close menu

"الحميد" : حيرني سجين الـ 100 مليون والثمانيني الذي ​يأكل عياله من المخدرات

"الحميد" : حيرني سجين الـ 100 مليون والثمانيني الذي ​يأكل عياله من المخدرات
المصدر:
سبق

يقول الشيخ فهد الحميد، الإمام والخطيب، والداعية في سجون الرياض إن تفجير المساجد في السعودية والكويت حرام ولا يجوز، وهذا ليس أسلوباً دعوياً بل لا بد من دعوتهم بالكتاب، والسنة، والنصيحة. ويؤكد في حواره مع "سبق" أن سجون الرياض مليئة بمساجين القضايا الأخلاقية، والمخدرات، والتعاطي، والتوزيع. مستنكراً ظواهر عبادة الشيطان، والملحدين، والمثليين وغيرهم، في المجتمع السعودي المسلم المحافظ. ومحذراً من دخول الشباب على المواقع المنحرفة على النت، والتفرج عليها، والتعلم منها. ساردا العديد من المواقف التي صادفها. فإلى تفاصيل الحوار..

** التفجيرات الإرهابية في مساجد السعودية والكويت.. ما الهدف منها؟ وهل نجحت في زرع الطائفية والفتن بين المسلمين؟

هذه التفجيرات ليست دعوة للإسلام بل تضره، وتشوه سمعة المسلمين، ويستغلها أعداء الدين، والرسول لم يكن يفعل هذا. والله سبحانه وتعالى قال (ولكم في رسول الله أسوة حسنة)، والصحابة لم يكونوا يدخلون المعابد ويقتلون من فيها، ويفجرون، ويذبحون بل كانوا يدعون بالموعظة والكلمة الحسنة. ثم إن التعرض للمسلمين في مساجدهم خطأ كبير. قال الله تعالى في سورة النساء (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما). وتفجير مساجد ومعابد من نختلف معهم لا يجوز، وحرام قتلهم، وهذا ليس أسلوباً دعوياً بل لا بد من دعوتهم بالكتاب، والسنة، والنصيحة بمختلف الطرق، ومواقع التواصل الاجتماعي، وتفجيرات المساجد صد عن دعوة الله.

** لماذا لا نسمع صوتاً قوياً من داخل السعودية ضد الجماعات الإرهابية المتطرفة كداعش والقاعدة والنصرة وبوكو حرام وغيرها؟

مواقف علماء السعودية وبياناتهم واضحة ولله الحمد وهذا خير دليل على الصوت القوي.

** هل يعقل أن يظهر في المجتمع السعودي المسلم المحافظ ظواهر منحرفة كعبادة الشيطان، والملحدين، والمثليين وغيرهم.. ما الأسباب؟

ظهور هذه الظواهر المنحرفة يعود إلى أمرين. أولهما دخول الشباب على المواقع على النت، والتفرج عليها، والتعلم منها. والسفر للخارج. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْه، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجلَ لَيَأْتِيهِ وَهوَ يَحْسِب أَنَّه مؤْمِنٌ فَيَتَّبِعه، مِمَّا يبْعَث بِهِ مِنَ الشّبهَاتِ). وكذلك قصة أنس بن مالك الذي قال: "كان معنا رجل من بني النجار حفظ البقرة وآل عمران، وكان هذا الرجل طالب علم عند النبي عليه الصلاة والسلام، وكان يرى الرسول، وأبا بكر، وعمر، وعثمان. فلم يلبث هذا الرجل حتى لحق بالنصارى، تأثراً بهم، وبعد أيام بدأ يقول للناس إن ما يتحدث به محمد أنا الذي أخبرته به، وأعلمته إياه، وإذا به يتنصر بعد أن كان مسلماً، ومؤمناً، وعندما مات أخذه النصارى فدفنوه في القبر فلما أصبحوا إذا بالأرض لفظته "أخرجته من جوفها"، فعاد النصارى فدفنوه مرة ثانية في القبر فلما أصبحوا إذا بالأرض لفظته مرة أخرى. فقال النصارى هذا من فعل أصحاب محمد لما ترك دينهم فعلوا هذا به. فعادوا فدفنوه مرة ثالثة، وعمقوا له، فلما أصبحوا إذا بالأرض تلفظه للمرة الثالثة فتركوه على حاله. وهذا حال بعض الناس؛ جاهل في دخوله للمواقع المنحرفة أو السفر للخارج ويرى أمورا تغويه. بعض شبابنا ليس عنده علم بالدين، وجاهل، ثم يسافر للخارج ويشاهد المنحرفين من عباد الشياطين، والملحدين، والمثليين وغيرهم فيضيع. ولهذه الأسباب لا يجوز السفر للدول الكافرة إلا بثلاثة أشياء: أن يكون عنده علم يدفع الشبهات. وعنده دين يدفع الشهوات. وأن يكون ذا حاجته ليست موجودة في بلده.

