كشفت مصادر في السفارة الأميركية بالرياض أن ما نسبته 1.3 في المئة من المبتعثين السعوديين في أميركا يعملون في شركاتها ومؤسساتها وجامعاتها بعد تخرجهم من المرحلة الدراسية التي ابتُعثوا لدراستها، بمجموع يصل إلى 672 طالباً وطالبة فقط، فيما تفضّل النسبة المتبقية العودة إلى المملكة بعد التخرج مباشرة.
ويتيح النظام الأميركي العمل بعد الدراسة بنظام يطلق عليه opt للخريجين حديثاً من الجامعات، إذ يمكن لخريجي التخصصات العلمية العمل مدة عام كامل، مع إمكان التمديد إلى 17 شهراً أخرى، وذلك في مختلف الجهات وبتخصصات ومرتبات مختلفة، فيما يتيح النظام أيضاً العمل أثناء الدراسة cpt بمعدل 20 ساعة أسبوعياً، إذ يتقاضى الطالب مبلغ 10 دولارات للساعة الواحدة، وتصل إلى 20 دولاراً في حال توافرت لديه خبرة عمل سابقة أثناء الدراسة، إلا أن بحسب ما تبيّن إدارة الهجرة الأميركية أن الكثير من المبتعثين، بما فيهم السعوديين، لا يدركون أن بإمكانهم العمل وهم طلاب أو خريجون جدد، كونهم لا يحملون تأشيرة عمل وإنما دراسة.
ويصل إجمالي المبتعثين السعوديين في أميركا حالياً إلى 87 ألفاً و387 طالباً وطالبة في مختلف التخصصات والمراحل، وذلك من بين 174 ألفاً و27 طالباً وطالبة يدرسون في دول عدة، وفقاً لأحدث إحصاء لوزارة التعليم العالي.
وأكد الملحق الثقافي السعودي في أميركا الدكتور محمد العيسى أن الكثير من المبتعثين السعوديين لا يدركون أن بإمكانهم العمل بعد إنهاء مراحلهم الدراسية، مبيناً أن من المتوقع وصول عدد الخريجين السعوديين من أميركا هذا العام إلى 11 ألف طالباً وطالبة ضمن مراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه والزمالة الطبية، قائلاً: «نتوقع أن يتضاعف عدد المقبلين على البرامج التدريبية خلال الأشهر المقبلة». وقال في حديثه إلى «الحياة»: «البرامج التدريبية للطلبة المبتعثين التي تكون في فصل التخرج من الدراسة أو ما بعد التخرج تجد اهتماماً وتشجيعاً من وزارة التعليم العالي والملحقية الثقافية، إذ نسعى إلى تعريف الطلبة بضرورة التدريب ومدى فائدته قبل العودة إلى الوطن.
ونظراً لتلك الأهمية، قمنا أخيراً باستحداث إدارة تُعنى بهذا الشأن، تهدف إلى التواصل مع الطلبة وتعريفهم بالفرص التدريبية المتاحة في عدد من الشركات والمؤسسات الأميركية، خصوصاً التي لديها تعاون مع المملكة في مختلف المجالات والتخصصات، انطلاقاً من كون هذه الفرصة تُسهم في تحقيق فرص عملية جيدة للطلبة بعد عودتهم، وتساعد في إكسابهم خبرة في مجال دراستهم». مشيراً إلى أن هذه الفرص تتاح غالباً لخريجي التخصصات العلمية.
وعزا أسباب قلة عدد السعوديين المهتمين بخوض الفرص التدريبية الوظيفية في أميركا إلى محدودية المقاعد التي تتيحها الشركات الأميركية، لافتاً إلى أن الملحقية والسفارة السعودية اجتمعتا مع مسؤولي عدد من الشركات، لبحث إمكان توفير المزيد من المقاعد للخريجين السعوديين في جميع التخصصات، مضيفاً: «حداثة الإدارة التي أنشأتها الملحقية ربما تكون سبباً في عدم معرفة الطلبة السعوديين بتوافر بعض الفرص التدريبية لهم، إضافة إلى أن الكثير من الطلبة يقومون بترقية المرحلة الدراسية بعد التخرج وذلك بهدف المواصلة، ما يجعلهم غير متفرغين للعمل، لكننا حالياً بصدد العمل على حملة إعلامية وتوظيف عدد من الوسائل، مثل الموقع الإلكتروني للملحقية وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي للإعلان عن وجود هذه الفرص ودعوة الطلبة للاستفادة منها».
وذكر أن الملحقية تتوقع أن يتضاعف عدد المنضمين إلى البرامج التدريبية المتاحة في أميركا، بخاصة في ظل معرفة الطلبة بها والتوسع في عدد الشركات التي تتيح الفرص.
واستعرض برنامج «مبتعث غير» الذي يبث على قناة «عالي» التابعة للوزارة تجارب عدد من المبتعثين السعوديين ممن يعملون أثناء الدراسة وبعدها، إذ أوضحت الطالبة عبير القرشي أن عملها يتيح لها اكتساب خبرة تميزها عن الآخرين ممن غادروا أميركا بعد إنهاء الدراسة، مشيرة إلى أن من الإيجابيات توفير دخل مادي إضافي لما تصرفه وزارة التعليم العالي، كما أنه يساعد في تطوير اللغة، مبينة أن بالإمكان التعرف على الوظائف المتاحة، سواء للطلبة أم الخريجين، من خلال بعض المعارض التي تُنظم في عدد من الجامعات.
واعتبر ممثل دائرة الهجرة الأميركية في جامعة أوهايو جيسي كيبوكو أن التدريب العملي الاختياري، سواء خلال الدراسة أم بعدها، يشكّل أهمية قصوى، مرجعاً ذلك إلى كونه يساعد الطلبة المبتعثين من مختلف الجنسيات على اكتساب خبرة عملية تدعمهم بعد عودتهم إلى أوطانهم، وتسهم في أن يكونوا أكثر تفضيلاً في جهات العمل من الآخرين الذين لم يخوضوا مرحلة التدريب العملي.
وأضاف: «نقوم بجلسات تعريفية وورش عمل في كل فصل دراسي حول كيفية الاستفادة من برامج التدريب العلمي بنوعيه، خصوصاً للجدد في أميركا، والذين يواجهون صعوبة في اللغة».
استعرض برنامج «مبتعث غير» على «يوتيوب» تجارب المبتعثين السعوديين العاملين في الشركات الأميركية.