حذرت وزارة الصحة ومديرية مكافحة المخدرات من عمليات نصب تمارسها بعض مراكز العلاج النفسي لمدمني المخدرات التي تستنزف جيوب أهالي المدمنين دون تحقيق نتائج ايجابية.
وقالت «مكافحة المخدرات» ان هذه المراكز لا يجوز لها علاج مدمني المخدرات، وان الكثير من العيادات النفسية تصرف وصفات طبية لحبوب «الزاناكس والروش والترامادول وليريكا» وهي مواد نفسية مهدئة تحتاج إلى عملية تقييد.
وقال عدد من السيدات في أحاديث لـ»المدينة» ان ابناءهم المدمنين تعرضوا لحالات نصب من مراكز علاج نفسي تعمل دون اشراف او رقابة وان جلسة العلاج التي لا تزيد على ربع ساعة يصل سعرها الى 300 ريال وهي عبارة عن كلام نظري لا يقدم اي علاج، وان ما يتم وصفه من قبل الطبيب لا يتجاوز حبوب الترامادول والزاناكس، بل ان ابناءهم خرجوا اكثر ادمانا على المخدرات عن ذي قبل.
وتقول خبيرة عالمية في الطب النفسي ان بعض الادوية المنتمية لفصيلة المهدئات الصغرى اذا اسيء استخدامها من قبل بعض الاشخاص وبدون اشراف طبي او ضرورة طبية قد تؤدي الى الاعتماد والادمان عليها.
«المدينة» رصدت عمليات النصب التي تعرضت لها بعض الاسر التي ابتليت بوجود ابناء مدمنين داخلها من خلال احاديث لبعض الامهات اللاتي اطلقن صرخة استغاثة خلال هذا التحقيق.
في البداية ترصد السيدة ام علي حكاية ابنها المدمن وتقول ان ابنها «احمد» البالغ من العمر 25 مدمن مخدرات وقد ساهمت مراكز العلاج النفسي في تأخر علاجه.
واضافت ان ابنها متفوق علميا منذ صغرة ولكنه ونظرا لمخالطته رفاق السوء بدء يتناول الخمر وعمره 16 عاما واستمر لسنوات يتناول المسكرات وتطور الامر الى أن وقع في تناول الحشيش وبعد ذلك الكبتاجون وفوجئنا انه اخذها عن طريق الشراء من البقالات.
و اضافت: رغم ذلك فقد حافظ ابني على تفوقه وحصل على بعثة لدراسة البكالوريوس في كندا والتحق هناك بكلية الهندسة ولكنه وللاسف استمر على تناول المخدرات خاصة الحشيش لانه يجده بسهوله هناك ولكنه تعرض لموقف خطير هناك حيث عرضت عليه عصابة لترويج المخدرات بين الطلاب مقابل الحصول عليها مجانا ولكن ولله الحمد خشي ابني من الامر فعاد الى السعودية والتحق بقسم ادارة مالية باحدى الجامعات في الرياض.
وتستمر في سرد حكاية ابنها وتقول: اضطررت للذهاب به الى احد المراكز الصحية النفسية، الا انني صدمت بوضعها السيئ من حيث عملية النصب واستنزاف اموالنا فمثلا اخذنا موعدا له من احد الاستشاريين النفسيين المشهورين في مجال العلاج في الطب النفسي وقالوا لنا ان قيمة الحصة 300 ريال فكنت اعتقد انها لمدة ساعة كاملة وبالفعل التقى بنا وجلست وابني لأفاجأ بالأسئلة التي اخذ يطرحها علينا وهي عاديه جدا لنفاجأ انه بعد مضي ربع ساعه يقول لنا انتهت جلسة العلاج الاول
واعطانا موعدا اخر ذهبنا اليه 3 مرات في كل جلسة ربع ساعه اضافة الى انه يقوم في كل مرة بصرف نوع جديد من الحبوب مثل (الزاناكس والترامادول) ولم تنفع في علاج ابني وفي الاخير رفض ابني الذهاب لانه شعر ان ذلك الطبيب غير صادق فقرر علاج نفسه بنفسه ولكن وللأسف اصدقاء السوء لم يتوانوا عن سحبه الى المخدرات في كل مرة يتم علاجه منها فذهبت به الى مركز صحي نفسي اخر وللأسف لم يكن بأحسن حال من سابقة حيث مارست النصب علينا.
حكايات النصب
نفس الحكاية ترويها ام تركي وتقول ان ابنها يبلغ من العمر 22 عاما وهو طالب جامعي قسم حاسب آلي، وتضيف انها وقعت ضحية لنصب هذه المراكز حيث لاحظت انهم يصرفوف له حبوبا مهدئة مثل: الزاناكس والترامادول وليريكا ولكنها زادت ادمانه حيث كان يتناولها بكميات كبيرة بحسب وصفة الطبيب.
