شنّ الملك الأردني عبد الله الثاني هجوما عنيفاً على عدد من قادة منطقة الشرق الأوسط وكل من حوله، ولم يسلم حتى أفراد عائلته المالكة وجهاز مخابراته وزعماء العشائر والدبلوماسيين الأميركيين من سهام نقده.
ففي مقابلة أجراها معه الصحفي جيفري غولدبيرغ ونشرتها مجلة "ذي أتلانتيك" الأميركية، قال الملك عبد الله إن عصر الملكيات بدأ ينقضي لكن عائلته لا تدرك هذا الأمر ولم تفهم بعد الدروس المستفادة من الربيع العربي، وإن الشعوب لن تتحمل الفساد.
وكذلك اتهم ملك الأردن جهاز مخابراته بعرقلة جهوده في الإصلاح السياسي، وبالتآمر مع المحافظين من النخب السياسية لمنع محاولاته لزيادة التمثيل الفلسطيني في البرلمان الأردني.
وشن الملك الأردني هجوما لاذعا على الإخوان المسلمين، بحيث علق الصحفي الأميركي الذي أجرى المقابلة على هذا الهجوم بالقول إن الملك عبد الله على يقين أن الجماعة تريد إقصاءه عن العرش.
وأشار الصحفي إلى أن المخابرات الأردنية أبلغت الملك أن القيادة العليا لتنظيم الإخوان في القاهرة تعمل بجد على إثارة الاضطرابات في الأردن.
ومن ثم هاجم بشدة الرئيس المصري محمد مرسي واصفا إياه بالسطحية وعدم العمق. وقال إنه يعيق حركة الإخوان المسلمين في مصر بتسرعه في فرض سلطته المطلقة على الأمور.
وعقد عبد الله مقارنة بين مرسي ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، إذ وصف الأخير بأنه أكثر تحفظا ويتبنى نهجاً أكثر عقلانية من الأول. وأضاف "بينما استغرق تطبيق النموذج التركي من ست إلى سبع سنوات، فإن مرسي أراد تنفيذ ذلك بين عشية وضحاها".
ومضى في وصف الإخوان المسلمين قائلا إنهم "ذئاب في ثياب حملان"، وإنهم "طائفة ماسونية"، وإن ولاءهم دوماً لمرشدهم العام.
واتسم حديث الملك عن أردوغان بنوع من الحذر، معربا عن اعتقاده أن حزب العدالة والتنمية في تركيا يتبنى نهجا إسلاميا أكثر نعومة.
وأكد عبد الله الثاني في حواره أن معركته الأساسية هي منع الإسلاميين من الحصول على السلطة في المنطقة. واتهم الملك الدبلوماسيين الأميركيين بالسذاجة، قائلا إنه حاول إثناء الغربيين عن وجهة نظرهم القائلة إن "الطريقة الوحيدة لإرساء ديمقراطية (في الوطن العربي) تمر عبر الإخوان المسلمين". وأضاف أنه "نشأ على الاعتقاد بأن المسيحيين واليهود جزء من عائلة أكبر".
وبسؤاله عن النظام السوري، وصف عبد الله الرئيس السوري بشار الأسد بأنه "شخص جلف تعوزه الكياسة"، وأنه عرض على عائلته اللجوء إلى الأردن وتعهد بحمايتها. وتابع "قالوا شكرا جزيلا، لماذا تبدي قلقك علينا وبلدك أولى بأن تقلق عليها أكثر منا؟".
وورد في نص المقابلة أن الملك عبد الله يعتبر حليفا مهماً للإسرائيليين، فهو يُعد "ضامنا لجبهة شرقية هادئة مع إسرائيل، ومدافعا عن معاهدة السلام التي أبرمها (والده) الملك حسين مع إسحق رابين في 1994".
وقال الصحفي غولدبيرغ إن عبد الله كان حذرا عندما تحدث عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، "الذي يُقال إنه على اتصال منتظم به". واكتفى الملك بالقول عندما وصف علاقته بنتنياهو إنها "قوية جدا، وإن مناقشاتنا تحسنت بالفعل".
ومع أنه يقر بالدور الذي لعبه نتنياهو في الحفاظ على استقرار الأردن، فإنه لم يكن متفائلا بمستقبل إسرائيل.
والمعروف عن الملك عبد الله -كما جاء في نص المقابلة- أنه من المؤيدين لقيام دولتين تضم شعبين هما إسرائيل في حدود ما قبل 1967 وفلسطين بحدود قطاع غزة والضفة الغربية.
لكن عندما سأله الصحفي الأميركي في مقابلة سابقة في يناير/كانون الثاني الماضي عما تبقى من وقت لتنفيذ فكرته هذه، جاءت إجابته على نحو مفاجئ إذ قال "ربما فات أوان حل الدولتين فعلا. لا أدري، يخالجني قلق بأن الوقت قد ولى بالفعل".
وأشار غولدبيرغ إلى أنه بدا واضحا له أثناء إجرائه المقابلة أن الملك عبد الله (51 عاما) مشغول البال بضمان انتقال سلس لعرش الأردن لابنه البكر حسين.
وقال إن عبد الله أوفد نجله حسين إلى واشنطن ليتيقن من أنه يفكر في السياسة على الطريقة الأميركية. والأمير حسين طالب في السنة الأولى بجامعة جورج تاون.