كشف مصدر مطلع على الشأن السياسي في السعودية لـ«الشرق الأوسط» عن توجه رسمي للدولة، يقضي بإعادة صياغة النظام المعمول به من قبل وزارة الخارجية السعودية حيال إصدار التراخيص الخاصة بالمكاتب الفنية والاستشارية التابعة للسفارات الأجنبية على الأراضي السعودية، وسحب الحصانة الدبلوماسية من موظفي تلك المكاتب.
وأكد الدكتور عبد الله العسكر، رئيس لجنة العلاقات السياسية الخارجية بمجلس الشورى، وجود مكاتب فنية واستثمارية قائمة لبعض الدول مثل ألمانيا واليابان وهولندا ما زالت تعمل بالنظام القديم نفسه، مشيرا إلى أنه بعد تعديل نظام استخراج تراخيص تلك المكاتب واعتمادها من وزارة الخارجية، ستجري معاملة تلك المكاتب معاملة عادية وليست دبلوماسية مثلما كان في السابق، وتطبيق ذلك على جميع المكاتب، سواء القائمة منها أو الجديدة، وألا يكون الموظفون فيها محسوبين على السلك الدبلوماسي لهذه الدول، مشيرا إلى أن لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى أعدت دراسة موسعة بهذا بالخصوص، وأن هذه الدراسة سيجري طرح آليتها على مجلس الشورى لمناقشتها والتصويت عليها في القريب العاجل.
وشدد عضو مجلس الشورى على أن هذا التوجه جاء بوصفه مشروعا استباقيا أمنيا لما قد يحصل من مخالفات أمنية من تلك المكاتب، كاشفا عن استغلال هذه المكاتب الحصانة الدبلوماسية في بعض الدول الآسيوية والأفريقية، وتسخيرها في عمليات التجسس والإساءة.
ولم يفصح عضو مجلس الشورى عن الدول التي تقدمت باعتراضها إلى الجهات الرسمية في السعودية جراء هذا التوجه؛ ولكنه اعتبر أن هذا حق مشروع لأي دولة في أن تعترض على هذا النظام، مكتفيا بالقول إن هذه الإجراءات سيجري الإعلان عنها حين اكتمال الرؤية حول آلية عمل النظام الجديد، وبالتالي تعميمه على جميع الدول.
وأوضح الدكتور العسكر أنه بعد تعديل القواعد الموحدة للترخيص لمكاتب اتصال اقتصادية وفنية في المملكة، الصادر بالمرسوم الملكي عام 2003 وهو النظام القديم، سيجري العمل على الخروج بنظام جديد ينسخ ما قبله، مفيدا أن هذا النظام عرض على لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى، وقدرت اللجنة النظامين القديم والجديد، وعرفت من مجريات الأحداث أن بعض الدول الأجنبية - في تاريخها الحديث - اعتادت فتح مكاتب تحت أسماء عدة، وتقوم بعض تلك المكاتب بأعمال كثيرة قد يقع بعضها خارج طبيعة التراخيص الممنوحة لها أصلا.
وأشار إلى أن الدراسة التي أعدتها لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى بهذا بالخصوص، انتهت إلى التوصية بالموافقة على تعديل القواعد الموحدة للتراخيص كما جاءت في مشروع الحكومة، مؤكدا أن هذه التوصية سوف تعرض على المجلس في جلسته العامة المقبلة لمناقشتها والتصويت عليها بالإجماع.
وعن ماهية عمل هذه المكاتب، أوضح الدكتور عبد الله العسكر أن عمل هذه المكاتب يأتي في إطار فني أو اقتصادي أو اتصالي، موضحا أنه في الماضي كانت تعطى لهذه المكاتب صفة دبلوماسية وحصانة أسوة بأقرانهم في السلك الدبلوماسي، وأنهم في المشروع الجديد لم يعدوا دبلوماسيين، ولا تعتد بهم الوزارة، وإذا أرادت أي دولة فتح مكتب لها في السعودية بعد تحديد نشاطه، فلن يعود لتلك المكاتب أي صفة دبلوماسية خارج قنصلياتها وستمنح ترخيصا دون حصانة أو تأشيرات دبلوماسية للعاملين فيها؛ حيث يكمن عملها في التعاون الفني، والتواصل الاقتصادي، وتشجيع الاستثمار والتجارة بينها وبين السعودية، وإقامة الندوات والزيارات بين المملكة والدول الأخرى؛ شريطة أن يكون هذا التعاون خارج نطاق العمل الدبلوماسي.
وقال عضو مجلس الشورى: «تقوم هذه المكاتب - في بعض الدول - باستغلال الصفة الدبلوماسية لهم، والعمل لصالح جهات أخرى، وهذا يحدث - غالبا - في دول أفريقيا وآسيا، ومن هذا المنطلق، نحن نستبق الحوادث في نوع من الحماية، وعدم إعطاء تأشيرات دبلوماسية إلا لأصحابها المعنيين في السلك الدبلوماسي على وجه التحديد؛ لضمان عدم استغلال هذه التأشيرات في أعمال لا علاقة لها بالعمل الدبلوماسي وفي أعمال أخرى؛ لضمان عدم محاكمتهم قضائيا أو طردهم من البلاد».