وتواصل حديثها: ذهبت به الى مركز صحي خاص اخر والاطباء هناك غير سعوديين ولم يكن باحسن حال من سابقه استنزفوا اموالنا.
وقد التقيت بسيدة كبيرة في السن وضعها المادي المتردي واضح عليها حيث ذكرت لي انها استلفت 5 الاف ريال لكي تقوم بمعالجة ابنها في هذا المركز لان من يقوم عليه طبيب مشهور في العلاج النفسي سامحهم الله استنزفوا اموالنا ووقتنا دون فائدة.
وتضيف: اضطررت ووالده السفر باببنا الى بريطانيا لعلاجه في مصحات متطورة حيث فوجئنا بالوضع المتطور هناك، وخصصوا لنا مكانا شبيها بالمزرعة يقيم فيها المدمن واهله وجلسة العلاج كانت لمدة ثلاثة ايام ومن ثم يمنحونه راحة لمدة ثلاثة ايام ومن ثم العودة للجلسات العلاجية لمدة ثلاثة ايام وهكذا والحمد لله ابني الان في تحسن متواصل.
وتقول: نحن ولله الحمد استطعنا لاننا مقتدرين ماديا فماذا عن بقية الاسر التي ابتليت باحد افراد عائلتها بوقوعه في افة المخدرات ووضعها المادي لا يسمح او الاسري بالسفر لعلاجه في الخارج فهل تقع مثلا ضحية لمثل هذه المراكز العلاجية الخاصة لدينا هنا والتي كسبت اموالا طائلة جراء قيامها بعلاج ابنائنا بالوهم بل وساهمت بتاخر شفائهم من الادمان والكثير منا لا يقبل الذهاب بابنه المدمن الى مستشفى الامل لاننا نريد السرية لابنائنا خاصة ان من تتكرر حالات دخوله فيها فان النظام يحتم عليه ابلاغ الجهات المختصة للتحقيق معه ونحن لا نقبل بذلك ولا نريد ان نضيف مأساة الى مآسينا فلماذا لا يتم انشاء مكان واسع على شاكلة مزرعة لعلاج المدمنين بمقابل مادي بحسب كل وبمقدرته المادية وتحت اشراف مختصين اكفاء ويتم علاجهم نفسيا واجتماعيا دون اعطائهم أي نوع من الحبوب التي للأسف ساهمت في ادمانهم ولم تساعدهم على العلاج.
«مكافحة المخدرات» مراكز للعلاج النفسي
حذر مساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية رئيس لجنة النظر في حالات الإدمان عبدالاله بن محمد الشريف الأسر التي لديها مدمن على المخدرات من معالجته في مراكز العلاج النفسي الخاصة الا إذا كانت هناك مراقبة شديدة ومتابعة دقيقة من قبل الأسرة وإذا كانت لدى تلك المراكز (برامج تأهيلية).
وقال: انه لا توجد لدى هذه المراكز مثل هذه البرامج ولا يجوز لها علاج مدمني المخدرات فالمشكلة تنحصر بأن الكثير من العيادات النفسية تصرف وصفات طبية لحبوب (الزاناكس والروش والترامادول وليريكا) وهي من مواد نفسية مهدئة تحتاج إلى عملية تقييد.
وأضاف ان ادمان مثل هذه النوعية من الحبوب المهدئة لها مضاعفات خطيرة على المدمنين ويساء استخدامها حيث انها لا تقدم العلاج النفسي والطبي لمرضى الإدمان بل تضاعف المرض وتجعل المدمن يستمر في إدمان المخدرات وتوقعه في إدمان آخر وهو الإدمان على المواد النفسية تلك إذا لم يكن عليه رقابة طبية.
واشار الى ان بعض المراكز تستنزف أموال أهالي المدمنين دون تحقيق العلاج المطلوب في تعافي المدمنين من المواد المخدرة موضحا ان هناك مراقبة من الجهات المعنية لهذه المخالفات وبين مساعد مدير عام مكافحة المخدرات: ان المدمن لا يعتمد فقط في علاجه وتعافيه من إدمان المخدرات على العلاج الطبي فقط بل ان العلاج الطبي الذي يحتاجه يصل إلى ما نسبته 30% فقط بينما يحتاج ما نسبته 70% يكون مرتكزاً على العلاج النفسي والاجتماعي والتأهيلي.
وزارة الصحة: هناك مراكز تتجاوز القواعد المهنية
قال مدير عام الصحة والنفسية بوزارة الصحة الدكتور عبدالحميد الحبيب ان من حق المريض وأسرته طلب العلاج في اي مكان يرغبون به سواء داخل المملكة أو خارجها، مؤكدا في الوقت ذاته انه يجب على المريض والأسرة أخد الحيطة والحذر والتأكد من مقدم الخدمة وأنه مرخص ولدية الخبرة الكافية لتقديم خدمة علاج الإدمان.
