إندونيسيا لن تحل أزمة العمالة المنزلية بعد عودة المياه إلى مجاريها، وفيتنام لن تسهم بنسبة فاعلة، وسيرلانكا كثر خطابها وغلا مهرها، والفلبين لم تلتزم بقواعد العرض والطلب الموقعة مع العمل، وأخيرا بنجلاديش وصفة طبية للأزمة، والمقارنة مع الخليج غير منطقية، والشركات مولود بلا حليب، وغيرها من رؤوس الأقلام الكثيرة مكاشفات أبداها رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام سعد البداح لـ»مكة» نافيا من خلالها كل التهم المتكررة والمجهولة المصدر «تقريبا» عن استفادته شخصيا أو اللجنة أو الشركات من أزمة العمالة الراهنة.
الأزمة الإندونيسية
رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام سعد البداح، قال إنه لا يوجد مستفيدون من الأزمة الإندونيسية في المملكة أو في إندونيسيا، والمسألة لا تعدو كونها نقطة ضغط تبنتها المعارضة الإندونيسية ضد رئيسهم إبان تنفيذ حكم القصاص على إحدى عاملاتهم في المملكة، وكان المخرج للرئيس منع إرسال العمالة إلى المملكة إلا بعد توقيع اتفاقية وعقد مع الحكومة وليس مع اللجنة، وتحركت وزارة العمل في هذا الاتجاه وأخذت الإذن بالمفاوضات من الجهات العليا التي اشترطت عدم انتهاك خصوصية الأسر، وهو ما جعل وزارة العمل ترفض بعض البنود المتعلقة بتعريف راتب رب الأسرة أو كشف حسابه وكروكي المنزل وصور العائلة، ووقعت الاتفاقية الإطارية ثم التفصيلية.
الراتب أحيل للجنة
طلبنا من وزارة العمل أن تحال مسألة الراتب إلى اللجنة حتى لا يُستغل المواطن من الدول، إذ إن تجربة التوقيع مع الفلبين أسفرت عن عدم التزام الطرف الفلبيني بترك مسألة الراتب للعرض والطلب، فقد ألزمت الفلبين بالحصول على عقد مصدق من سفارتها في المملكة والسفارة لا تصدقه إلا إذا كان الراتب 1500 ريال، وبناء على طلبنا أحيلت مسألة راتب الإندونيسيات للجنة ورفضنا الـ1900 التي طالبوا بها وما زال الأمر موضع النقاش إذ سنجتمع بعد الحج، ما وقعته الوزارة لم يتضمن الراتب، وإذا كان للجنة من الأمر شيء فلن تقدم المواطن على طبق من ذهب، لكن لا بد أن ندرك أن الدول تحاول أن تحمي عمالتها، وأن العالم أصبح قرية صغيرة وأي مشكلة صغيرة تعرف في العالم كله.
27 ألف عامل
الأزمة الإندونيسية ليست افتعالا لصالح شركات الاستقدام، فمكاتب المساهمين بالشركات ما زالت موجودة وتعمل بالاستقدام ولا يمكن أن يضروا أنفسهم بالضغط في هذا الاتجاه لأنه ضد مصالحهم الخاصة، وإذا كان هذا الاتهام صحيحا وأن الأزمة وجدت لصالح الشركات فلماذا لم تعد المياه إلى مجاريها قبل سنتين عندما باشرت الشركات أعمالها، إن الشركات تضم أكثر من 300 مكتب وهذه الاتهامات افتعال من مكاتب لم تدخل في الشركات أو مكاتب غير مرخصة وبدأت تشعر بالقلق من الشركات وتريد إثارة الشارع ضدها، وفي الواقع الشركات تفضل العمل في استقدام عمالة الشركات، الشركة السعودية للاستقدام جلبت 27 ألف عامل منهم 2000 فقط عمالة منزلية.
مولود بلا حليب
الأسعار المقدمة من قبل الشركة قد تكون مرتفعة أكثر من الاستقدام في الوقت الحالي بنسبة بسيطة، لأنها في ظل إغلاق الدول مولود بلا حليب، لكنها في الوقت ذاته تعطي الشركات ضمانات السنتين وتدفع رسوم الإقامة والتأمين الصحي والتذاكر ومكافأة نهاية خدمة، ولو فتحت الدول سيكون هناك فرق في الأسعار بين الشركات والاستقدام، كما تُمكن العميل من استبدال عاملته أو استرداد ماله.
