أوضح الدكتور عبدالرحمن الصنيع الاستشاري الاقتصادي أن البنوك التجارية لها عذرها في رفض تمويل المشروعات الصغيرة. بعد أن تعاظم حجم الديون المتعثرة مشيرًا إلى أن الغرض الأساسي من وجود البنوك التجارية هو الحفاظ على أموال المودعين وتعظيم أرباح المساهمين.
وأضاف في حديث لـ»المدينة» إن البنوك تعاني كثيرًا من المبالغ الضخمة للديون المتعثرة (القروض الاستهلاكية)، حيث يبلغ إجمالي هذه الديون المستحقة للبنوك العاملة في جميع أنحاء المملكة ما بين 30-40 مليار ريال والأمر المؤسف بهذا الخصوص أن هذه الظاهرة أصبحت شبه مستديمة والسبب في ذلك هو أن النظام القضائي في المملكة لم يأخذ بمحض الجد حماية حقوق أموال المساهمين في البنوك خاصة تلك التي تمنح القروض الإسلامية.
وتطلع الصنيع أن تشمل خطة التنمية المقبلة بنودًا تتعلق بضرورة النظر في تطويرالنظام القضائي خاصة فيما يتعلق بهذا الخصوص كما تطلع من خطة التنمية المقبلة أن تتطرق إلى ضرورة تشجيع وحث القطاع الخاص على إقامة المؤسسات التمويلية المتخصصة بتمويل المشروعات الاقتصادية لا سيما تقديم القروض الميسرة لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وأن تضع الإطار التشريعي والقانوني لإقامة مثل هذه المؤسسات والتي تحمي حقوق وأموال المساهمين فيها.
وبين الصنيع أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تشكل أكثر من 95 % من عدد الشركات العاملة في القطاع الخاص، ويقدر عددها بنحو مليوني مؤسسة، وتعتبر تلك المنشآت هي المحرك الرئيس للشركات الكبيرة، لكنها تواجه بعض المعوقات كضعف التمويل إضافة إلى عزوف البنوك عن تمويلها، ولابد من إيجاد بعض المؤسسات التمويلية لمساعدة أصحاب المنشآت الصغيرة بالنهوض وإنعاش السوق بالتنافس لتقديم أفضل العروض للمستهلكين.
وتأسف الصنيع على الكثير من هذه المؤسسات التي تعمل في المملكة تواجه مشكلة التمويل الذي يعتبر عائقًا بل ويشكل عقبة في تنفيذ الكثير من المشروعات الطموحة لهذه المؤسسات ونموها وتطويرها. ومن منظور اقتصادي، إن التمويل يعتبر حجر الزاوية لإقامة ونمو المشروعات الاستثمارية بعد اتخاذ القرار النهائي للاستثمار في مشروع محدد مثل تأسيس مؤسسة أومصنع أو مزرعة أو شركة لتقديم خدمات أو غيرها من مشروعات تفيد المجتمع.
وقال إن التمويل يعتبر بمثابة الدم الذي يجري في شريان الوحدات الاقتصادية، وإذا شح أو قل تدفقه فقد يعيق حركة الأنشطة الاقتصادية؛ أما إذا انقطع تدفقه بالكامل فقد تنشل الحركة الاقتصادية وربما ينجم عن ذلك انهيار النظام الاقتصادي في الدولة. ولكي تتمكن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من إقامة أي من المشروعات لابد وأن تتوفر بعض المقومات الأساسية والتي من أهمها توفير الموارد المالية باعتبارها عصب الحياة بالنسبة لإقامة أي مشروع، لأنه بدون توفير المورد المالي يبقى المشروع مجرد فكرة. لأن تأسيس أي مشروع يتطلب امتلاك جزء كبير من المكونات الإنتاجية للمشروع والتي تستوجب المال اللازم لتغطية تكلفة الحصول عليها. ويمكن أيضًا الاستنتاج ضمنيًا بأن الكثير من البنوك التجارية العاملة في المملكة ترفض تمويل مشروعات المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وفي حال قبولها لذلك تضع شروطًا تعجيزية يصعب على المقترض الوفاء بها.