المكرمة للـ 30 عاماً المقبلة والتي تنص على أن الارتفاع المتدرج بدأ من مركز الحرم المكي الشريف، مشيرة إلى أن المجموعة الأولى من مشاريع التطوير تتمثل في مشروع تطوير جبل عمر ومشروع تطوير طريق الملك عبد العزيز "الطريق الموازي".
وقالت المصادر "اتضح أن هناك مجموعتين مميزتين ضمن المشاريع الـ 25 التي تم استعراضها كمشاريع تطوير مستقبلية لمكة المكرمة، حيث تتألف المجموعة الأولى من مشاريع التطوير التي تم اعتمادها قبل بدء أعمال هذا المخطط الشامل، وتشمل هذه المجموعة مشروعين اثنين هما: مشروع تطوير جبل عمر ومشروع تطوير طريق الملك عبد العزيز، مفيدة بأنه تم الترخيص لهذين المشروعين قبل بدء المخطط الشامل، فقد كان دور المخطط الشامل نحوهما هو التعامل معهما بخصائصهما المرخصة نظاما، وذلك على أنهما من ضمن المعطيات، إذ يعمل المخطط الشامل على استيعابهما ضمن الاستخدامات والهيكلة العمرانية والخدمية للمدينة.
وأشارت المصادر، أن الخطة الشاملة أوصت بأن يتم تعويض مالكي الأراضي القليلين نسبيا حول الحرم مباشرة والذين سيمتلكون أذونات ارتفاع أقل انخفاضا، إما بالتعويض المالي بالقيمة السوقية لفرصة التطوير المهدورة أو من خلال تحويل حقوق التطوير لإحدى مراكز التطوير الـ 17 المقترحة، التي ستعمل على إعادة تشكيل أفق مكة المكرمة لتحسين الإحساس بالوصول وترك هيمنة مركزية المدينة للحرم الشريف، مع حماية الممرات الأرضية والبصرية المرتبطة مع جبل النور وجبل ثور.
وأضافت المصادر: "للتركيز على الطبيعة المقدسة للمدينة والحفاظ على الأفق الذي يشكل جزءا لا يتجزأ من هوية مكة المكرمة، يتم الحفاظ على ممرات المشاهدة للمسجد الحرام وخطوط رؤية الميزات الطبوغرافية المهمة، وفي محيط الساحات مباشرة يسمح بالارتفاع الإضافي بشكل تدريجي شمال وغرب المسجد الحرام، تتراوح بين خمسة طوابق بالقرب من المسجد إلى ما يصل إلى 20 طابقا مقابل الجانب الجنوبي من الطريق الدائري الثاني، ويسمح بجيوب ارتفاع صغيرة بالقرب من المسجد الحرام مباشرة إلى الجنوب الشرقي من الحرم الشريف".
وزادت المصادر: "أما خلف المنطقة المركزية فيسمح بارتفاعات أقل باستثناء الارتفاعات المتزايدة التي تقع على المراكز الرئيسية"، مشيرة إلى أنه قد تتزايد الارتفاعات من المناطق المحيطة إلى مراكز العقد وعلى طول الممرات لاستيعاب الكثافة المتزايدة المتوقعة لهذه المناطق، إلا أنه وبشكل عام، سيكون الجزء الأعلى من الارتفاع في مكة المكرمة بمحاذاة الطريق الدائري الثالث، وذلك بارتفاعات تتراوح من ثلاثة طوابق وحتى 30 طابقا في بعض المواقع المحددة.
وأبانت المصادر أن أغلب الارتفاعات المسموح بها بين الطريق الدائري الثاني والطريق الدائري الثالث في مكة المكرمة هي ما بين ثلاثة وستة طوابق بارتفاع ممرات يصل إلى 15 طابقا، وأما بعد الطريق الدائري الثالث فستستمر الارتفاعات المسموح بها في الانخفاض، متراوحة بين طابقين إلى ما يقارب ستة طوابق باستثناءات على طول الممرات، حيث قد تصل الارتفاعات إلى عشرة طوابق، وأما خارج الطريق الدائري الرابع، فسيسود "طابقان" التطوير المسموح به هناك.
وأوضحت المصادر، إلى أن أنظمة الارتفاع الحالية لمدينة مكة المكرمة تشير إلى أن الارتفاع المسموح به هو 20 طابقا، أو 150 في المائة من عرض الشارع المحاذي، وتعتبر الارتفاعات الفعلية في المناطق التي تقع خارج المنطقة المركزية منخفضة نسبيا بشكل متجانس، وبما يماثل الوضع السائد في العديد من المدن السعودية الأخرى، مردفة: "قد أدت محدودية المساحات المتوفرة داخل الحدود المقدسة، إلى جانب الأهمية الدينية لهذه الأراضي، إلى ارتفاع أسعارها بشكل يندر أن يكون له مثال مقارن، كما أن الجبال المحيطة بالمدينة تعيق توفر المساحات القابلة للتطوير، ما يرفع الطلب على الأراضي داخل الحدود المقدسة، وقد أدى ذلك إلى اللجوء إلى التمدد العمودي وتجاوز حدود الارتفاعات المناسبة بشكل دائم، بصفة أن ذلك هو الأسلوب الفاعل لزيادة العائدات على الاستثمار في مواجهة الارتفاع المتزايد في أسعار الأراضي".