وقال: ان علاج الإدمان عملية طويلة ولها مراحل مختلفة وتمر عبر خطوات طويلة وان نسب التعافي والانتكاسة تعتبر مرتفعة حتى في أفضل المراكز وعلاج الإدمان لا يمكن ان يكون من خلال العلاج الكيمائي فقط حيث ان الإدمان على المواد البديلة والمهدئة هو امر شائع بين المدمنين وهناك بعض العيادات والممارسين يتجاوزون القواعد العلمية والمهنية في صرف هذه المهدئات ولا بد من متابعة هذه العيادات ومنع هذه الممارسات. واضاف ان العيادات المرخصة معروفة ومن السهل التعرف على ذلك.
الصواف: الأدوية المهدئة دون إشراف تضر المدمنين
قالت الدكتورة منى الصواف الخبيرة الدولية للأمم المتحدة في مجال علاج الادمان عند النساء واستشارية ورئيسة وحدة الطب النفسي بمستشفى الملك فهد بجدة: ان هناك بعض المعتقدات الخاطئة المنتشرة في المجتمع العربي والسعودي حول مفهوم العلاقة بين الادوية النفسية العلاجية وبين الادمان وهنا يجب ان نوضح حقيقة علمية ان بعض الادوية المنتمية لفصيلة المهدئات الصغرى او ما يعرف بمجموعة بنزوديازيبين اذا اسيء استخدامها من قبل بعض الاشخاص ودون اشراف طبي او ضرورة طبية قد تؤدي الى الاعتماد والادمان عليها.
ولذلك ينصح الدليل الدولي لوصف هذه الادوية ان تكون تحت المتابعة والرقابة الطبية والا تعطى لفترات طويلة حتى نمنع الاعتمادية عليها مع التركيز على الاساليب العلمية لعلاج الاضطرابات النفسية من اضطرابات القلق والاكتئاب بأساليب علمية متكاملة.
ونجد ان معظم الناس لديهم تخوف من الادوية العلاجية التي لا تسبب ادمانا او تعودا مثل الانواع الحديثة من معالجات الاكتئاب ومعالجات الامراض الذهانية الامر الذي جعل بعض الحالات تأتي متأخرة لطلب العلاج وهو المفهوم الخاطئ الذي يحتاج لتغيير.
وأضافت: أطلقت الجمعية الامريكية لطب الادمان تحذيرا عن ارتفاع عدد حالات الادمان على مسكنات الالم ذات المنشأ المورفيني بين الشباب في المجتمع الامريكي نتيجة التساهل في الوصفات لهذه الادوية لمرضى لا يكملون العلاج ويحتفظون بما تبقى في البيت مما يسهل عملية سوء استخدامها من قبل المراهقين.
وبشفافية اقول ان هناك بعض الحالات القليلة جدًا التي ثبت فيها عدم الالتزام بقوانين وصف الادوية الخاضعة للرقابة وتم التعامل معها من قبل الجهات المختصة كما يجب. كما نجد بعض المرضى يلجأون الى طلب الادوية الخاضعة للرقابة من عدة اماكن في الوقت نفسه وهو ما يساعد على سوء الاستخدام لهذه الادوية.
وللتغلب على مثل هذه الحالات قالت انه يجب اولا ربط جميع الصيدليات التي تصرف هذه الادوية بشبكة كمبيوتر توضح وقت ومكان ونوع وجرعة الدواء الخاضع للرقابة خاصة المهدئات الصغرى وما شابهها في جميع مناطق المملكة حتى نقضي على ظاهرة ما يعرف بالتسوق الطبي والحصول على عدة وصفات للمريض نفسه والحالة نفسها دون داعٍ طبي.
واكدت انه يجب عمل دورات تدريبية وتعليمية للصيادلة والاطباء في جميع التخصصات عن مفهوم الادمان على الادوية المهدئة والمنومة وتوضيح القوانين الدولية والمحلية حول آلية وصف وصرف هذه الادوية.
وايضا يجب الاهتمام بتطوير الاساليب العلاجية غير الدوائية للحالات التي تعاني من القلق البسيط مثل تطوير تخصص علم النفس الاكلينيكي بحيث يمارس بناء على العلم المبني على البراهين وليس كما نراه اجتهادا وخبرة مع اهمية وجود مراكز بحثية تعنى بدراسة الظواهر الجديدة التي قد تظهر في المجتمع من اختراع طرق ووسائل تؤثر على العقل والجهاز العصبي المركزي, ففي الفترة الاخيرة لوحظ ان بعض الفتيات يستعملن نوعا من الادوية المضادة للصرع وتعمل على تخفيف القلق والالم يتم استخدامها بجرعات كبيرة جدا ويتم خلطها مع بعض المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة الامر الذي يؤدي الى حدوث حالة فقدان مؤقت للوعي وقد تكون قاتلة, وقد تم التعاون مع اللجنة الوطنية حول هذا الموضوع.