دفعت حادثة ناقلة الغاز بالعاصمة السعودية الرياض، التي وقعت أواخر شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2012 لإطلاق دراسة جمعت ثلاث جهات رسمية بالبلاد لتبني وضع لائحة لاشتراطات السلامة والحماية في نقل الغاز المسال بين المدن، وتحديد آليات لافتتاح مراكز البيع داخل الأحياء السكنية.
ومنحت اللائحة المنشآت والمحال القائمة وقت صدور هذه اللائحة مهلة زمنية تتراوح مابين ستة أشهر إلى سنة، يمكن تمديدها لفترة أخرى واحدة فقط لتطبيق الوارد باللائحة من اشتراطات وتعليمات، وألزمت اللائحة الجهة المختصة بالبلديات مراعاة أن يكون منح الترخيص أو تجديده وفقا لما هو وارد باللائحة.
وجاءت الفصول الأربعة من اللائحة لتقدم جملة من اشتراطات السلامة وسبل الحماية الواجب توافرها في محال بيع وتخزين أسطوانات الغاز البترولية المسالة، ووسائل نقلها وخزانات الغاز المسال، فيما لم تتضمن منعا لحركة الصهاريج الناقلة للغاز داخل وخارج المدن، بالإضافة إلى اقتصار شرط افتتاح محال بيع وتخزين أسطوانات الغاز على ابتعاده مسافة 25 مترا عن الأماكن العامة دون حظرها في الأحياء السكنية.
وبحسب اللائحة، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أقرت المادة الثالثة المسؤولية التضامنية الواقعة على المكاتب الفنية المتخصصة في أعمال السلامة، والأمن الصناعي والمعتمدة من قبل المديرية العامة للدفاع المدني، مع صاحب الترخيص عن أي خطأ أو تهاون أو تقصير.
وخصت اللائحة فصلا كاملا فيما يتعلق بمحال بيع وتوزيع وتخزين أسطوانات الغاز البترولية المسالة، مشتملة المادة الأولى بشأن الموقع والمبنى على 10 شروط يجب توافرها في المكان المعد لتخزين وبيع أسطوانات الغاز البترولي المسال.
اشترطت الفقرة الثانية من المادة الأولى إبعاد محال بيع وتوزيع وتخزين أسطوانات الغاز لمسافة 25 مترا، عن الأماكن العامة كالمساجد والفنادق والمقاهي والمطاعم، وكذلك الأماكن التي تستخدم مصادر اللهب كالأفران، والغلايات، وإبعاد المحال بمسافة لا تقل عن 10 أمتار عن أي مواد قابلة للاشتعال.
وفرضت اللائحة اعتماد جميع مكونات المبنى من مواد غير قابلة للاشتعال ومقاومة للحريق لمدة ساعتين على الأقل، وأن يكون المحل من طابق أرضي فقط مستقل ومواجه لشوارع وطرق متسعة تسمح بمرور ووصول السيارات الحاملة لأسطوانات الغاز وسيارات الإطفاء كبيرة الحجم، ومنع تخزين الأسطوانات أو إقامة أي منشآت أو أنشطة أسفل هذا الطابق أو أعلاه.
واشترطت أن يكون موقع المحل مستوفيا لاشتراطات الترخيص وفقا لمتطلبات البلدية والجهات الأخرى ذات العلاقة والدفاع المدني دون التعرض لباقي اشتراطات الترخيص التي تختص بها جهات أخرى، وأوجبت على البلدية التحقق من موافقة الجهات المعنية قبل إعطاء الترخيص.
واعتبرت المسؤول عن السلامة مسؤولا مباشرا عن عمل الفحوصات الشهرية والاختبارات الدورية كل 3 أشهر، وذلك سواء لمبنى المنشأة أو المحل وجميع التركيبات والمعدات والآلات الميكانيكية والكهربائية، بالإضافة إلى جميع وسائل السلامة ومعدات الإطفاء والمراقبة والإنذار وإصلاح أي عطل أو خلل فورا، معتبرة أي إهمال أو تقصير في هذا المجال من قبيل الإهمال الجسيم.
وأجازت اللائحة للجان الدفاع المدني وضمن حدود اختصاصها الإقليمي إعفاء المنشآت أو المحلات الواقعة على الطرق الخارجية، والمعزولة تماما عن العمران والمباني من شرط أو أكثر من الشروط الواردة بهذه الحالة بعد دراسة كل حالة بصفة مستقلة.
أما فيما يتعلق بتخزين الأسطوانات فألزمت اللائحة المحال بالاقتصار على عملية التخزين في داخل المحال وحظره في الخارج، ومنع تعبئة الأسطوانات أو أجهزة الإنارة بمحال بيع الأسطوانات.
