كشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور محمد الفعيم، وكيل الوزارة المساعد للإسناد القضائي، أن وزارة العدل السعودية أكملت البرنامج الزمني لشغل الوظائف بمكاتب الصلح الذي أقره مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، على أن يتم إحالة القضايا على وجه السرعة إلى هذه المكاتب، والتي لن تكون بصورة إلزامية، إلا أنه لم يحدد مدة زمنية لانتهاء مراكز الصلح من النظر في القضايا، مشيرا إلى أن الأمر يعود بذلك إلى الأطراف ومدى تجاوبها بحيث قد تنتهي القضايا في جلسة أو جلستين.
وأضاف الفعيم، أنه بمجرد صدور القرار الملكي باعتماد نظام الصلح بدأت وزارة العدل السعودية وضع اللائحة التنفيذية لمشروع مركز تنظيم المصالحة، مفيدا أنه فور إقرار المشروع ستتضح الرؤية للأفراد كافة، وزاد بقوله: «اللائحة ستستهدف جميع أنواع النظر القضائي الحقوقية ومنها الأحوال الشخصية، وعلى الخصوص القضايا الأسرية مما سينعكس على الحد من النظر القضائي لدى القضاة».
وحول مدى مشاركة المرأة في مكاتب الصلح، ذكر الدكتور الفعيم أن المرأة تعد الأقدر في التعامل مع الوظائف المتعلقة بالشؤون الاجتماعية والنفسية مثنيا على قدرتها الفعالة بالتواصل مع الآخرين، مضيفا أن الوزارة تعمل حاليا على شغل مجموعة من الوظائف النسائية في وزارة العدل، مؤكدا توجه وزارة العدل السعودية لإقرار المشاركة النسوية، والتي هي في طور الإعداد بحسب ما ذكر، كاشفا عن طلب الوزارة بتوفير 370 وظيفة نسائية والتي ستكون من ضمنها وظائف للمرأة في مكاتب الصلح.
من جهته توقع لـ«الشرق الأوسط» مصدر قضائي، أن تفتح مكاتب الصلح سبل التوفيق بين المتقاضين بطريقة مؤسسية منظمة وناشطة، يمكن من خلالها إتاحة النشاط من منظومة القطاع الخاص تحت إشراف وزارة العدل والمحاكم الشرعية، مضيفا أنه من خلال مكاتب الصلح سيتحقق تخفيف الأعباء القضائية على قضاة المحاكم الشرعية.
وأضاف المصدر أن فكرة مراكز الصلح انبثقت من خلال دراسة تجربة لجان إصلاح ذات البين، المتواجدة في بعض إمارات المناطق سابقا، والذي بدا كتنظيم قبل أربعة أعوام، وتمت مراجعته حتى بات ما يطلق عليه تنظيم الصلح والتوفيق، والذي اعتبره المصدر القضائي أنه وصل إلى صورة قابلة للتطبيق في الوقت الراهن.
وتشارك في هذا الوقت وزارة العدل، ممثلة في وكالة الوزارة للإسناد القضائي في المؤتمر الدولي العشرين للعلاج والإصلاح الأسري بالولايات المتحدة الأميركية، وفق ما ذكره فهد البكران المتحدث الرسمي لوزارة العدل، أن المؤتمر استعرض أهم الدراسات والتجارب الدولية الناجحة في مجال تقديم خدمات الإرشاد والإصلاح الأسري، لدعم التوسع في خدمات العلاج والإرشاد الأسري في المراكز الاجتماعية.
وتتكلف مكاتب الصلح المختصة بالنظر بكافة المنازعات القضائية، التي يجوز الصلح فيها باعتبارها الجهة الأولى للنظر واستقبال القضايا، وفي حال التوصل إلى حكم «تسوية مصالحة» فإنه يعد بمثابة سند تنفيذي تتم إحالته إلى قاضي التنفيذ لتطبيقه دون اللجوء إلى القضاء العادي.
كما أقامت وزارة العدل في وقت سابق عددا من الدورات الاجتماعية للعاملين في مكاتب الصلح؛ لبحث أهم الخيارات الاستراتيجية في الإسناد والدعم والتأهيل لهذه المكاتب، بالتعاون مع جامعات وبيوت خبرة دولية، إلى تزويد الاختصاصيين الاجتماعيين بالنظريات العلمية الحديثة في العلوم الاجتماعية، لدعم مكاتب الصلح والتوفيق، مع الاطلاع على المفاهيم العلمية الحديثة في مجال التطبيقات المهنية للصلح في القضايا الأسرية، نظرا لأهمية وجود الممارس الاجتماعي إضافة للركيزة الأساسية في مكاتب الصلح، وهو الإرشاد الشرعي بهدف إصلاح ذات البين من خلال الاطلاع على عمق الإشكالات، واعتبار الصلح خيارا شرعيا متاحا للجميع ـ غير إلزامي ـ كما يتم توثيق وثيقة الصلح من قبل القضاء من أجل رقابتها من الناحية الشرعية.