شدد المقاتلون الحوثيون الشيعة في اليمن قبضتهم على العاصمة صنعاء يوم الاثنين بعد السيطرة على أجزاء كثيرة من المدينة في هجوم خاطف وتوقيع اتفاق خلال الليل لتقاسم السلطة توج انتفاضة مستمرة منذ نحو عشر سنوات.
ويشكل الشيعة الزيدية 30 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 25 مليون نسمة وحكموا مملكة هناك لمدة الف عام. ويشكو الشيعة من تعرضهم للتهميش منذ الاطاحة بآخر ملوكهم في صنعاء في ثورة عام 1962.
وتجمع اتباع الحوثيين في الشوارع وردد بعضهم هتافات "الموت لأمريكا والموت لليهود والنصر للاسلام" في حين انتشر أنصارهم المسلحون في ملابس مدنية إلى جانب قوات حكومية في أنحاء صنعاء.
وحارب الحوثيون الذين سموا على اسم مؤسسهم من اجل المزيد من الحقوق للشيعة في اليمن.
وينظر إلى الحوثيين على انهم حلفاء لإيران القوى الشيعية الرئيسية في المنطقة والعدو الابدي للمملكة العربية السعودية ولدول اخرى في الخليج تقودها أسر حاكمة سنية.
ووقع وفد يمثل الحوثيين اتفاقا لتقاسم السلطة مع اطراف اخرى في وقت متأخر يوم الأحد بعد سيطرة الحوثيين على انحاء كثيرة من العاصمة خلال بضع ساعات دون مقاومة تذكر من القوات الحكومية التي أحجمت على ما يبدو عن القتال. وذكرت مصادر طبية ان 200 شخص لاقوا حتفهم.
وتجنبت النخبة السياسية في اليمن الحوثيين لفترة طويلة. وشكا الحوثيون من عدم إشراكهم في اتفاق لنقل السلطة تم بوساطة خليجية بعد الاحتجاجات التي أرغمت الرئيس علي عبد الله صالح على التنحي في عام 2012 لصالح نائبه السابق عبد ربه منصور هادي.
وعلاوة على تمرد الحوثيين يخوض اليمن حربا ضد متشددي القاعدة الذين تستهدفهم هجمات أمريكية بطائرات بدون طيار كما تشهد حركة انفصالية في الجنوب. ورغم ان عملية الحوار الوطني التي اختتمت هذا العام اتفق خلالها على نقل المزيد من السلطات إلى مناطق في اليمن فإن الحوثيين اعترضوا على الحدود الجغرافية المقترحة.
وخلال الشهور القليلة الماضية خاض الحوثيون سلسلة معارك ناجحة في معقلهم الشمالي ضد ميليشيات سنية منافسة وقوات متحالفة موالية لحزب الاصلاح الإسلامي السني ليصلوا إلى أطراف العاصمة.
وسارع الحوثيون يوم الاثنين لاستعراض قوتهم من خلال نشر مقاتلين لهم عند مفارق رئيسية بما في ذلك طريق المطار الرئيسي. وقال سكان إن رجالا مسلحين يحرسون ايضا البنوك الكبرى بما في ذلك البنك المركزي.
وقال مسؤول عند بنك حكومي في وسط صنعاء اكتفى بتعريف نفسه باسم عيدروس "توقفوا وقاموا بتفتيشي ثم سمحوا لي بالذهاب.. تصرفوا بأدب وما زالوا هناك لحماية البنوك."
لكن أحمد عبد اللطيف وهو موظف بالحكومة قال إنه يشعر بالهلع.
وقال لرويترز "ربما يستعد الجانب الاخر لمواجهة جديدة."
وفي الشهر الماضي استغلت الجماعة التي تعرف رسميا باسم انصار الله قرارا للحكومة برفع اسعار الوقود ونظمت احتجاجات بمشاركة الاف الأشخاص. ولم يطالبوا فحسب بالتراجع عن ارتفاع اسعار الوقود بل طالبوا ايضا باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة اكثر شمولية. وتحولت الاحتجاجات إلى أعمال عنف الاسبوع الماضي عندما اندلعت اشتباكات مع قوات امن قال الحوثيون انهم متحالفون مع لواء جيش سني يعتبرهم كفارا.
وركز الحوثيون هجومهم على مقر الفرقة الأولى مدرع والتي وصفوها بأنها موالية لاطراف سنية. وسيطروا على مقرها يوم الأحد واستولوا على دبابات ومعدات عسكرية أخرى. وهاجموا أيضا جامعة دينية يديرها الشيخ عبد المجيد الزنداني وهو شخصية سنية اخرى على صلة بحزب الاصلاح الإسلامي.
وبينما كان الحوثيون يشقون طريقهم نحو المنشأتين في شمال صنعاء استسلمت المؤسسات الحكومية دون قتال. واعتقد بعض اليمنيين ان حكومة هادي تواطأت حتى يهزم الحوثيون شخصيات يعتبرهم هادي تهديدا له.
وقال المحلل اليمني عبد الغني الارياني إن صنعاء تم تسليمها للحوثيين ويبدو ان هذا تضمن استخدام قوة للتخلص من قوة أخرى.
وبينما كانت الترتيبات جاهزة منذ الصباح للتوقيع على اتفاق الأحد الذي توسط فيه المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر تاخر وصول وفد الحوثين حتى المساء مما اعطى المقاتلين الوقت للسيطرة على الجامعة ومقر الفرقة الأولى مدرع.
وفي حين رحبت دول خليجية عربية باتفاق تقاسم السلطة الموقع يوم الاحد باعتباره خطوة نحو تشكيل حكومة اكثر شمولية قال محللون إن الرياض تعتبر المكاسب التي حققها الحوثيون بمثابة انتصار لعدوتها إيران.