قال المهندس لؤي بن هشام ناظر، عضو مجلس الضمان الصحي السابق، إن خطوة التأمين الصحي الحكومي للمواطنين سوف تسبقها تهيئة البيئة الطبية، التي تستلزم إنشاء عيادات خارجية في فترة لا تتجاوز العامين.
وأوضح المهندس ناظر لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة تدرك تماما أن المنشآت الصحية الحالية لا تتحمل المزيد من طالبي الخدمة، مؤكدا أن فكرة إنشاء عيادات خارجية للمرضى مطروحة في الوقت الراهن، في الوقت الذي ستحال خلاله الحالات المعقدة إلى مستشفيات الدولة.
ووفقا لأحدث الإحصاءات التي صدرت عن مجلس الضمان الصحي، فإن شركات التأمين المسجلة رسميا بلغت 28 شركة، تقدم الخدمة الصحية لموظفي القطاع الخاص، ووصل عدد المرافق المعتمدة تحت مظلة التأمين إلى 1870 مرفقا صحيا، نصيب المستشفيات منها لا يتعدى 133 منشأة، وهو عدد غير كاف لمواكبة الخدمة.
يأتي ذلك بينما يبلغ عدد وثائق التأمين الصحي المعتمدة مليونا و700 ألف وثيقة لموظفي الشركات من السعوديين والأجانب.
وتدرس السعودية - في الوقت الحالي - إنشاء صندوق حكومي للإنفاق على مشروع التأمين الطبي للمواطنين المرتقب إقراره خلال المرحلة المقبلة، بعد الانتهاء من مداولاته بين هيئة الخبراء، ومجلس الشورى، ووزارة الصحة.
ومن المتوقع أن يتخذ مشروع التأمين الصحي الحكومي صفة التأمين المجتمعي التعاوني، ويحاكي - إلى حد بعيد - تجربة كندا في هذا الإطار.
وأفصحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن فريق دراسة المشروع استبعد النموذج الأميركي، الذي يندرج تحت التأمين التجاري، نظرا لاحتوائه على بعض النقاط السلبية - وفق رأي الفريق - أبرزها ربطه كفاءة الخدمة بسعر البطاقة.
ومن المنتظر أن تتحول بعض المستشفيات التابعة لوزارة الصحة إلى نظام التشغيل الذاتي، وأن تكون خيارا أمام المرضى الذين يمتلكون بطاقات التأمين في حال رغبتهم، حيث ستعمل كل أقسامها مستقبلا طوال الـ24 ساعة، بعد التحول من نظام العمل التقليدي الذي حدده نظام الخدمة المدنية بثماني ساعات يوميا.
وأوصى فريق إعداد مشروع التأمين الطبي للمواطنين في السعودية بتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في إنشاء مراكز طبية تراعي الجودة في المناطق النائية، الأمر الذي سيثمر نتائج إيجابية تحقق خدمة السكان في مناطقهم، وتخفف العبء عن المراكز الطبية الكبرى في المدن.
ووصف مشروع التأمين الصحي في السعودية بأنه مشروع الوزراء الأربعة، حيث طرح في عهد وزراء الصحة السابقين: أسامة شبكشي، وحمد المانع، وعبد الله الربيعة، مرورا بالعهد الحالي للوزير المكلف عادل فقيه، الذي تحوم حوله الأماني أن يدفعه نحو الانفراج في أقرب وقت، نظرا لما يواجهه المرضى من مصاعب في الحصول على الخدمة السريرية التي تعاني النقص وفق تأكيدات وزارة الصحة نفسها.
ويعاني القطاع الطبي في البلاد حالة عجز، على الرغم من أن عدد المستشفيات فاق 251 مستشفى، والمراكز الصحية زادت على 2100 مركز، مما دعا بعض الجمعيات الخيرية إلى الشراكة مع برامج المسؤولية الاجتماعية في الشركات إلى المبادرة بافتتاح مراكز صحية في الأحياء التي لا تغطيها الخدمة، تضم فئات من المعاقين، وكبار السن المصابين بأمراض مزمنة.
وأعدت وزارة الصحة عام 2008، إبان عهد الوزير حمد المانع، مشروعا للتأمين الصحي أطلقت عليه حينها «بلسم»، بوصفه سيحد من معاناة حصول المواطن على العلاج في المستشفيات العامة، ودعمت رؤيتها لأهمية المشروع بأن رسومه السنوية من الخزينة العامة لن تتخطى 40 مليارا، كما سيقلص ميزانية الوزارة المعتمدة من الدولة بنسبة 60 في المائة، إلا أن لجانا محايدة رأت أن القطاع الخاص ليس جاهزا بعد للمشروع، بالإضافة إلى أن درجة المخاطرة ستكون عالية، حيث لا تطبق بعض المراكز الخاصة معايير كافية للجودة.
وبادر - منذ وقت مبكر - عدد من المنشآت الصحية الحكومية، أهمها مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، بتقديم الخدمة للمرضى الأفراد أو الخاضعين للتأمين، مقابل رسوم مالية، وفق ما يقتضيه نظام القطاع الخاص، وأنشأ المستشفى إدارة لإيراداته من الخدمة الخاصة.