لم يعد هناك أدنى شك أن الصفقة الخبيثة التي صاغها علي عبدالله صالح مع الحركة الحوثية العميلة لإيران والتي اعتقد الطرفان أنها أينعت وحان قطافها، بعد سقوط قصر الرئاسة وإعلان الرئيس هادي استقالته وانقلاب الحوثي عليه، والتي تضمنت أن يتسلم أحمد نجل علي عبدالله صالح السلطة وأن تسيطر الحركة الحوثية المتمردة على الأرض شكليا واحتلال إيران عليها عمليا قد فشلت ووئدت، والمؤامرة الدنيئة التي حاكها مع عملاء إيران ضد اليمن - الدولة والشعب - أحبطتها عاصفة الحزم والتي أطلقت استجابة لنداء الرئيس اليمني هادي لإنقاذ اليمن وإرساء الأمن والاستقرار في هذا البلد والذي سقط في أيدي العملاء الحوثيين بدعم من القوات الموالية للرئيس السابق صالح وبدعم لوجستي من الباسيج الإيراني.
الصفقة التي بدأت ملامحها في الخفاء منذ عقود حيث ترك صالح حركة الحوثي تسرح وتمرح في شمال اليمن وفي صنعاء حيث احتل الحوثيون مواقع هامة في ساحة التغيير ولم يغادروها حتى بعد انتهاء الثورة واستمر هذا التحالف المشبوه من تحت الطاولة مع انطلاق الحوار الوطني وظهر بشكل رسمي للعيان بعد سقوط مدينة عمران والتي اعتبرت بداية انطلاقة باتجاه صنعاء بأيدي الحوثيين بعد أن دعم اللواء العسكري 310 المتواجد في تخوم عمران التابع لصالح والحوثي ضد قوات الرئيس هادي الشرعية.
ووفق الصفقة المشبوهة التي عقدها صالح مع الحوثي أن يسيطر الحوثيون على المدن الرئيسية تدعمهم ألوية صالح العسكرية والتي أطعمها منذ عقود واشترى ولاءها بثمن بخس والسيطرة على باب المندب الذي يعتبر أكبر شريان وممر بحري للمنطقة والعالم خاصة أن سيطرة الحوثي وصالح على هذا الشريان المائي المهم سيؤدي إلى كارثة اقتصادية ويمنح الأمل لصالح والحوثي في الابتزاز والسيطرة المائية بعد السيطرة الميدانية.
ولاء الجيش حزبي
ومن الواضح أن صالح بنى الجيش من 33 عاما وهي فترة حكمه على الولاء للحزب والقبيلة وليس للانتماء لليمن وهذا الأمر أعطى الحوثيين الطمأنة أن جيش صالح سيلعب دورا محوريا في احتلالهم لليمن عبر ألوية الجيش المنتشرة والتابعة لصالح واستخدامها كدرع واق للسيطرة الإيرانية على اليمن باعتبار أن الحوثيين لا يملكون السلاح الثقيل مقارنة بالقوى العسكرية التابعة لصالح، فعددهم أقل بكثير وعتادهم العسكري لا يقارن بألوية الجيش اليمني التابع لصالح التي تملك السلاح الثقيل بالإضافة إلى ألوية الحرس الجمهوري التي كانت تابعة لرئاسة أحمد نجل صالح حتى تم تعيينه سفيرا لليمن في الإمارات إلا أن بعض ألوية الحرس كانت ماتزال تحت سيطره أحمد الذي أقاله الرئيس هادي من منصبه كسفير في الإمارات مؤخرا.
عودة آل صالح للحكم
إن قرار صالح تسليم الحوثيين مفتاح اليمن كان قرارا يهدف لعودته مجددا للسلطة عن طريق ابنه أحمد الذي جهزه والده للحكم إلا أن الثورة اليمنية أغلقت عليه هذا الباب وبدأ في التفكير حول كيفية جلب نجله أحمد للكرسي، فظهر هذا التحالف المشبوه مع الحوثي لكي تعود أسرة علي صالح إلى الحكم مجددا بعد أن أعطته المبادرة الخليجية ممرا آمنا جعلته يتخلى عن الحكم بمقتضى المبادرة في إطار المساعي لنقل سلمي باليمن.
تجارة المخدرات والسلاح
وفي خفايا قصة خيانة صالح لوطنه لم يكن تحالفه مع الحوثي وليد اليوم بل إنه متوارث منذ سنوات خدمته العسكرية في مناطق البرح والمخاء وباب المندب بمحافظة تعز المعروفة بمنطقة تهريب المخدرات والخمور والسلاح.
فلقد لعب صالح منذ أن كان جنديا ثم قائدا لأحد الألوية العسكرية في تلك المنطقة وعمل على تسهيل مهمة الحوثيين المشهورين بتجارة المخدرات إضافة إلى السلاح طيلة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
ونظرا لعلاقة الحوثي بحكم الإمامة والحمدي فقد أسهم ذلك في تدرج صالح في الرتب ليصل إلى قائد المنطقة بمحافظة تعز وبعدها أسهم الحوثيون بالدفع به لرئاسة اليمن عبر ما يسمى بالمجلس الرئاسي الذي كان معظمهم ينتمون إلى الطائفة الشيعية المقربة من الحوثي.
