«رحلة البحث عن الحج» كان هو العنوان الأبرز للحجاج الكينيين الذين واصلوا الليل بالنهار، وقطعوا الأودية والمدن والهجر وصولاً إلى المشاعر المقدسة لأداء مناسك الحج، إذ انطلقت رحلة الحاج عبدالله أرسلان ورفاقه بسيارتهم العتيقة من «مومباسا» في أقصى القارة الإفريقية شرقاً لتتوجه مركبتهم إلى ميناء بورتسودان شمالاً، مروراً بثلاث دول إفريقية بداية من كينيا، مروراً بإثيوبيا، وصولاً إلى السودان، ليستقلوا البحر بعد أن قطع عليهم رحلتهم حتى وصلوا إلى المحطة الأخيرة في ميناء جدة الإسلامي، ونصب أعينهم مدينة الأيام الخمسة منى التي يبلغ تعداد سكانها خلال هذه الفترة سنوياً أكثر من ثلاثة ملايين حاج، لكنهم بانقضائها يعودون من حيث أتوا. ومع فرحة الوصول التي بدت على تقاسيم وجوه الحجاج رغم طول المسافة، تحدث قائد الرحلة عبدالله أرسلان إلى «الحياة» عن الأسباب التي جعلتهم يختارون رحلتهم براً، وقال: «على رغم صعوبة السفر براً في القارة الإفريقية عبر الطرق الطويلة والوعرة مروراً بالدول والقرى والهجر إلا أننا فضلنا السفر براً قاصدين الدعوة إلى الدين الإسلامي، فطريقنا كان يمر بكثير من القرى».
وأضاف: «كلما دخلنا قرية صغيرة توقفنا فيها ودعونا أهلها إلى الله بالموعظة الحسنة، ووجدنا ترحيباً من الأهالي، على رغم القسوة المعيشية التي يعاني منها سكان بعض القرى من انعدام الماء والكهرباء بين الحدود الإثيوبية والكينية».
وعن الشعور الذي لازم الحجاج خلال الرحلة، أوضح عبدالله علي أحد أفراد الرحلة، أن جميع الحجاج لم يركزوا على شيء من أمور الدنيا، أكثر من هم الوصول إلى المشاعر المقدسة مع الحرص على الدعوة، وقال: «فرحتنا بالوصول ليس سوى توفيق من الله». مشيراً إلى الصعوبات التي تعرضوا لها خلال الرحلة، قائلاً: «كادت سيارتنا تتعرض للغرق عندما دهمتنا السيول والأمطار الغزيرة قريباً من الحدود الإثيوبية الكينية، إلا أن إصرارنا جعلنا نعبر المياه بعد أن امتلأت المركبة بالوحل والطين».
وتفاجأت الرحلة باعتراض البحر أثناء سيرهم، الأمر الذي جعلهم يكملون الرحلة بحراً، يوضح عبدالله أن «فكرة الوصول إلى مكة كان مقرراً لها أن تكون مشياً على الأقدام، لولا أن السفر يأخذ مدة ثلاثة أشهر على أقل تقدير وهذا لا يتوافق مع وقت إصدار (فيزا) الحج».