كما منعت دخول أفراد الجمهور إلى أماكن التخزين، أو استخدامه مكانا للإعاشة أو لسكن العمال أو غيرهم، ملزمة في الوقت ذاته شركة الغاز الأهلية بعدم تسليم أسطوانات الغاز المسال سوى للمحال المرخص لها، وتوحيد طلاء أسطوانات الغاز البترولي المسال باللون البرتقالي.
وتناولت اشتراطات السلامة بفقرات منفصلة ما يتعلق بالجوانب الفنية سواء المتعلقة بالتهوية الطبيعية عن طريق النوافذ والفتحات والأبواب بحيث تكون كافية لتجديد الهواء بمحال توزيع أسطوانات الغاز المسال بصورة مستمرة أو التهوية الميكانيكية، بما في ذلك التمديدات والتركيبات الكهربائية ووسائل الإضاءة، واشتراط مطابقتها للمواصفات الفنية السعودية.
وحددت اللائحة مخزون كمية الغاز بالمحل في حدود 2000 كيلو جرام، ولا يسمح بأكثر من ذلك إلا بتصريح خاص من شركة الغاز، وبعد موافقة الدفاع المدني في حال كان موقع المحل ومساحته وطاقة توزيعه تسمح بذلك.
وبينت اللائحة أن حساب المساحة الكلية لمنطقة تخزين الأسطوانات تحدد بـ35 سنتيمتر مربع لكل أسطوانة غاز فارغة أو معبأة، على أن يتم تقسيم تلك الأسطوانات داخل المحل، عبر فصل المعبأة منها عن الفارغة.
وفيما يتعلق بالمناولة والتوزيع أوجبت على عمال التوزيع تركيب أسطوانات الغاز واسترجاع الفارغة منها، والتأكد قبل تركيب أو تجربة الأسطوانة من عدم وجود أي خطورة في أماكن استخدام أسطوانات الغاز، ملزمة صاحب الترخيص باستخراج فواتير للأسطوانات المباعة، ليتمكن المشتري من إعادتها في حالة وجود أي عيوب بها.
وذهبت اللائحة إلى تحديد نوعية معدات مكافحة الحريق داخل مراكز توزيع أسطوانات الغاز، حيث أقرت تزويد تلك المحال بعدد من طفايات حريق البودرة الكيميائية الجافة المتعددة لأغراض بما يتناسب مع مساحة المحل، وكمية الأسطوانات المخزنة به.
ودعت إلى تجهيز المحل بعدد من بكرات الخراطيم المخصصة لإطفاء بمعدل بكرة لكل 100 متر مربع من المساحة، ومشترطة أن يتم إيصال تلك البكرات بشبكة مياه الحريق العمومية أو من خزان مياه مزود بماكينة ضغط.
واشتمل الفصل الثاني والمتعلق بنقل أسطوانات الغاز البترولي المسال من مصانع التعبئة إلى محال البيع بواسطة الشاحنات المجهزة، والتابعة لشركة الغاز الأهلية السعودية، على ما يقارب العشرين فقرة لتحديد الاشتراطات الفنية الواجب توافرها في وسائل النقل، والتي تضمنت المنع قطعيا لوقوف سيارات نقل أسطوانات الغاز في الشوارع العامة ماعدا الفترة المخصصة للتحميل أو تنزيل الأسطوانات في محلات التوزيع فقط.
وأضافت إلى ذلك عدم تعريض الأسطوانات لأي صدمات أو دحرجتها أثناء التحميل أو التنزيل وإن كانت فارغة، وأن تكون مكابح السيارة (الفرامل) قوية وسليمة والكشف على تجهيزاتها بصفة دائمة، وإجراء الكشف والفحص الفني قبل كل رحلة للتأكد من تجهيزاتها.
وبشأن سرعة القيادة نصت الفقرة 17 «على السائق مراعاة الالتزام بحدود السرعة المتوسطة المقررة وعدم تجاوزها».
ولم تتناول اللائحة الصهاريج المخصصة لنقل الغاز البترولي المسال من مواقع التعبئة لملء خزانات الغاز المخصصة للمنازل أو المنشآت الأخرى، سوى بفقرة واحدة، حيث نصت: «لا يسمح مطلقا بنقل الغاز البترولي المسال من مواقع التعبئة لملء خزانات الغاز، سوى بواسطة السيارات الصهريجية المخصصة لهذا الغرض والتي تملكها شركة الغاز والتصنيع الأهلية «غازكو» ويجب أن تكون هذه الناقلات مطابقة للمواصفات والاشتراطات العالمية»، مع تطبيق شروط السلامة الواردة بنقل أسطوانات الغاز.