ظل صالح يساعد الحوثيين وتجار السلاح والمخدرات بالسماح لهم بممارسة تلك المهنة عبر مناطق البرح وباب المندب مرورا بشمير والعدين حيث كانت سيارات دفع رباعي تمر عبر مقبنة والأخدوع والمجبجب بشمير مرورا بالزراري شرعب الرونة ثم شرعب السلام والعدين وإب والدخول في مناطق جبلية وصولا إلى العاصمة صنعاء وأخرى تمر عبر الحديدة وحجة وصولا إلى محافظة صعدة والمناطق الحدودية.
زيادة ثروة صالح
واعتمد صالح في زيادة ثروته قبل أن يتم اكتشاف النفط بشكل كبير باليمن على تجارة المخدرات والسلاح مع الحوثي وكان له شركاء في التهريب كان آنذاك سعر التهريب بزوارق وبالهوية الشخصية ألفا وخمسمائة ريال في ثمانينيات القرن الماضي من جيبوتي إلى الخوخة التي كان لدى معظم المسؤولين المرتبطين بصالح فنادق ومتنزهات ومزارع في تلك المنطقة وجميعها تستخدم في المساء لاستقبال زوارق التهريب القادمة سواء من أفريقيا أو من آسيا.
وكان من أبرز المقربينللرئيس السابق تاجر السلاح فارس مناع المرتبط بشكل فعلي بالحوثيين وهو حلقة الوصل بينهما، ناهيك عن بعض الأسر من تجار السلاح والمخدرات، وفي الحروب الست التي وصفها صالح بلسانه في أحد خطاباته في عام 2009م وتحديدا حينما افتتح ميناء شبوة للغاز المسال في نوفمبر حيث قال: «ما يدور في صعدة حرب تصفية حسابات»، في إشارة إلى الخلاف بينه وبين علي محسن الأحمر الذي كاد يصل إلى أسراره الخفية ويكشفها حينما ألقى القبض على تاجر السلاح الذي يمول الحوثي في الحروب الست فارس مناع وأودعه السجن وحاكمه في الحرب الخامسة مما أثار حفيظة صالح في محاولة اغتيال علي محسن أكثر من مرة في مناطق صعدة.
لقد أصر صالح الذي تخلى عن منصب الرئيس بعد منحه حصانة من الملاحقة القانونية، على تمسكه بزعامة حزب المؤتمر الشعبي، وما زال نافذا إلى العديد من قادة الجيش والسياسيين اليمنيين، ساعة بالترغيب وأخرى بالترهيب وأعاق هذا الإصرار الرئيس هادي عن أداء مهامه كرئيس للدولة أو كقائد أعلى للقوات المسلحة اليمنية، كما أفشل حكومة الوفاق التي تشكلت وفقا للمبادرة الخليجية، رغم أن حزب المؤتمر الشعبي العام كان له فيها نصيب الأسد.
صالح أصر في تماديه وعاد وأطل منتقدا انتقال الرئيس هادي إلى عدن بعدما حاصر الحوثيون مقر إقامته في صنعاء وأجبروه على تقديم استقالته، وزاد على ذلك بالتلويح بتكرار حرب صيف أربعة وتسعين التي شنها على قادة الجنوب الذين عارضوه حينئذ.
ضلوع في مؤامرة تخريب أبراج النفط
وبحسب الوثائق السرية فإن الدور الخفي الذي لعبه الحوثيون في تحالفاتهم مع صالح، ونشاطهم في علميات التخريب التي طالت أنابيب النفط وتضمنت الوثائق ضلوع الحوثيين في عمليات التخريب التي طالت أبراج الكهرباء من فترة بدء الأزمة في 2011 وذلك بتوجيه ودعم مباشر من قبل صالح.
وأشارت الوثائق إلى أن ميليشيات الحوثي كانت ومازالت هي اليد الضاربة للرئيس السابق علي صالح في الميدان لتنفيذ عمليات ضرب أبراج وأنابيب النفط وذلك ضمن تحالف بينهم كان الوسيط فيه هو السكرتير الشخصي لمكتب الرئيس السابق علي عبدالله صالح والذي كان يتم عبره تسليم خطط الأهداف والدعم وأنه تم تسليم ما تقدر قيمته بـ 660 مليون ريال يمني ما بين التسليم المباشر والشيكات عبر أحد المشايخ النافذين في صنعاء ليسلمها إلى يد عبدالملك الحوثي.
وأظهرت الوثيقة أيضا تسليم مبلغ 200 مليون ريال يمني عن طريق وسيط غير يمني وذلك لبدء مرحله تدمير أبراج الكهرباء المغذية للعاصمة صنعاء ولبدء التحركات المسلحة داخل العاصمة صنعاء بأفراد من الحرس الجمهوري (سابقا) بلباس قبلي لزعزعة ثقة المواطنين بالرئيس هادي، وعمل تقطعات مفاجئة في شوارع العاصمة ومحاولة التعدي على المواطنين وإلصاقها بأحزاب أخرى.
صحيفة «الوسط» اليمنية قالت إن صالح أوفد مشايخ من محافظات مختلفة للالتقاء بعبدالملك الحوثي زعيم الحوثيين.
خيانة صالح لوطنه وتحالفه مع الحوثي لن ينساها الشعب اليمني والذي طعنه الحوثي وصالح وسعيا لبيع اليمن للنظام الإيراني ولكن الأشقاء في اليمن رفضوا ذلك ودعموا عاصفة الحزم التي ألجمت الحوثي وأوقفت تآمر صالح وسيعود الأمن والسلام والاستقرار قريبا لليمن.