أعلن وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي (مستقل) مساء الجمعة ان الجيش قام بتامين ضريح المعارض شكري بلعيد الذي اغتيل الاربعاء بالرصاص امام منزله ودفن الجمعة في مقبرة الجلاز بالعاصمة وذلك بعد ورود انباء عن اعتزام سلفيين نبش قبره واخراج جثمانه بدعوى انه "كافر وملحد" ولا يجوز دفنه في مقابر المسلمين.
وقال الزبيدي في تصريح لتلفزيون نسمة التونسي الخاص ان الجيش اتخذ "كل الاحتياطات" وقام ب"تامين الضريح" حتى قبل ورود الانباء المتعلقة باعتزام سلفيين تدنيس قبر بلعيد المعارض اليساري.
والجمعة اعلن ابو عياض التونسي زعيم تنظيم انصار الشريعة السلفي الجهادي في بيان "ندعو جميع المسلمين الذين ترحموا على ملحد معاد للاسلام واعتبروه شهيدا ان يتوبوا الى الله وان يراجعوا دينهم".
وقال "نذكر بالحكم الشرعي في امثال هؤلاء ، اذا نفق منهم احد فانه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقار المسلمين وهذا اجماع قطعي".
ودعا متشددون على صفحات فيسبوك الى اخراج جثمان شكري بلعيد من المقبرة لانه "كافر". ورد نشطاء انترنت على هذه الدعوات بنشر حوار تلفزيوني سابق مع شكري بلعيد قال فيه ان والده حفظه القرآن منذ صغره وانه (بلعيد) حفظ بدوره القرآن لابنته.
وكان بلعيد (48 عاما) يعتبر من اشرس معارضي حزب النهضة اهم احزاب الائتلاف الثلاثي الحاكم.
واعتبرت رئاسة الجمهورية شكري بلعيد "شهيدا من شهداء الثورة" التونسية التي اطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. ودفن بلعيد في "مربع الشهداء" بمقبرة الجلاز عند المدخل الجنوبي للعاصمة.
وقالت وزارة الداخلية ان نحو 40 الف شخص شاركوا في تشييع الجنازة التي تحولت الى تظاهرة ضد حزب النهضة الاسلامي الذي وجهت اليه اصابع الاتهام في هذه الجريمة التي لا سابق لها في تاريخ تونس المستقلة ويتحمل مسؤولية الازمة الامنية والسياسية التي تغرق فيها البلاد منذ اشهر.
ودعا الزبيدي في المقابلة الى ابعاد الجيش عن "التجاذبات" السياسية في تونس. وقال "المؤسسة العسكرية تعهدت بحماية اهداف الثورة، وهي تواصل حماية اهداف الثورة".
واضاف ان مؤسسة الجيش "لا تخدم احزابا ولا اشخاصا (..) خاصة ان البلاد مازالت في حاجة اليها" ولذلك "فلنتركها في مناى عن كل التجاذبات" السياسية في تونس التي شهدت الجمعة اضرابا عاما بالتزامن مع تشييع جنازة معارض يساري اغتيل الاربعاء بالرصاص امام منزله.
وبين الوزير ان الجيش التونسي لا "يعمل بالتعليمات والتوصيات" في اشارة الى تقاليد جيش تونس الجمهوري الذي لا يتدخل في الحياة السياسية.
واكد ان "الجيش يعرف ماذا يفعل وقد عمل بنفس الطريقة مع كل الحكومات وحتى في (..) غياب السلطة (بعد الاطاحة ببن علي) والفراغ السياسي والشرعي، عرف كيف يشتغل وكيف ينقذ البلاد".
وأضاف "هذا الكلام قلته في عديد المناسبات، وفي جلسة ضمت الرؤساء الثلاث (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس التاسيسي) حتى تكون المؤسسة بعيدة كل البعد عن التجاذبات السياسية".
يشار الى ان رئيس الجمهورية هو في تونس القائد الاعلى للقوات المسلحة.
وجاءت تصريحات وزير الدفاع في معرض تعليقه على تصريحات ادلى بها الهادي بلعباس وزير الدولة للخارجية والناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر (شريك حركة النهضة الاسلامية الحاكمة في الائتلاف الحاكم).
وكان بلعباس صرح خلال مشاركته في برنامج حواري تلفزيوني مباشر ان رئيس الجمهورية منصف المرزوقي سخر الجيش الوطني لتامين جنازة بلعيد.
وعلق الزبيدي "منذ امس (الخميس) وانا اسمع ان الجيش له تعليمات وسخروه لتأمين موكب دفن" جثمان بلعيد و"أريد ان اقول ان الجيش لا يعمل بالتعليمات والتوصيات".
وكان بلعيد الذي يعتبر من اشرس معارضي حزب النهضة اهم احزاب الائتلاف الثلاثي الحاكم.
واضاف وزير الدفاع مخاطبا بلعباس "قلت ان رئيس الجمهورية سخر المؤسسة العسكرية لتامين موكب الدفن، هذا ليس صحيحا وحتى وان كان صحيحا فان مثل هذا الكلام لا يجب ان يصدر إلا من رئيس الجمهورية وليس من ناطق رسمي باسم حزب من الاحزاب".
واشار الوزير الى ان هذه المرة الاولى التي يتدخل فيها في وسيلة اعلام تونسية منذ تسلمه حقيبة الدفاع قبل اكثر من عامين.