الشركات لن تفي بالعمالة المنزلية في يوم وليلة، بل تحتاج خمس سنوات لتغطية الطلب، فبينما استفادت بعض الشركات من العمالة المخالفة وصححت أوضاعها في فترة التصحيح وضمتهم في أسطولها، ففي شركتي لم أعتمد أبدا على هذه العمالة كونها تسيء للشركة، وينبغي أن تبقى المكاتب إلى جانب الشركات تعمل في مجال الاستقدام حتى لا يكون هناك احتكار لأحدهما ويكون الخيار للمواطن.
5 آلاف شهريا
إندونيسيا ليست الحل السحري الذي سينهي أزمة العمالة المنزلية، وأتوقع أن ينخفض ما ترسله إندونيسيا للمملكة إلى%40 على الأقل، وفي السابق لم يكن يستقدم من إندونيسيا غير السعوديين وكانت ترسل شهريا نحو 40 ألف عاملة إلى المملكة، بينما أصبحت التأشيرات قبل الإغلاق أكثر من العمالة المنزلية التي تصل حيث وصل العدد ما بين 10 إلى 15 ألف عاملة شهريا، وأتوقع أن يكون بعد حل الأزمة خمسة آلاف.
أسباب النضوب من وجهة نظري تعود إلى دخول الدول الخليجية وبعض الدول العربية على خط الاستقدام من إندونيسيا، وأخيرا التوسع إلى تايوان وكوريا وسنغافورة وماليزيا والتي تفضلها الإندونيسيات لاعتبارات القرب على مختلف نواحيه، وأصبحت الجاذبية الوحيدة في القدوم إلى السعودية أداء الحج، بينما الحالة المعيشية لديهم تحسنت، والعاملة التي عملت في السعودية سابقا خرجت الآن جامعيين.
المهر السيرلانكي والواقع الفيتنامي
تبلغ الحاجة الشهرية للخادمات في المملكة ما بين 30 إلى 40 ألف عاملة، وأدى توقف الفلبين وإندونيسيا إلى التوجه لسيرلانكا وبعض الدول الأفريقية، وتصدر من المملكة 20 ألف تأشيرة شهريا لسيرلانكا بينما إمكاناتها لا تتجاوز ثلاثة آلاف عاملة شهريا، ما يعني أن 17 ألف طلب يتم تراكمها شهريا لتصل في آخر العام إلى 240 ألف طلب متراكمة، وهنا تبدأ المزايدة من قبل المكاتب لاستعادة الطلبات بعد أن زايدت عليها مكاتب غير مرخصة أو أفراد.
أشك أن تكون لفيتنام يد فاعلة في الحل فهي مفتوحة من سبع سنوات وأنا من وقع معها اتفاقا في ذلك الوقت، لا يوجد بها عمالة منزلية بعدد كبير، ويخشون الذهاب إلى المنطقة العربية عوضا عن فرصهم في تايوان وماليزيا، في الشركة استخرجنا 100 تأشيرة لفيتنام أحضرنا ثلاثا وألغينا البقية فما يصل منها لا يتجاوز 10 إلى 15 عاملة شهريا.
الهند ونيبال وبنجلاديش
يجب فتح استقدام العمالة المنزلية النسائية من بنجلاديش، فلديها عمالة منزلية مدربة بعدد كبير تعمل في قطر وسنغافورة، وأعتقد أن فتح قناة بنجلاديش إلى جانب نيبال والهند ستوصلنا للاكتفاء الذي تعود به الأسعار إلى الوضع الطبيعي، وبالتأكيد لن تنخفض الأسعار إذا لم تفتح القنوات، وينبغي طرح عقد عمل موحد لكل الدول، وعلى الرغم من أن السعر المعقول لا يتجاوز في تكلفة الاستقدام الثمانية آلاف الريال و1200 ريال كسقف للراتب إلا أن هذا لن يتحقق سوى بفتح القنوات.
مقارنة باطلة
الأزمة في المملكة وليست في الخليج، لأن ما تحتاجه المملكة يفوق بمراحل كبيرة ما تحتاجه الكويت أو قطر مثلا، في حين تبلغ العمالة في المملكة ثمانية ملايين ونصف منها مليونان منزلية، فإن الأرقام في الكويت تشير إلى 600 ألف منها مائة ألف منزلية، ولهذا فإن المقارنة بالخليج مسألة تخلو من الصحة.
إعلام مؤثر على المفاوضات
الإعلام يؤثر على سير المفاوضات بشكل سلبي أحيانا، خاصة عندما تكون الأخبار غير دقيقة، وبعضها أساء إلى اتفاقيات الوزارة، وكل ما يكتب في الإعلام السعودي ينقل حرفيا للمفاوضين الأجانب ويدفعهم لبناء مواقف على أساسه.