بعد نحو سنتين من الآن، يُصبح لزاما على جميع السعوديين الحصول على دورات تدريبية للمقبلين على الزواج قبل إتمام عقد النكاح، وذلك بموجب القرار الصادر من مجلس الوزراء السعودي في وقت سابق، الذي أقر الموافقة على هذا المشروع.
ويكشف الدكتور فؤاد الجغيمان، وهو منسق البرنامج الوطني لتأهيل المقبلين على الزواج في السعودية، أن العامين 1435هـ و1436هـ يعدان عامي التهيئة للبرنامج الذي من المرتقب إطلاقه عام 1437هـ، وهو عام الإلزام على التدريب قبل الانخراط في الحياة الزوجية.
وبسؤال الجغيمان خلال حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، عن الترتيبات المتخذة في هذا الشأن، يقول: «قطعنا شوطا كبيرا في إعداد الحقائب التدريبية للشباب والفتيات، وخلال النصف المتبقي من هذا العام إلى جانب العام المقبل سيكون تركيزنا على تدريب ألف مدرب ومدربة، بحيث ينتشرون في جميع مناطق ومحافظات البلاد، وحتى في القرى المهيأة لذلك، بالإمكان أن يتواجد فيها مدربون ومدربات».
ويضيف «لدينا تقريبا 100 ألف عقد زواج في المملكة (سنويا)، أي أننا نحتاج إلى تدريب 200 ألف من الشباب والفتيات، وهذا يتطلب عددا كبيرا من البرامج التدريبية وعددا كبيرا من المدربين والمدربات، ومن خلال حسبة واحتساب عدد العقود مع الطاقة البشرية، وجدنا أن عدد ألف مدرب ومدربة سيكون مناسبا جدا»، مضيفا أن «الخطة المرسومة ستنفذ بشكل دقيق ومناسب وبتغطية شاملة لجميع المدن والمحافظات».
يأتي ذلك في ظل تزايد عدد حالات الطلاق في السعودية، التي أصبحت تمثل ظاهرة مقلقة في المجتمع، حيث كشفت وزارة العدل السعودية ضمن كتابها الإحصائي الـ36 والأخير، عن إجمالي صكوك الطلاق والخلع والفسخ المثبتة في محاكم السعودية، الذي قدرته بما يربو على 34 ألف صك، بمعدل 96 صكا يوميا، مبيّنة أن حالات الطلاق سجلت ما يربو على 29 ألف حالة طلاق بنسبة 86 في المائة، وأن حالات الخلع بلغت 1468 حالة، بنسبة 4.2 في المائة، ورصدت 3382 حالة فسخ نكاح بنسبة 9.8 في المائة من إجمالي القضايا المرصودة بالمحاكم الشرعية في البلاد.
بينما رصد الكتاب أعلى عدد لحالات الطلاق والخلع والفسخ في العاصمة الرياض، حيث بلغ عشرة آلاف و460 حالة، بنسبة 30.2 في المائة من إجمالي الحالات في البلاد، تليها منطقة مكة المكرمة، حيث بلغ عدد الحالات بها 9996 حالة، بنسبة 28.9 في المائة، في حين جاء أدنى عدد لتلك الحالات في منطقة الحدود الشمالية بعدد 319 حالة وبنسبة 0.9 في المائة.
وأعلن منسق البرنامج الوطني لتأهيل المقبلين على الزواج في السعودية أن يوم الثلاثاء المقبل، سيشهد انعقاد ورشة عمل بمدينة جدة، وبحضور مسؤولين من وزارة الشؤون الاجتماعية، تتضمن التعريف بالجهات التي على عاتقها إتمام هذا المشروع، وتابع: «جرى ترشيح جهات تمثل البرنامج على مستوى المملكة من جمعيات زواج ومراكز تنمية أسرية، وجاء تحديدها بحسب التوزيع الجغرافي، ومن المتوقع أن يكونوا شركاء في التنفيذ وأن يعتمدوا من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية للتدريب على البرنامج».
وأردف الجغيمان «لدينا الآن دورة اسمها مدرب المستشار، بحيث يكون في كل منطقة سعودية شخص بمسمى مستشار تدريب، وخلال ثلاثة أشهر، سيكون إطلاق أول برنامج لإعداد المستشار، وهذا برنامج مميز وله من الخبرة والإبداع الشيء الكثير، ولديه بعض المهام لتدريب المدربين المباشرين مع الشباب أو المدربات اللاتي يدربن الفتيات».
وعن جدوى ذلك، يقول الجغيمان «لا يخفى على أحد أهمية التأهيل والتدريب في الحياة الزوجية وأثر ذلك على انخفاض نسب وحالات الطلاق، وهناك عدة تجارب عالمية في هذا الشأن، ومن أهمها التجربة الماليزية، حيث انخفضت نسب الطلاق بعد التأهيل والتدريب، من 32 في المائة إلى سبعة في المائة فقط». وأوضح الجغيمان أن الدورات التأهيلية تُمكن الشاب أو الفتاة من الإلمام بمهارات الحياة الزوجية، من الجوانب الشرعية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية وكذلك الطبية، وهو ما أكد على أهميته لضمان استقرار الأسرة.
وتناول الجغيمان تجربة جمعية مودة الخيرية للحد من الطلاق وآثاره في جدة، مفيدا بأنه بعد سنة من تدريب 300 شاب على برنامج التأهيل قبل الزواج في الجمعية، وبعد إجراء المتابعة وتقييم التجربة، تبين أن نسبة الذين حصل بينهم الطلاق لم تتجاوز ثلاثة في المائة فقط، وهو ما يعلق عليه الجغيمان بالقول: «هذه نتيجة جيدة، بينما لدى غيرهم (ممن لم يتم تدريبهم) تكون نسب الطلاق عالية جدا».