ولفتت المصادر، إلى أن الهيئة العليا لتطوير منطقة مكة المكرمة (سابقا) وضعت للبناء والتطوير في نطاق المشاريع الكبرى، كما وضعت أمانة العاصمة المقدسة نظاما للبناء فيما غير ذلك، حيث كفلت تلك الضوابط على الدوام المواءمة بين احتياجات التنمية من المنشآت والخدمات وبين تزويد مالكي العقارات والقائمين على البناء وغيرهم من المعنيين بالاشتراطات العمرانية والبيئية التي تكفل حصولهم على الموافقات لتطوير الأملاك في المدينة وفق توجيهات وتوجهات تحقق لهم أيضا عوائد مناسبة لاستثماراتهم التطويرية.
وتابعت المصادر أن تلك التنظيمات البنائية البلدية تمثل التزاما بلديا تجاه المواطنين مالكي العقارات، فإن المخطط الشامل قد أضاف إلى تلك الضوابط بما ينسجم مع عناصر التطوير والاستخدامات المقترحة عبر البعد الجغرافي للمدينة، ويمكن الإضافة لهذه الأنظمة بعد أن يتم إعداد خطط التطوير المحلية".
وكشفت المصادر، أنه تم تقسيم المناطق التي تقع ضمن حدود النمو الحضري إلى 17 منطقة بناء، وذلك وفقا للتعيينات المحددة في خطة استعمالات الأراضي بما في ذلك مجموعة من المناطق السكنية والتجارية والصناعية ومناطق المساحات المفتوحة، وتم وفقا لذلك تنظيم مساحات أراضي البناء، وارتفاعات المباني، والتأثير على استخدامات الأراضي المجاورة، ومعايير التطوير الأخرى.
وأردفت المصادر: "يوفر هذا التنظيم عملية شفافة للمراجعة والموافقة يمكن فهمها من قبل كل أصحاب العلاقة والقرار، كما يضع توقعات واضحة للمالكين حول ما يمكن لهم من بناء واستخدام، ويزودهم بخيارات حول كيفية استخدام أراضيهم وماهية السمات المعمارية التي يتم تطبيقها ضمن إطار يحمي المصلحة العامة، ويأتي الاستثناء لتلك الأراضي التي قد يفرز فيها التطوير خطرا على الحياة أو الممتلكات، كالمنحدرات الحادة ومجاري الأودية"، لافتة إلى أنه سيتم التحكم بالارتفاع بطريقة تتفق بشكل عام مع الخطة السابقة "2005"، بصفتها مناسبة ولكونها تمثل التزاما بلديا لمالكي العقارات، فيما عدا أن الارتفاعات ستكون منخفضة بشكل معتدل في المناطق المجاورة بشكل مباشر للحرم الشريف.
في جانب آخر، يستعرض تقرير مشاريع التطوير المقترحة الوارد ضمن المخطط الشامل لمكة المكرمة حتى عام 2040 "تحتفظ الاقتصادية بنسخة منه"، عناصر وخصائص 25 من مشاريع التطوير المقترحة، بهدف فهم نطاق كل مشروع، وعلاقته بالمشاريع المحيطة في المنطقة المركزية وفي المدينة الأوسع، ومستوى الملاءمة فيما يتعلق بالتطوير المستقبلي لمدينة مكة المكرمة والحرم المكي الشريف.
وتتألف المجموعة الثانية من مشاريع التطوير وفقاً للمخطط الشامل من الـ23 مشروعا الأخرى، التي لا تزال مقترحاتها تحت دراسة ما يسبق التصريح لها ببدء التنفيذ، وقد اتضح أن الأغلبية العظمى مما تم تقديمه من مقترحات وطلبات لتنفيذ هذه المشاريع لا تزال مجرد مفاهيم مبدئية، وتصورات في مراحلها الابتدائية، وقد تمت مراجعة مقترحات كل تلك المشاريع لأغراض ربطها برؤية ومرئيات المخطط الشامل حول استعمالات الأراضي وشبكات الطرق وأنظمة البناء والتطوير وغير ذلك من الجوانب التنموية، إضافة إلى علاقاتها العمرانية والوظيفية بالمشاريع المقترحة المجاورة، فضلا عن علاقاتها بالطاقات الاستيعابية للبنية التحتية.
وتخضع مجموعة مشاريع التطوير المقترحة البالغة 23 مشروعا، وكذلك أي مشاريع تطوير أخرى يتم اقتراحها مستقبلا لضوابط واقتراحات المخطط الشامل، ولا سيما تلك المتعلقة باستعمالات الأراضي وأنظمة البناء والتطوير، كما ينبغي أن تخضع كل مشاريع التطوير المقترحة المستقبلية التي تزيد في حجمها عن هكتارين لمراجعة وموافقة هيئة تطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة وأمانة العاصمة المقدسة، وذلك في ضوء أطروحات واقتراحات المخطط الشامل.
