ارتبطت حرفة النجارة دائما بالرجال. فيقال نجار ونادرا ما نسمع الصيغة المؤنثة "نجارة" ولكن هذا تغير في الأردن مع عائدة القرنة، أول نجارة في الأردن وربما النجارة الوحيدة في هذا البلد.
مثل كثير من النساء والرجال في الأردن، عانت عايدة من البطالة التي تعد من أهم المشاكل التي يعاني منها البلد.
وتقول إحصائيات محلية إن نسبة البطالة بين النساء الاردنيات تبلغ 21.2 في المئة بينما المعدل العالمي هو 6.1 في المئة.
لكن اللافت أن الاحصائيات تقول إن حوالي 30 في المئة من النساء لايملكن عملا لأنهن لا يعتقدن بوجود فرص عمل اساسا. و22 في المئة لا يعتقدن بوجود عمل مناسب للمرأة.
أما عايدة القرنة أو "أم احسان"، كما تحب أن تسمى، اختارت طريقا لمكافحة البطالة لم تسلكه امراة قبلها في الاردن وقليلا ما تختاره النساء في العالم.
بداية عايدة كانت قبل ست سنوات عندما قامت بتصميم وعمل دولاب صغير أثار اعجاب أحد معارفها فطلب اعمالا اخرى لتنطلق رحلتها في عالم النجارة.
استندت إلى قرض من مؤسسة "تمويلكم" التي تدعم المشاريع الصغيرة. واشترت بعض الماكينات التي تحتاجها وفتحت مشغلا قريبا من بيتها.
تقول القرنة إن البداية كانت صعبة جدا في أكثر من ناحية. فكثير من أصحاب المحلات لم يتقبلوا فكرة بيع أغراض تصنعها امرأة.
والبعض الآخر أراد أن يمنحها فرصة فطلب أن يزور مشغلها ليرى مستوى صناعتها من الأساس فلم تمانع.
السنوات الاولى في المهنة لم تكن مربحة لكن عايدة أصرت على الاستمرار خصوصا مع عدم وجود بدائل كبيرة أمامها في ظل الأوضاع الصعبة في سوق العمل في الأردن.
لكن الحال تغير مع استمرار عايدة في الانتاج والتطوير. اللافت للنظر أن الرجال في عالم النجارة عموما تعاطفوا معها. وتقول انهم لم يبخلوا عليها بالنصائح والملاحظات والمساعدة.
لم تكن صدفة ان تبتعد النساء عن مهنة النجارة فبعض جوانبها يتطلب جهدا عضليا قد لا تطيقه كثير من النساء.
وتستعين عائدة احيانا بأحد أبنائها عندما تصادفها مواقف مثل هذه لكنها لا تعتبر هذا سببا ينفر المرأة تماما من مهنة النجارة او غيرها من المهن التي يهيمن عليها الرجال.
اليوم اصبح لاسم "أم احسان" كما تقول صاحبته حضور في بعض الأوساط التجارية وهذا ما يجعلها تتطلع للمستقبل بثقة أكبر.
وتأمل عايدة اليوم في أن توسع من عملها بجلب ماكينات أكبر وأكثر لكن هذا سيتطلب تمويلا اكبر من القروض الصغيرة نسبيا التي جعلتها تنطلق في مهنتها.
بعد هذه السنوات في مهنة النجارة تقول عائدة إن المرأة قادرة على منافسة الرجل في المهن التي احتكرها تقليديا على ان تحصل على الدعم المناسب من اجل تغيير واقعها وواقع المجتمع بالتالي.