أعلنت السلطة الفلسطينية، الأحد، أن نتائج تشريح جثمان المعتقل عرفات جرادات تؤكد أنه توفي نتيجة التعذيب وليس جراء أزمة قلبية، في حين بدأ حوالي 3 آلاف معتقل فلسطيني في إسرائيل إضرابا عن الطعام ليوم واحد احتجاجا على وفاة المعتقل جرادات في سجن إسرائيلي.
ووسط مطالبات فلسطينية بتحقيق دولي واستنفار أمني إسرائيلي خوفا من احتجاجات واسعة في الضفة الغربية، أعلن وزير شؤون الأسرى، عيسى قراقع، في مؤتمر صحلفي لعرض نتائج التشريح الذي شارك فيه طبيب فلسطيني أن "نتائج التشريح أثبتت تعرض الأسير جرادات للتعذيب، وبينت أن قلبه سليم تماما ولا يوجد به أي اثار لتجلطات قلبية".
وبحسب النتائج الأولية التي اعلنها قراقع واستند فيها إلى مدير الطب الشرعي لدى السلطة الفلسطينية الذي شارك في عملية التشريح الأحد، فان جثة جرادات تحمل "آثار كدمات في الجهة اليمنى العلوية من الظهر، وآثار تعذيب في الجهة اليمنى من الصدر بشكل دائري، وكدمات عميقة في عضلة الكتف اليسرى، وكدمات تحت الجلد في الجهة اليمنى من الصدر".
وأضاف قراقع "هذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الرواية الإسرائيلية أن جرادات استشهد نتيجة جلطة قلبية هي رواية كاذبة، بل استشهد جرادات نتيجة تعذيب شديد وأحمل إسرائيل مجددا المسؤولية التامة عن قتلها العمد للشهيد جرادات".
إلى ذلك، توالت ردود الفعل المستنكرة والشاجبة وفاة جرادات، إذ أعلن "نحو ثلاثة آلاف معتقل" في السجون الإسرائيلية أنهم سيرفضون الوجبات الغذائية"، حسب الناطق باسم إدارة السجون الإسرائيلية، سيفان وايزمان.
كما عنونت صحيفة "إسرائيل هايوم" التي تعد قريبة من رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، "أحذروا أعمال الشغب"، مشيرة إلى "توتر داخل إدارة أجهزة الأمن التي تخشى حدوث اضطرابات وصدامات" بعد وفاة المعتقل الفلسطيني.
وقال مراسل "سكاي نيوز عربية" في رام الله إن مواجهات سجلت بالفعل في سجن عوفر الإسرائيلي بين سجناء فلسطينيين وحراسهم، بينما وقعت مواجهات أخرى في بيت لحم ورام الله ونابلس بالضفة الغربية.
وأضاف مراسلنا أن الجيش الإسرائيلي أعلن حالة الاستنفار الأمني خشية تفجر "انتفاضة ثالثة" في الأراضي الفلسطينية".
وكان قراقع طالب في حديث مع "سكاي نيوز عربية" بلجنة تحقيق دولية في وفاة جرادات. وقال إن إسرائيل تتحمل مسؤولية وفاة جردات، وإن المسؤولين الإسرائيليين دأبوا على التذرع بادعاءات كاذبة فيما يتعلق "باستشهاد أسرى فلسطنيين تحت التعذيب في السجون الإسرائيلية".
من جهتها، أكدت صحيفة معاريف ان "الجهاز الأمني بأكمله وخصوصا إدارات السجون في حالة تأهب معززة الأحد".
وجاءت وفاة جرادات بعد أكثر من أسبوع من اشتباكات اندلعت خلال احتجاجات داعمة لأربعة أسرى فلسطينيين مضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية.
وطالبت منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية بإجراء تحقيق شامل في سبب الوفاة. وقالت إن تحقيقات الشرطة يجب أن تشمل "الظروف الكاملة" المحيطة بوفات جرادات، بما في ذلك كيفية معاملته أثناء استجوابه من قبل جهاز الأمن الداخلي الإسرائيل "شين بيت".
من ناحيته، أوضح الناطق الإعلامي باسم حركة حماس فوزي برهوم أن ما وصفه بتواطؤ المنظمات الدولية مع القوات الإسرائيلية، وكذلك الصمت الدولي، شجع إسرائيل على قتل عرفات جرادات وغيره من المدنيين الفلسطينيين.