ومن المعلوم أن عناصر الخطة المرحلية وخطة التنفيذ وخطة المتابعة والمراقبة ستؤثر على تطبيقات مشروع التطوير المستقبلي المقترح، بما في ذلك متطلبات وإجراءات التقديم والاعتماد.
يشار إلى أن هناك حاجة إلى دمج مجموعات البيانات والخطط الخاصة بأي مشاريع تطوير مقترحة في نظام المعلومات الجغرافي الديناميكي الذي يدعم المخطط الشامل، مع إجراء التحديثات الناجمة عن ذلك، حيث تم إدراج التوجيهات الخاصة بتطبيقات التخطيط بأكملها في أنظمة التطوير الحضرية، وسيخضع كل مشروع من مشاريع التطوير المقترحة الـ 23 ، وكذلك أي مشاريع تطوير مقترحة مستقبلا، لهذه العملية، ولكي يتم ترخيصها نظاما، فإن على كل مشروع الوفاء بكل تلك المتطلبات الفنية والنظامية والتنظيمية.
تجدر الإشارة إلى أن الخصائص الاستعمالية والتنظيمية للبناء في إطار هذه المشاريع ستتبع في إطارها العام الخصائص الموضحة في الخطط المختلفة، مع مرونة يفرضها كون عناصر كل هذه المشاريع الكبرى متكاملة وظيفيا وخدميا ومتناغمة.
وشددت المصادر على أن المخطط الشامل يعنى بمطلب تحديد الأراضي الكافية لتلبية الاحتياجات المستقبلية للمقيمين الدائمين والزوار واحتياجات التوظيف، وأن ذلك يتطلب تعيين مناطق إعادة البناء ضمن الحدود المقدسة وبالقرب منها تماما، ولن يتم استخدام الأراضي الحساسة بيئيا أو تلك التي تشكل خطرا على الحياة والممتلكات "مثل الأراضي ذات الميول الشديدة وأراضي مجاري السيول" لاستيعاب احتياجات استعمالات الأراضي مستقبلا.
وتشتمل المقترحات الرئيسية على الحصول على الأراضي اللازمة لتنفيذ الساحات ولدعم برامج إعادة التطوير والأعمار المرحلية في المنطقة المركزية وحولها، وستعمل الارتفاعات العالية نسبيا ضمن إستراتيجية المراكز اللامركزية والممرات بشكل جزئي، على توفير محفزات التكثيف في مركز ترتبط عن بعد نسبي بالمسجد الحرام.
وقد تم تأسيس حدود نمو حضرية جديدة إلى عام 2040، ومعايير أساسية للوفاء بمطالب التوسعات المستقبلية ضمن هذه الحدود، إذ تحيط بمكة المكرمة منطقة الحمى بوصفها استخداما معززا للأراضي، له فوائد بيئية مستدامة.
ويتم استخدام إستراتيجية عنصر الاستعمال الهرمي للأراضي لدعم نموذج نمو العقد (المراكز) اللامركزية والممرات، فهي تُركز النمو في العقد (المراكز) وعلى طول الممرات لدعم كثافات العبور الداعمة، وتقدم أيضا مفهوم "مجموعات المجتمع" على الأحياء المجاورة كآلية لتقديم الخدمات للوفاء بالاحتياجات اليومية للزوار، وعلى وجه التحديد من خلال استحثاث عمليات إعادة التطوير الذاتي.
إن رؤية المخطط الشامل هي في جعل مكة المكرمة إحدى المدن الأكثر عصرية وجمالا في العالم، وتقتضي هذه الرؤية حماية حرمة الأماكن المقدسة والحفاظ على مكانة الأماكن المقدسة، ووضع آليات في مكانها لدعم تنمية وتطوير الأماكن المقدسة عبر الأجيال القادمة، ويتم ذلك ضمن سياق النمو المنظم لكل من السكان والزوار.
تراعي التحديثات والإستراتيجيات الموصى بها في المخطط الشامل تحقيق التوازن والتكامل بين التطوير والتنمية في كل المجالات، والتعامل مع العديد من التحديات الاستيعابية والوظيفية لمكة المكرمة وللمشاعر المقدسة، بما في ذلك إدارة الحشود والازدحام، توفير الخدمات والمرافق المناسبة في كمها ونوعها وتوزيعها، والتطوير بأسلوب يحافظ على خصائص البيئة، بما في ذلك المحافظة على تدفقات وعلى نوعية مياه بئر زمزم، وتأخذ إستراتيجيات التدخل بعين الاعتبار الحاجة المتزايدة إلى مرافق الحج لكل من الزائر والمقيم في الوقت الذي يتم فيه موازنة الروابط الروحانية والاجتماعية.