واعتبرت شركة الغاز الأهلية مسؤولة عن نوعية الغاز البترولي المسال المعبأ في الأسطوانات وعن مطابقته للمواصفات القياسية السعودية، كما تلتزم الشركة بكميات الغاز المقررة لكل نوع من الأسطوانات، وأن تكون الأسطوانات وصماماتها مطابقة للمواصفات والقياسية السعودية.
وألزمت اللائحة المسؤول عن السلامة تخصيص سجل يسمى (سجل السلامة) وفقا للنموذج المعد من قبل المديرية العامة للدفاع المدني، تختم جميع صفحاته بختم مركز الدفاع المدني المختص تدون فيه جميع الفحوصات الشهرية والاختبارات الدورية لأجهزة ووسائل السلامة والإطفاء والمعدات والأساليب المتبعة في الفحص ونتائج الأعطال وعمليات الإصلاح، يكون السجل تحت تصرف مندوب الدفاع المدني في جميع الأوقات للاطلاع عليه.
وأجازت للمسؤول عن السلامة إبلاغ مركز الدفاع المدني المختص بموعد إجراء الاختبارات الدورية لأجهزة ووسائل السلامة والإطفاء، والجهة القائمة به وذلك للاتفاق على موعد مناسب لحضور مندوب الدفاع المدني خلال الاختبارات وإثبات ذلك في السجل.
وسمحت اللائحة في الفصل الثالث تركيب خزانات الغاز البترولي المسال من قبل شركات فنية متخصصة طبقا للمواصفات العالمية، والتي يقوم بهذه الأعمال في السعودية حاليا شركة الغاز والتصنيع الأهلية.
واشترطت تخصيص مبنى منفصل يبنى من مواد مقاومة للحريق، ويكون سقفه من العناصر الخفيفة غير القابلة للاشتعال حتى يسهل انفصاله عند حدوث انفجار أو إزالته دون أن تتأثر الجدران، ومنع تركيب الخزانات داخل أو فوق المباني المستخدمة نهائيا، وأن تتولى الشركة المعنية بالتركيب عملية الصيانة والكشف الدوري المنظم على الخزانات والتوصيلات والمحابس بمعرفة فنيين متخصصين.
وقدمت اللائحة في فصلها الرابع الاحتياطات الوقائية الواجب على الأشخاص اتخاذها عند حدوث تسرب غاز، حيث نصت على منع كل المصادر الحرارية منعا باتا من منطقة التسرب بإخماد أي مواد مشتعلة ومنع التدخين قطعيا وإيقاف ما قد يوجد من قوى محركة، أو ماكينات أو موتورات ميكانيكية أو كهربائية، كما لا تستخدم التليفونات الموجودة بمكان التسرب، خشية حدوث ماس كهربائي يؤدي إلى اشتعال الغاز المتسرب ويفضل استخدام وسيلة أو تليفون من مكان آخر للإبلاغ.
وشددت اللائحة على إغلاق مصادر الغاز متى كان ذلك ممكنا، فيما أكدت على ضرورة إخطار جهاز الدفاع المدني فور التعرف على حدوث واقعة التسرب، مع التأكيد على فصل التيار الكهربائي كإجراء احترازي، بالإضافة إلى إخلاء منطقة التسرب من الأشخاص.
وأكدت اللائحة في فصلها الرابع على أهمية مساندة وحدات الدفاع المدني وكافة وحدات الخدمات العامة عبر تقديم المساعدة والمعلومات اللازمة لمباشرة تلك الأجهزة لعمليات مواجهة حادث التسرب، من خلال تحديد مصادر الغلق والسيطرة على الحادث.
يشار إلى أن حادثة ناقلة الغاز التي شهدتها العاصمة الرياض ناتجة عن ارتطام الناقلة بأحد الجسور الممتدة على الطريق الشرقي للمدينة، مما أدى في حينه إلى حدوث تسرب للغاز، نجم عنه انفجار أدى إلى تلفيات في عدد من معارض المعدات والسيارات المجاورة للموقع، كما نتج عنه حوادث مرورية تسببت في وقوع 24 حالة وفاة، وإصابة 133 آخرين وفقا للإحصاءات التي أعلنت عنها جهات حكومية في حينها.
وشكلت تلك الحادثة محورا لأحاديث سادت الأوساط الاجتماعية والإعلامية، التي دعت إلى إعادة قراءة وسائل السلامة والحماية الأمنية للنقل مصادر الغاز المسال بين المدن وداخل الأحياء السكنية، وهو ما دفع بكثير من المهتمين بالشأن العام لدعوة الجهات الحكومية والقطاع الخاص لمراجعة وسائل السلامة والكشف عن بواطن الخلل في الحماية لمراكز توزيع وبيع الغاز محليا.