وقال الجهاز إن جرادات اعتقل في الثامن عشر من فبراير الماضي، بعد أن قال مقيمون في قريته بالضفة الغربية إنه اشترك في تراشق بالحجارة أدى إلى إصابة مواطن إسرائيلي.
وذكر شين بيت في بيان أن جرادات اعترف بضلوعه في ذلك، بالإضافة إلى اعتداء آخر شارك فيه بالضفة الغربية العام الماضي.
وأضاف أنه كان يعاني من آلام الظهر وأصيب برصاصة مطاطية وقنبلة غاز مسيل للدموع في الماضي، مضيفة أن طبيبا أجرى له فحوصات عدة مرات ولم يكتشف وجود أي مشاكل صحية، واستمر التحقيق معه.
وقال البيان "بعد تناول الغداء، استراح في زنزانته وشعر بوعكة. وتم إبلاغ خدمات الإنقاذ والطبيب المعالج له، إلا أنه لم ينجح في إنقاذ حياته".
وقال متحدث باسم شين بيت، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه تماشيا مع البروتوكول، إن جرادات لم يتعرض للضرب ولم يقم بأي أنشطة بدنية كانت ستؤدي إلى تدهور حالته الصحية.
وقال المتحدثة باسم مصلحة السجون الإسرائيلية سيفان وايزمان إن جرادات لم يضرب عن الطعام وتوفى بسبب أزمة قلبية.
وتسببت وفاته في إغضاب الفلسطينيين الذين يتظاهرون منذ أكثر من أسبوع لدعم آلاف الأسرى في السجون الإسرائيلية، وخاصة أربعة مضربين عن الطعام منذ فترة طويلة، أحدهم تدهورت حالته الصحية بسرعة.
وتحولت الاحتجاجات في كثير من الأحيان إلى اشتباكات عنيفة مع جنود إسرائيليين.
وقال مسؤولون في وزارة الدفاع إن رئيس أركان الجيش الجنرال بيني غانتس اجتمع بكبار المسؤولين العسكريين مساء السبت لمناقشة تصاعد التوتر في الضفة الغربية.
وفي الوقت نفسه، حذر العضو المخضرم بالكنيست الإسرائيلي بنيامين بن أليعازر من تصاعد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إذا لم يتم استئناف محادثات السلام.
وقال بن اليعازر للإذاعة الإسرائيلية الأحد "نحن على أعتاب انتفاضة جديدة"، مشددا على حتمية استئناف محادثات السلام، إذا أراد طرفا الصراع تجنب إراقة الدماء.
وأضاف وزير الدفاع السابق "حذرت من هذا منذ عدة أشهر. أنا أعرف هؤلاء الرجال وأرى علامات. أنا كشخص شهدت انتفاضتين، أقول أن هذه المرة ستكون دموية".
واندلعت انتفاضتان فلسطينيتان ضد الاحتلال الإسرائيلي. كانت الأولى عام 1987 واستمرت ما يقرب من ست سنوات. أما الثانية فكانت أواخر عام 2000 وامتدت نحو خمس سنوات.
وقتل أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني وألف إسرائيلي خلالهما.
وحث بن أليعازر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على استئناف المحادثات مع الفلسطينيين. وقال إن ذلك سيكون محور زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المنطقة الشهر المقبل.
وكان الفلسطينيون حملوا السبت اسرائيل مسؤولية وفاة المعتقل الفلسطيني عرفات جرادات (30 عاما) التي عزتها أجهزة الأمن الإسرائيلية إلى "وعكة صحية"، بينما يقول الفلسطينيون إنه لقي حتفه تحت التعذيب.
وقد أكد رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض أنه "صدم" بوفاة جرادات مطالبا السلطات الإسرائيلية بكشف "الأسباب الحقيقية" التي أدت إلى وفاته".
وأوضح نادي الأسير الفلسطيني أن جرادات اعتقل في الثامن عشر من شباط/فبراير الجاري، من بلدة سعير قرب الخليل بتهمة انتمائه إلى كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح.
وهو متزوج ولديه طفلان وزوجته تنتظر مولودها الثالث.