سيطر مقاتلون سوريون معارضون السبت بعد معركة استمرت ساعات على قرية حدودية في محافظة إدلب (شمال غرب) مقابلة لبلدة تركية سقطت فيها اليوم قذيفة مصدرها الاراضي السورية ما استدعى ردا مدفعيا تركيا.
في غضون ذلك زار الرئيس السوري بشار الاسد ضريح الجندي المجهول في الذكرى التاسعة والثلاثين لحرب تشرين الاول/اكتوبر، في حين استمرت اعمال العنف في نواحي مختلفة من البلاد حاصدة 59 شخصا السبت بحسب حصيلة اولية المرصد السوري لحقوق الانسان.
وسيطر المقاتلون المعارضون على قرية خربة الجوز في جسر الشغور بمحافظة إدلب بعد معارك استمرت ساعات، بحسب المرصد الذي اكد ان المقاتلين رفعوا "علم الثورة" وسيطروا على حواجز للقوات النظامية.
وادت الاشتباكات الى سقوط "ما لا يقل عن 25 (جنديا) من القوات النظامية واصابة العشرات منهم بجراح"، في حين قتل ثلاثة من المقاتلين المعارضين "بينهم قائد كتيبة"، بحسب ما افاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن وكالة فرانس برس، مشيرا الى استمرار الاشتباكات على اطراف البلدة.
وتبعد القرية نحو كيلومترين عن الحدود السورية التركية، وهي مقابلة لقرية غوفيتشي بمحافظة هاتاي التي سقطت فيها صباحا قذيفة مصدرها الاراضي السورية من دون ان يسفر انفجارها عن ضحايا، لكن الجيش التركي رد عليها بمثلها، بحسب بيان تركي.
واطلق الجيش التركي اربع دفعات من قذائف الهاون على مصدر القصف الصادر عن بطارية للقوات النظامية السوري في خربة الجوز، بحسب بيان لمحافظة هاتاي اشار ايضا الى ان القصف السوري كان يستهدف مقاتلين معارضين ينتشرون قرب الحدود.
وتقوم المدفعية التركية بالرد على اهداف داخل سوريا منذ ان ادى سقوط قذيفة اطلقت من الجانب السوري الاربعاء، الى مقتل خمسة مدنيين اتراك في قرية اكجاكالي الحدودية في جنوب شرق تركيا.
وفي اعقاب الحادث، منح البرلمان التركي الخميس حكومة بلاده تفويضا بشن عمليات عسكرية داخل سوريا، لكن رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان سارع الى التأكيد ان بلاده لا تنوي شن حرب على سوريا.
لكن اردوغان نفسه حذر سوريا من تكرار استهداف الاراضي التركية، قائلا الجمعة امام جمع من انصار حزبه "العدالة والتنمية" في اسطنبول "اقولها مجددا لنظام الاسد ولانصاره: لا تغامروا باختبار صبر تركيا (...) تركيا ستخرج من هذا الحادث منتصرة بدون اي خدش وستواصل طريقها". اضاف "اما انتم فستسحقون تحته، ستدفعون ثمنا باهظا جدا".
وفي دمشق قال التلفزيون السوري في شريط عاجل ان الرئيس الاسد "زار السبت صرح الشهيد في جبل قاسيون في دمشق في ذكرى حرب تشرين التحريرية".
وبث التلفزيون في وقت لاحق مشاهد للاسد وهو يصافح عددا من المسؤولين الرسميين والعسكريين عند النصب، ويقبل فتيات عانقنه اثناء مغادرته المكان، من دون ان يدلي بتصريح.
وفي المناسبة نفسها باشرت اذاعة سوريانا وقناة التلاقي الاخبارية بثهما "لمواجهة الغزوة الاعلامية الكبيرة" التي تقول السلطات ان البلاد تتعرض لها من قبل "الاعلام المغرض". وقال رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي اثناء افتتاح الوسيلتين بصحبة وزير الاعلام عمران الزعبي "ان المكون الاساسي لهذه الازمة هو المكون الاعلامي".
