ناضلت المرأة الكويتية وخاضت معركة شرسة وضارية وطويلة لنيل حقوقها السياسية، والوصول إلى الكرسي الأخضر تحت قبة قاعة عبدالله السالم، لتشارك في صنع القرار وتطوير الحياة السياسية والاجتماعية في الكويت.
وبدأت المرأة في الكويت معركتها ضد التهميش والسعي لتفعيل مبدأ الديمقراطية منذ أربعة عقود، حيث طالبت بممارسة حقها السياسي، وواجهت عدة اتجاهات مختلفة أولها اتجاه إسلامي مناوئ لحق المرأة في الانتخابات والتشريع، واتجاه وسط يدعو إلى تلافي الصدامات وتأجيل مناقشة المسألة، واتجاه متردد تراوح بين التأييد والرفض والشرعية وعدم الشرعية، واتجاه مؤيد مضاد للاتجاه الإسلامي.
أما عن المعوقات لمشاركتها في الحياة السياسية، فكان أمامها معوقات تتصل بنقص الوعي لدى المرأة الكويتية والحركة النسائية هناك، ومعوقات اجتماعية تتصل بطبيعة المجتمع الكويتي التي تغلب عليها القبلية والتقليدية والتدين، ومعوقات قانونية حيث لا يجيز القانون الكويتي للمرأة حق الانتخاب والتشريع.
رحلة المرأة الكويتية في بحر السياسة بدأت عام 1971 من خلال مذكرة أعدتها الناشطة والمؤرخة الكويتية نورية السداني بوصفها رئيسا للجنة "يوم المرأة العربية في الكويت" آنذاك وقد أحال رئيس مجلس الأمة تلك المذكرة في 13 يناير من نفس العام إلى لجنة الشكاوى والعرائض التي وافقت بدروها على التوصيات وأحالتها للنقاش تحت قبة البرلمان، إلا أن الأعضاء وبعد نقاش مستفيض ومطول استمر ثلاث جلسات قرروا عدم الاعتراف بحق المرأة في الانتخاب والترشح.
بعدها تكرر مسلسل الرفض لمشاريع قوانين مفصلة يحق للمرأة من خلالها ممارسة حقوقها السياسية، قدمت من قبل نواب في البرلمان الكويتي منذ 1972 حتى 1996 دون أن يكتب لها أن ترى النور.
ثم بدأت الأمور تأخذ منحى رسميا بعض الشيء من خلال مجلس 1999، حيث قام أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح بإبداء رغبة بإقرار الحقوق السياسية للمرأة في الترشيح والانتخاب لمجلس الأمة اعتبارا من انتخابات 2003 .
وقد أقر مجلس الوزراء مرسوم قانون حقوق المرأة السياسية ولكن لم تحظ تلك الرغبة بقبول أغلبية نواب مجلس الأمة وسقط المشروع الحكومي بفارق صوتين.
أما محطة الحسم، فكانت في 16 مايو 2005 عندما أقر مجلس الأمة بعد جلسة ماراثونية منح المرأة كامل حقوقها السياسية في الترشيح والانتخاب وبأغلبية تمثلت في تأييد 35 عضوا مقابل رفض 23 عضوا، ليصبح الباب أمام حواء الكويتية مشرعا لممارسة كامل حقوقها السياسية في البلاد.
واعتبر المراقبون هذه الجلسة من أصعب الجلسات في تاريخ الحياة البرلمانية الكويتية.
ووافق المجلس على مشروع الحكومة المتضمن السماح للمرأة الكويتية بممارسة حقوقها السياسية في الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية في مداولته الثانية وأحاله إلى الحكومة لإصداره كقانون يتم تنفيذه على أرض الواقع فيما بعد.
وغمرت الفرحة ردود فعل الحركة النسوية الكويتية التي وصفت هذا التطور بأنه "تاريخي".
ورغم حداثة تواجد المرأة تحت قبة قاعة عبدالله السالم إلا أنها أبلت بلاء حسنا في رأي الكثيرين حيث شاركت في إنجاز 4 قوانين تخص المرأة. كما تم إقرار قانون الرعاية السكنية بمقترحات نيابية شاركن فيها النساء.
وشاركت النائبات في إقرار تعديلات على قانون التأمينات الاجتماعية وكن الأكثر حضورا والتزاما في لجان المجلس حيث أن أهمية تلك اللجان ترجع إلى أنها الآلية التي يتم من خلالها إعداد التشريعات.
اليوم وبعد أربعة عقود على النضال، ترشحت 14 امرأة فقط لمجلس الأمة الكويتي في انتخابات هذا العام، عدد قد يكون كبيرا في ظل دعوات مقاطعة وحملات تحذر من المشاركة في الانتخابات رفضا لقانون الصوت الواحد الذي أصدرته الحكومة لتجري بموجبه الانتخابات.
وضآلة العدد تتضح بالمقارنة مع الانتخابات الثلاثة السابقة التي شهدت حضورا نسائيا بارزا على قوائم المرشحين، ففي انتخابات عام 2008 وصل عدد المرشحات إلى 28 مرشحة وبلغ عددهن 19 مرشحة 2009، ليرتفع بعدها إلى 29 مرشحة في الانتخابات التي جرت مطلع هذا العام وأبطلتها المحكمة الدستورية.
لكن اللافت في عدد هؤلاء المرشحات هو غياب أسماء بارزة. ففيما قررت رولا دشتي وأسيل العوضي الغياب عن الترشح قررت معصومة المبارك أول امرأة في تاريخ الكويت تدخل مجلس الأمة ترشيح نفسها مجددا أملا في تحقيق المجد مرة جديدة.
وعينت معصومة المبارك وزيرة عام 2005 بمجرد إقرار مجلس الأمة لحق النساء في المشاركة في الانتخابات تصويتا وترشحا، فكانت أول امرأة تحظى بهذا الشرف البارز في تاريخ البلاد.
لكن نظرة سريعة إلى برامج النساء المرشحات تكشف غياب البعد النسائي، ففيما كانت مكافحة الفساد هي العنصر الأبرز في هذه البرامج تنوعت بقية العناصر ما بين الاهتمام بالشباب ومحاربة القبلية والارتفاع بمستوى الخدمات، ما يعني أن حتى من ترشحن لدخول البرلمان من النساء لم يحاولن حتى تطوير ما حققته النساء من مكاسب على مستوى العمل البرلماني والسياسي في الكويت.
وعلى أي حال فدور المرأة في انتخابات عام 2012 بالكويت لا يبرز فقط من خلال الترشح بل من خلال التصويت.
ففي جميع الدوائر تقريبا تفوق أعداد الناخبات أعداد الناخبين وبفوارق تزيد على آلاف الأصوات ما يعني أن من ينجح في حشد أصوات الناخبات يضمن بشكل شبه مؤكد الفوز خاصة مع تطبيق نظام الصوت الواحد.
لكن النساء وللمفارقة قد لا يمنحن أصواتهن للنساء بل إن كثيرا من النساء قد يعتبرن أن الرجل أمين على مصالحهن أكثر من بنات جنسهن، حسبما يرى كثيرون.