يرى كثير من المراقبين أن الهجوم الذي شنه عشرات المسلحين على المنشأة النفطية في "إن أميناس" بالجزائر، واحتجاز عشرات الرهائن، بينهم عدد كبير من الأجانب، على أنه ربما يكون "عملاً منفرداً"، انتقاماً من العملية العسكرية التي بدأها الجيش الفرنسي ضد "الإسلاميين" في مالي، إلا أن الشخصية التي أعلنت مسؤوليتها عن هذا الهجوم، أثارت كثيراً من الانتباه.
وينظر هؤلاء إلى الرجل، ويُدعى مختار بلمختار، جزائري الجنسية، وهو أحد أبرز القادة السابقين في تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، على أنه واحد من أقوى زعماء عصابات التهريب في منطقة الصحراء الأفريقية، بحيث يمكنه تهريب أي شيء، بدءاً من السجائر، وحتى اللاجئين.
وفقد بلمختار، ويُعتقد أن اسمه الحقيقي خالد أبو العباس، إحدى عينيه خلال مشاركته في حرب أفغانستان، بينما كان لا يزال في عمر المراهقة، مما جعل البعض يطلقون عليه اسم "الأعور"، إلى جانب عدة أسماء مستعارة أخرى، منها "السيد مارلبورو"، كما كان هدفاً لعدة عمليات قامت بها وحدات فرنسية لمكافحة الإرهاب.
ولد بلمختار عام 1972 في إحدى البلدات الصحراوية بجنوب الجزائر، وسافر إلى أفغانستان عام 1991، حيث انضم إلى "المجاهدين" في القتال ضد الحكومة الشيوعية، ثم عاد إلى الجزائر حيث انضم إلى "الجماعة الإسلامية المسلحة"، التي شنت عدة عمليات ضد الحكومة الجزائرية.
وخلال السنوات القليلة الماضية، تمكن بلمختار من تشكيل جماعة جديدة، أطلق عليها اسم "كتيبة الملثمين"، تحت لواء تنظيم القاعدة، كما تمكن من تجنيد عدد كبير من المسلحين وضمهم إلى جماعته، التي لقيت أيضاً بعض الدعم من الجماعات المحلية، وشكل خلايا تابعة له انتشرت في مختلف أرجاء المنطقة.
وتقع منشأة الغاز التي هاجمها أتباع بلمختار فجر الأربعاء الماضي، في واحدة من أبرز المناطق التي ينشط فيها مسلحو القاعدة وعناصر جماعات "جهادية" أخرى، نظراً لضعف سيطرة الحكومة المركزية على الحدود مع ليبيا، التي تبعد 50 كيلومتراً فقط، أي حوالي 31 ميلاً، عن "إن أميناس."
وأبلغ متحدث باسم بلمختار مواقع إخبارية موريتانية بأن الهجوم على المنشأة النفطية يأتي انتقاماً لسماح السلطات الجزائرية بمرور المقاتلات الفرنسية عبر أجوائها، لشن غاراتها على مواقع "الإسلاميين" في مالي، إلا أن محللين إقليميين يعتقدون أنه من الصعب أن يتم التخطيط لهذه العملية المعقدة خلال أيام قليلة.
روبرت فولر، دبلوماسي كندي سابق تعرض للاختطاف من قبل جماعة بلمختار في النيجر عام 2008، قبل أن يلتقي الرجل نفسه، قال لـCNN: "أعتقد أن لديهم جناح استخباراتي، وأنهم يبحثون عن أي طرق محتملة لاختطاف رهائن غربيين، وتوريط الغرب وإرباك حساباته.. وهذا بالفعل ما يقومون بعمله الآن."
وخلال تسجيل مصور بلغت مدته 28 دقيقة، بثته بعض المواقع "الجهادية" الشهر الماضي، حذر بلمختار من أن كتيبة الملثمين سوف تقوم قريباً بعمليات ضد مصالح غربية في المنطقة، وقال: "سنرد وبكل قوة، وستكون لنا كلمتنا معكم، ووعد منا سننازلكم في عقر دياركم، وستذوقون حر الجراح في دياركم، وسنتعرض لمصالحكم."
وأعلن بلمختار عن تشكيل جماعة جديدة، ضمن "كتيبة الملثمين"، أسماها "كتيبة الموقعين بالدم"، قائلاً إنها ستكون درعاً ضد "الأعداء الغزاة"، وتبنت تلك الكتيبة الأخيرة، التي قال إنها ستضم "نخبة من أفضل شبابنا ومجاهدينا"، الهجوم على المنشأة النفطية في شرق الجزائر.