واستحوذت الذكرى على جانب كبير من تعليقات الاعلام الرسمي، لا سيما لجهة المقارنة بينها وبين "العدوان الجديد" الذي تتعرض له سوريا، في اشارة الى النزاع المستمر منذ اكثر من 18 شهرا.
واعتبرت وكالة الانباء الرسمية (سانا) ان سوريا "تواجه حاليا ما واجهته قبل تسعة وثلاثين عاما عدوا مسلحا بأسلحة غربية صهيونية هدفها تدمير سوريا الدولة المقاومة والنيل من شعبها الذي أسند إليه منذ بداية التكوين مهمة حماية المنطقة وإسقاط كل مشاريع الهيمنة والعدوان المعدة لاستهدافها".
واعتبرت صحيفة الثورة الحكومية في افتتاحيتها ان الفارق بين "المعركتين" يكمن في ان "التضامن العربي الذي كان أحد أهم مشاهد الانتصار على المستوى السياسي يدخل في غيبوبة الاحتضار".
ويتهم النظام السوري دولا غربية وعربية بدعم المعارضة والمقاتلين المعارضين الذين يعملون على اسقاطه، ويستخدم عبارة "الجماعات الارهابية المسلحة" لوصف هؤلاء المقاتلين.
تزامنا استمرت اعمال العنف السبت لا سيما في حمص (وسط) بحسب المرصد، في حين اعلن التلفزيون الرسمي القضاء على عدد من "الارهابيين" في حلب (شمال) بينهم اربعة اتراك.
واوضح المرصد انه "ارتفع الى عشرة عدد الشهداء الموثقين الذين سقطوا خلال الاشتباكات والقصف الذي تتعرض له بلدة الطيبة الغربية (بريف حمص) والتي نزح عنها غالبية سكانها"، مشيرا الى ان من بين هؤلاء "ستة مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة سقطوا خلال اشتباكات مع القوات النظامية التي تحاول اقتحام البلد".
كذلك استمر السبت القصف العنيف على حي الخالدية وسط مدينة حمص من قبل القوات النظامية "التي تحاول اقتحامه من عدة محاور"، بحسب المرصد.
وكان الحي عرضة للاستهداف بالطيران الحربي الجمعة، وهي المرة الاولى تلجأ القوات النظامية الى هذا السلاح في ضرب حمص، ثالث كبرى مدن البلاد والمعقل الاساسي للمقاتلين المعارضين، والتي شهدت معارك عنيفة استمرت اشهرا، ولا تزال احياء فيها تحت الحصار وتتعرض للقصف.
وفي دمشق يشهد حي المهاجرين انتشارا كثيفا لعناصر الامن مع تمركز عدد من القناصة "وعمليات دهم وتفتيش للمنازل في الحي"، بحسب المرصد.
وفي ريف دمشق تعرضت بساتين الغوطة الشرقية للقصف بحسب المرصد، الذي اشار الى تركيز القوات النظامية على بلدة اوتايا بالطيران الحربي والمروحي، غداة اسقاط المقاتلين مروحية في المنطقة حيث تشدد القوات النظامية حملتها.
وفي حلب كبرى مدن شمال سوريا، تعرضت احياء السكري والعامرية والمرجة ومساكن هنانو والفردوس والصالحين والسكري والفردوس للقصف، بحسب المرصد.
ونقل التلفزيون السوري ان "وحدة من قواتنا الباسلة تدمر سيارتين مزودتين برشاشات دوشكا وسبع سيارات نوع مرسيدس بمن فيها من الارهابيين بينهم اربعة اتراك عند منطقة الاشارات في بستان القصر بحلب".
من جهة اخرى افادت وكالة سانا ان سوريا تسلمت اليوم 24 طنا من المستلزمات الطبية والادوية كمساعدة قدمتها اليها موسكو ووصلت الى دمشق صباح السبت على متن طائرة روسية.