دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي يواجه موجة احتجاجات ضد حكومته مستمرة منذ تسعة ايام، الاحد في اضنة (جنوب) ناخبيه الى "تلقين درس" للمتظاهرين خلال الانتخابات البلدية المقبلة في اذار/مارس 2014.
وقال اردوغان في خطاب نقلته قنوات التلفزيون التركية امام الالاف من انصاره الذين جاؤوا لتحيته في مطار اضنة "لم يعد امامنا سوى سبعة اشهر حتى الانتخابات المحلية. اريدكم ان تلقنوا هؤلاء درسا اول بالسبل الديموقراطية في صناديق الاقتراع". وابدى اردوغان مجددا تشدده ازاء حركة الاحتجاجات المطالبة بتنحيه في مختلف انحاء تركيا.
وقال ان المتظاهرين "جبناء الى حد شتم رئيس وزراء هذا البلد"، مكررا استخدام مصطلحي "مخربين" و"فوضويين" في توصيف المتظاهرين.
كما اكد رئيس الحكومة الاسلامية المحافظة التي تقود البلاد منذ اكثر من عشر سنوات، ان نظامه يمثل جميع الاتراك من دون تمييز. وقال "نحن حزب ال76 مليون" تركي.
ومن المقرر ان يشارك اردوغان في مراسم تدشين مجمع رياضي في محافظة مرسين المجاورة على ان يعود عصرا الى انقرة.
ويأخذ المتظاهرون على رئيس الحكومة اسلوبه المتسلط في الحكم وسعيه الى اسلمة المجتمع التركي.
ينتمي القسم الاكبر من المتظاهرين الذين نزلوا الى شوارع تركيا الى الجيل المسمى "الرأسمالي". فالاتراك يعتبرون ان اولئك الذين ولدوا مطلع تسعينات القرن الماضي قلما يهتمون بالسياسة لكن احداث الايام الاخيرة تناقض هذه الفكرة.
علي احتفل لتوه بعيد ميلاده الثامن عشر، وهو يحمي نفسه من الغاز المسيل للدموع بوضع قناع اعده بنفسه ويعتصم منذ ثلاثة ايام مع زملائه في المدرسة الثانوية في ساحة كيزيلاي التي اصبحت نبض الحركة الاحتجاجية في العاصمة انقرة.
وقال هذا الشاب الذي آثر عدم كشف اسمه تخوفا من متاعب مع الشرطة، "اننا هنا لحماية حقوقنا واسلوب عيشنا وللقول +كفى+ للحكومة الفاشية".
وروى علي بابتسامة ان اهله منعوه منعا باتا من المشاركة في التظاهرات لكنهم استسلموا في نهاية المطاف امام اصراره.
وقال "ادركوا فعلا اننا لا نتظاهر لمجرد التسلية بل من اجل مستقبلنا".
وتابع "انني اتصل بوالدتي بعد هجمات رجال الشرطة" لتجنب ان تأتي "لتبحث عني".
وتسارعت تعبئة الشبان عبر شبكات التواصل الاجتماعي من اجل الانضمام الى حركة انطلقت مع بعض الناشطين المدافعين عن البيئة في اسطنبول ارادوا التعبير عن معارضتهم لتدمير حديقة عامة، فاجأ علماء الاجتماع الذين كانوا يعتقدون ان الجيل المولود في التسعينات ملقح نهائيا ضد السياسة.
وعبر مقال افتتاحي في صحيفة حرييت الليبرالية الواسعة الانتشار عن الارتياح هذا الاسبوع وجاء فيها "احسنتم ايها الابناء. كنا نعتقد انكم ثمار الرأسمالية، انتم قضيتم على كل الافكار المسبقة".
واكدت استطلاعات الرأي التي شملت شبانا متظاهرين يعتصمون في ساحة تقسيم في اسطنبول منذ اسبوع، انهم ان بقوا على مسافة من "المطبخ" السياسي التركي فسيبقون مهتمين جدا ب"الامور العامة".
واظهر تحقيق اجرته جامعة بيلغي في اسطنبول ان 53% من المتظاهرين لم يشاركوا مطلقا في حياتهم في تجمع سياسي و70% لا ينتمون الى اي حزب سياسي.
لكن 92% منهم يؤكدون ان القمع الذي مارسته الشرطة والقيود التي فرضتها الحكومة الاسلامية المحافظة التي تقود البلاد منذ 2002 على حياتهم اليومية وغالبا ما توضع في خانة اسلمة زاحفة لتركيا العلمانية، هما من الدوافع الرئيسية لتعبئتهم.
واوضحت عالمة الاجتماع نيلوفر نارلي البرفسورة في جامعة بهتشي شهير في اسطنبول كما نقلت عنها صحيفة ملييت "ان مطلبهم الرئيسي هو عدم التدخل في حياتهم الخاصة والاصغاء اليهم". واضافت " ان هذا الجيل من خلال تسليته على شبكات التواصل الاجتماعي يعبر ايضا عن ارائه السياسية".
ولخص جان دوغان الطالب البالغ 23 عاما والذي يشارك في التظاهرات في العاصمة التركية الوضع بقوله "اننا نناضل من اجل حقوقنا الاساسية، ضد حكومة تريد السيطرة على حياتنا".
واستطردت رفيقته مرفي "لسنا من جيل المدمنين على الكحول ولسنا مشاغبين بل اننا مواطنون مسؤولون".
وفي تلميح الى تصريحات اخيرة لرئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الذي وصف المتظاهرين ب"المتطرفين" و"المشاغبين" وحاول تبرير قانون اخير يحد من استهلاك المشروبات الكحولية بالرغبة في عدم رؤية "جيل يترنح في النهار والليل تحت تأثير الكحول".
واعتبر جنكيز اكتر المحلل السياسي في جامعة بهتشي شهير "ان اردوغان راهن على الاقتصاد لكسب ود الجماهير. وقد نجح الى حد ما في ذلك اذ ان مجتمع الاستهلاك وصل الى اوجه في تركيا".
واضاف "لكن لا بد من الاعتقاد بان الصيغة التي تقضي بالقول +استهلك واصمت+ لها حدود"، "فالناس يقولون +هذا يكفي نريد ايضا حريات+".
وهو مطلب اكده اليف جبلي (19 عاما) الذي يتظاهر في انقرة. وقال هذا الشاب الذي ترعرع وسط عائلة محافظة "حتى والدي لا يتدخل في حياتي الخاصة مثلما يفعل طيب (اردوغان)" مستطردا "فما دخله في ذلك؟".