أصدر العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، مرسوماً في وقت متأخر من مساء الخميس، بتأجيل اجتماع مجلس الأمة "البرلمان"، في دورته غير العادية، حتى العاشر من فبراير/ شباط الجاري، في الوقت الذي مازال فيه الغموض يحيط بتشكيل الحكومة الجديدة، في ضوء نتائج الانتخابات التشريعية التي شهدتها المملكة في 23 يناير/ كانون الثاني المنصرم.
وقالت مصادر مقربة من دوائر صنع القرار، في تصريحات لـCNN بالعربية، إن تحديد آلية تشكيل الحكومة المقبلة، سيحكمها الشكل النهائي للكتل الائتلافية التي يجري "تجميعها"، وفق أسس ليست برامجية، فيما يتخوف مراقبون من العودة إلى فرز سلطتين تشريعية وتنفيذية، بوجود "شخصيات سابقة" خلقت "أزمات" سياسية واقتصادية، في الشارع الأردني.
وعبر أمين عام معهد الإعلام الأردني، الدكتور محمد المومني، عن اعتقاده بأن حالة الحيرة تنسحب على مطبخ القرار، بما فيه الديوان الملكي، مشيراً إلى أن خطتين رئيستين قابلتان للتنفيذ، في ظل عجز القوى السياسية والحزبية عن فرز كتل برامجية موحدة.
ورجح المومني، لـCNN بالعربية، أن الخطة "أ" ستعتمد توزيع أو تقسيم المواقع في الحكومة والبرلمان بين الكتل "ذات الأغلبية" البرلمانية، قائلاً إنها قد تكون بين كتلتين إلى ثلاثة، كما أشار إلى أن ترشيح اسم رئيس الحكومة المقبلة، سيوكل إلى الكتلة ذات الأغلبية، ليتناسب ذلك مع الرؤية الملكية الجديدة في تشكيل الحكومة.
إلا أن المومني شدد على أن الخطة "ب" ستكون جاهزة في حال فشل التوافق على اسم رئيس الحكومة، أو اعتراض "الديوان الملكي" على مرشح بعينه.
وبحسب المتحدث نفسه فإن الصعوبات التي تواجه تشكيل الكتل النيابية، لن تفضي إلى فرز أكثر من 3 إلى 5 كتل في مجلس عدد نوابه 150 عضواً، لافتاً إلى أن حسم رئاسة مجلس النواب ستحسم بالضرورة الطريقة الأمثل لتشكيل الحكومة.
وتتصدر شخصيات سياسية تقليدية معركة الكتل البرلمانية والتنافس على رئاسة المجلس وتشكيل الحكومة، من طراز عبد الهادي المجالي، وعبد الكريم الدغمي، وعاطف الطراونة، وهم نواب سابقون يحظون بثقل عشائري وسياسي.
كما قفز إلى المشهد حزب "الوسط" الإسلامي، الذي حاز على 13 مقعداً للمرة الأولى، حيث يعد البديل "المرحلي" للتيار الإسلامي السياسي، في ظل مقاطعة جماعة الإخوان المسلمين، وذراعها السياسية حزب "جبهة العمل الإسلامي."
لكن المحلل السياسي، ماهر أبو طير، فقد أعرب عن أن هناك "معضلة كبيرة" تحيط بالمشهد السياسي، مشيراً إلى ما وصفها بـ"مخاوف حقيقية من استنساخ آلية تشكيل الحكومات."
وقال أبو طير لـCNN بالعربية: "هناك من يرى فرصة لمنح الرئيس (عبد الله) النسور بالعودة لرئاسة الحكومة، لاستكمال مهام بعينها، لكن فريقاً يرى بضرورة تغييره، لمنع ولادة شبكة منفعة مسبقة بين النسور والنواب، الذين جاؤوا في ظل حكومته."
كما اعتبر المحلل المقرب من دوائر صنع القرار في الأردن، أن "اختيار النواب لرئيس الحكومة، يعني أنه منح ثقة مسبقة، ولم يكرس مبدأ الفصل بين السلطات"، لافتاً إلى أن "هناك وضع شائك، وشخصية رئيس الحكومة المقبلة غير معروفة.. والكتل البرلمانية ستنفرط عند أول اختبار قادم."
وأوكل العاهل الأردني لرئيس الحكومة الحالي الاستمرار بعمل حكومته، حتى الانتهاء من المشاورات النيابية، كما عين رئيس الحكومة السابق، فايز الطراونة، رئيساً للديوان الملكي، حيث تصفه أوساط بـ"المحافظ التقليدي."
في الأثناء، يرى مراقبون أن جماعة الإخوان المسلمين خسرت المشهد السياسي بمقاطعتها للانتخابات، ورفضها المشاركة في أي حكومة لا تمثل "حكومة إنقاذ وطني"، وهو ما علق عليه المومني بالقول: "دوائر القرار لا ترى اليوم أن هناك حاجة لإشراك الإخوان، في ظل رفضهم الإصلاحات."
لكن مصادر مطلعة لم تستبعد لـCNN بالعربية، أن يعود الرئيس النسور ويعهد بفتح قانون الانتخاب من جديد وتعديله، في خطوة تمهيدية لعودة الإخوان.