يعتزم مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني مواجهة المسؤولين في مختلف مؤسسات الدولة بالأسئلة والاستفسارات المنقولة من المواطنين عن طريق موقع التواصل الاجتماعي الـ«يوتيوب»، بعد المفاضلة بين أهم الأسئلة عبر التصويت العام.
وأكد لـ«الشرق الأوسط» مدير مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ومستشار خادم الحرمين الشريفين، فيصل بن معمر، أن المركز يسعى لنشر ثقافة الحوار، وجعلها طبعا من طباع المجتمع السعودي، وفي سبيله لذلك لا يتوانى عن استثمار الوسائل الكفيلة بالتواصل مع قضاياه عبر الأسرة والمسجد والمدرسة واللقاءات الوطنية، وغيرها، من أجل التعرف على الحواضر الفكرية المتنوعة، مثل الصالونات الأدبية؛ وتحليل الخطاب الثقافي السعودي دوريا.
وتناول بن معمر النتائج المأمولة من الحوارات خاصة من التقنيات الحديثة، مضيفا أن قناة «حوارات المملكة» على موقع التواصل الاجتماعي المصور «YouTube» تعتبر «أحد الخيارات التقنية التي يقدمها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بالتعاون مع (Google)؛ وذلك لإتاحة الفرصة للمشاركين لطرح أسئلتهم من خلال (YouTube) والحوار والتواصل مع المسؤولين من خلال طرح الأسئلة التي تهم الرأي العام، وإجراء تصويت لمدة أسبوعين لمعرفة الأسئلة الأكثر اهتماما من المجتمع، وأيضا إحدى الآليات التقنية التي أحدثها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني للتواصل مع مختلف شرائح المجتمع السعودي بهدف نشر ثقافة الحوار وقيم التسامح والوسطية والاعتدال التي تميز حوارنا الوطني».
وبين بن معمر أن فكرة «حوارات المملكة» تأتي ضمن أهداف المركز للوصول لأكبر عدد من شرائح المجتمع، مشيرا إلى أن نتائجها ملموسة بعد التفاعل الكبير مع وسائط التقنية ومواقع التواصل الاجتماعي الإلكتروني؛ حيث إن استخدام المركز لوسائط التقنية والاتصال أسهم كثيرا في تعزيز التواصل الحواري الفعال بين المركز والمجتمع السعودي خاصة شريحة الشباب التي تشكل 60 في المائة من المجتمع السعودي والتي هي الأكثر استخداما لوسائط التقنية.
وذكر بن معمر أن القناة حققت نجاحا جيدا في لقائها الأول الذي استضافت فيه الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود، وزير التربية والتعليم، حيث شارك في التصويت على الأسئلة من المشاركين عبر القناة أكثر من 31000 مصوت، كما حظيت القناة بنحو 133000 مشاهدة، وقد تأكَّدت هذه النسب أيضا في لقاء رئيس هيئة مكافحة الفساد.
وزاد بن معمر بقوله «إن تجربتنا الماضية على مدار عقد من الزمان، فرضت ثقافة الحوار الوطني وخيار الحوار العقلاني، كوسيلة حضارية لإدارة الاختلاف بين التوجهات والأطياف المجتمعية دونما إقصاء أو تخوين وتكفير لأحد، وتفعيل الحوار الخارجي لإزالة سوء الفهم والظن، وتصحيح الصورة النمطية التي كونها كل طرف من طرفي الحوار عن الآخر، لتجنب حالة الصدام والمواجهة؛ فضلا عن أن قضية الاختلاف، مؤصلة شرعيا، وتعد سنة كونية حبا الله بني الإِنسان بها، لتعطي لحياتهم ألوانا متنوعة ومختلفة من التفكير والسلوك وجعلت التباين بين الناس في رؤاهم ونظرتهم للأشياء هو الأصل بعد أن كانوا أمة واحدة، بالإضافة إلى أن الاختلاف، والتنوع، والتضاد يثري الأفكار ويولد الإبداع عندما ينمو في بيئة متسامحة، ينشأ أفرادها على مبدأ تقبُّل الآخر، وتكريس الإيمان بفكرة (الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية)؛ و(قولك خطأ يحتمل الصواب وقولي صواب يحتمل الخطأ)؛ وغيرها مما يشكل أركانا أساسية لقاعدة الحوار، حيث يعطي الحوار للتنوع والاختلاف بعدا إنسانيا، يضعه في إطاره الطبيعي ولا يسمح له بالتحول إلى طاقة سلبية، مدمرة، بل النهوض بدور فعال في التقليل من مستوى سلبيات الاختلاف، جنبا إلى جنب مع الرفع من مستوى إيجابياته؛ ليكون الاختلاف في هذا الإطار رحمة وخيرا وفيرا، ودافعا للإصلاح والتطوير والتحديث».