تحت أمطار غزيرة، احتشد الآلاف من مواطني جنوب إفريقيا، الثلاثاء، في ستاد سوكر سيتي لتأبين زعيمهم نلسون مانديلا، وذلك بمشاركة عشرات من قادة وزعماء العالم في مشهد لم يخل من مفارقات وبعض اللقطات التاريخية.
فقد شاهد ملايين الأشخاص الذين كانوا يتابعون المراسم في بث حي في أنحاء العالم، مصافحة غير مسبوقة بين الرئيس الأميركي، باراك أوباما وراؤول كاسترو، رئيس كوبا،العدو اللدود للولايات المتحدة في فترة الحرب الباردة،
وسارعت وسائل الإعلام الكوبية إلى الترحيب بهذه الخطوة التي بادر إليها الرئيس الأميركي، وقال موقع كوباديبيت.كوم "أوباما يحيي راؤول: لتكن هذه الصورة بداية نهاية اعتداءات الولايات المتحدة على كوبا".
إلا أن أوباما، انتقد في كلمته كثيرا من زعماء العالم الذين يدعون مناصرتهم لكفاح مانديلا من أجل الحرية "لكنهم لا يقبلون المعارضة من شعوبهم"، وذلك على مسمع ومرأى من كاسترو ورئيس زيمبابوي روبرت موغابي ونائب الرئيس الصيني.
أما في بداية مراسم التأبين، فقد صدرت صيحات استهجان عن مجموعات من أنصار "مناضلون من أجل الحرية الاقتصادية" أثناء إلقاء رئيس جنوب إفريقيا، جاكوب زوما، كلمته لوداع أخير لمؤسس "أمة قوس قزح".
بعيدا عن الحفل الرسمي الذي شهد تسابقا بين قرابة 90 من رؤساء الدول والحكومات لوداع بطل الفصل العنصري، حيا حراس ورفاق سابقون لمانديلا في الأسر ذكراه في سجن روبن آيلاند الذي قضى فيه 18 سنة من سنوات الاعتقال السبع والعشرين.
واشعلت شمعة واحدة أمام صور "أيقونة إفريقيا" في قاعة "ممر نلسون مانديلا" في المتحف والنقطة التي تنطلق منها حافلات النقل إلى الجزيرة السجن في حي ووترفرونت السياحي في الكاب.
وقال الحارس السابق كريستو براند، الذي أصبح صديق السجين الشهير، إذ أنه تعايش معه كل تلك السنوات، أمام 200 شخص، إن مانديلا لم يتغير من السجن إلى الرئاسة.
أما السجين السابق في روبن آيلاند، لايونل ديفيس، فقد قال "بوفاته تصالحنا مجددا نحن جنوب الإفريقيين، إننا من جديد شعب من شعوب العالم، ويجب الآن أن يجعل من ميراثه واقعا".
وفي خارج القاعة، كتب مجهولون تعازيهم على دفاتر وضعت خصيصا لهذا الغرض، ووضعوا زهورا والتقطوا صورا أمام تمثال أيقونة المصالحة "ماديبا".
يشار إلى أن بعد حفل التأبين الرسمي، سيسجى جثمان مانديلا لثلاثة أيام في مقر الحكومة في بريتوريا، حيث يتوقع أن ترافق مواكب كل صباح الجثمان في شوارع العاصمة.
وسينقل السبت إلى قريته الصغيرة كونو مسقط رأسه جنوب شرق البلاد وأرض أجداد مانديلا الكوزو، حيث سيدفن الأحد إلى جانب والديه وابنائه الثلاثة في حفل تقليدي يجمع بين الشعائر المسيحية وشعائر الكوزو.