في الوقت الذي لا تزال التحقيقات مستمرة مع المتهمين في مساهمات (سوا، والبورصة العالمية، وغيرها من المساهمات الأخرى، وصف أحد قضاة المحكمة الجزائية في محافظة جدة أشخاصاً أطلق عليهم «مشغل أموال» بأنهم امتهنوا النصب على الناس وأكل أموالهم بالباطل.
وجاء ذلك خلال التحقيقات التي جرت في وقت سابق مع بعض هوامير المساهمات الوهمية التي جرت قبل أعوام عدة من «المدعي العام»، إذ وضعت عدداً من النقاط التي تخص «مشغلي الأموال» ،إضافة إلى المتهمين الرئيسين في قضايا المساهمات التي جمع فيها ما يقارب أربعة بلايين ريال في وقت قياسي.
فيما لا يزال أحد ملفات المساهمات الكبيرة قيد الانتظار بعد أن انتهت هيئة التحقيق والادعاء العام في محافظة جدة من تحقيقاتها عقب تسلمه من شرطة محافظة جدة بعد التحقيق مع عدد من المتهمين الجدد، إضافةً إلى متهمين سابقين في القضية والتي رفضت محكمة الاستئناف التصديق على الأحكام الصادرة بحق عدد من المتورطين فيها.
وعلمت «الحياة» أن ملف القضية سيجزأ إلى ملفات منفصلة ستتم إحالة بعضها إلى المحكمة العامة بحكم الاختصاص في نظر بعض التهم، فيما ستتم إحالة أجزاء أخرى إلى المحكمة الجزائية للنظر في بعض التهم الموجهة إلى المتهم الرئيس ورؤساء المجموعات.
وكانت التحقيقات التي أجرتها هيئة التحقيق والادعاء العام في جدة في ملف مساهمات ما يعرف بـ «سوا» ومساهمات البورصة العالمية، كشفت عن تعامل عشوائي لجمع مبالغ مالية كبيرة من أشخاص يتم التحقيق معهم حالياً، موضحة أن التسويق لجمع المبالغ كان يتم عبر جلسات خاصة وباحترافية عالية تجعل المواطن يخرج ماله من مخبئه ويسلمه دون تردد أو خوف، وأكدت أن المتورطين لم يحسنوا التعامل مع الأموال الضخمة، إذ لم تظهر استثمارات على أرض الواقع لهذه المساهمات.
وكشفت التحقيقات التي جرت في ملف قضية أخرى والتي عرفت بمساهمات (سوا) وصنفت كـ «غسل أموال»، أن أبرز أسباب تورط المواطنين في القضية الشهيرة والتي جمع خلالها مبالغ مالية تتجاوز بليون ريال هو مشاركة عدد من رجال الأمن المعروفين في جهات أمنية، وأوضحت أن تصرف «رجال الأمن» المدعي عليهم في القضية جريمة أخلت بـ «الأمن» الذي هم مسؤولون عن حمايته وذلك بإهدار أموال الناس في مساهمة مبنية على النصب والاحتيال، وفيه إساءة سمعة بقية زملاء رجال الأمن.
وأكدت أن وجود رجال الأمن ومشاركتهم بمبالغ مالية أوجد في نفس بقية المساهمين «صدق» هذه المساهمة وصحتها، إذ أسهم ذلك في جمع أموال طائلة بطرق غير مشروعة.
وأعادت ثلاث محاكم شرعية في السعودية أكبر ملف في مساهمات «سوا» المتعلقة بالمتهم عبدالعزيز الجهني إلى نقطة الصفر، إذ أقرت المحكمة العليا في منطقة الرياض القرار النهائي في الملف بعد قرارين سابقين وملاحظات لمحكمة جدة الجزائية ومحكمة الاستئناف في منطقة مكة المكرمة.
ورصدت «الحياة» المحاكمة الأولى للمتهمين في المحكمة الجزائية، إذ تضمن ملف القضية حلف المتهمين اليمين أكثر من 15 مرة، وبحسب مصادر مطلعة، فإن مسؤولاً كبيـراً حلف بالله أنه لم يشارك في المساهمة، إضافة إلى حلف بعض المتهمين على مبالغ مالية تقدر بملايين الريالات، وأن التحقيقات كشفت عن أن أكثر من 500 مليـون ريال في القضية كان يتم تداولها بين المشغــلين للمســاهمات قبل صلاة الفجر، مبينة أن المحكمة طلبت من الجهات المتخصصة التحري والمتابعة والبحث عن أموال تزيد على دخل عدد من المتهمين في القضية، وقالت إن أحد المتهمين اعترف بنقله 30 حقيبة ممتلئة بالملايين، و12 كيساً بلاستيكياً، و10 كراتين بيض، إذ يتسع كل كرتون لـ16 مليون ريال، وأن الأموال كان يتم تداولها يدوياً.
يذكر أن محكمة الاستئناف في منطقة مكة المكرمة رفضت تصديق الأحكام الصادرة من ناظر قضية ملف مساهمات (سوا) الشهير، وطلبت منه استكمال النظر في الحق الخاص للمساهمين أولاً قبل إصدار الحكم في الحق العام، إلا أن الأزوري أصر على أحكامه التي أصدرها في السابق، المتضمنة سجن المتهم 20 عاماً وجلده 1000 جلدة متفرقة للحق العام، وتمت إعادة الملف مرة أخرى إلى محكمة الاستئناف، وقررت حينها محكمة الاستئناف إعادة القضية إلى رئيس المحكمة الجزائية آنذاك عبدالله العثيم ليقرر اختيار قاض جديد لنظر القضية، وجرت مناقشة عدد من القضاة من أجل تكليف قاض بنظرها، إلا أن الكثير منهم أحجم عن متابعتها بسبب تشعباتها وحاجتها إلى فترة طويلة، في حين رأى البعض أن أحكام ناظر القضية السابق كافية، وليست بحاجة إلى إعادة نظر من جديد.