** هناك من يردد أن بعض المشايخ والدعاة تقليديون في دعوتهم للشباب ويتشددون في نصحهم والتضييق عليهم؟

هذا ليس تشديداً، هذا تذكير ونصح بالصلاة وقراءة القرآن الكريم، والذهاب للمساجد، فالقلق كثر في المجتمع، والأمور النفسية زادت بسبب الابتعاد عن زيارة المساجد والصلاة فيها، والتشدد والتضييق يردده المنافقون كما فعلوا عندما قالوا عن العلماء والمشايخ: الظلاميون، والمتحجرون، المتخلفون.. الخ. وبعض الكتاب منافقون يكتبون كتاباتهم ثم يموتون، وتبقى مقالاتهم شاهدة عليهم، وحسرة، وندامة إلى يوم الدين، ويشوهون صورة المشايخ والعلماء حتى يبتعد عنهم الناس.

** كداعية في سجون الرياض.. ما مهامكم، وإلى ماذا تدعون المساجين؟

حديثنا يكون عن التوبة، والمسائل الفقهية، والقدر، وأن الله قد كتب عليهم ذلك فسلم له، وقد يكون ذلك خيراً لهم. وأذكر في أحد اللقاءات في السجون كنت أتحدث لمجموعة من المساجين وأقول: يا إخوان ما تدرون ما الخيرة لكم، قد يكون جابك الله في هذا السجن خيرة لك، وقد تكون خارج السجن تموت، وتكون من حطب جهنم، وقد يكتب الله عليك أن تسجن فتأتي هنا تصلي، وتقرأ القرآن الكريم، وتذكر الله. فقام أحدهم، وقال: والله كلامك صحيح فأنا خارج هذا السجن، وقبل أن يحكم عليّ ما ركعت لله ركعة، ولم أكن أصلى، ولم أسجد لله سجدة. ولا أعرف قرآنا ولا مسجدا. ما عرفت الله إلا لما دخلت السجن، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم. وأحذرهم من رفقة السوء التي تدخل الكثير منهم للسجون، والكثير يقول دخلت السجن ولم يزرني أصدقائي منذ سنوات تخلوا عني.

** ما أبرز المواقف التي حصلت لك في السجون عند دعوتك المساجين؟

هناك الكثير من المواقف، منها أن أحدهم سُجن لأنه مديون بـ100 مليون ريال دخل بها المساهمات وخسرها كلها، وينتظر الفرج. ولا يعلم ماذا يفعل، ولا من سيسددها عنه، ومن المواقف العجيبة أنني دخلت أحد العنابر، وكان مخصصا لمساجين المخدرات من المروجين والمهربين، فتكلمت معهم عن حرمة المخدرات في المجتمع، كم هدمت من بيت، وانتهكت بسببها الأعراض، وقتلت أمهات بسبب المروجين والمتعاطين، وناس ذهبت عقولها بسبب المخدرات، وعندما انتهيت قلت إن باب التوبة مفتوح يا إخوان، ومن تاب تاب الله عليه، وبدل سيئاته حسنات. فقام أكبر المساجين، وعمره في حدود 80 عاما، وقال: "يا شيخ عندي عائلة، ولا عندي شهادة، ولا خبرات، وكل ما ذهبت أبحث عن عمل أي وظيفة مراسل وغيرها لا أجدها في الوزارات والمؤسسات ويرفضونني، في حين "يفزع" بياع المخدرات، ويقول: خذ المخدرات بعها وأكل عيالك". ولذا أطالب الجهات المعنية بسد حاجة مثل هذا، وأمثاله حتى لا يلجئوا لمثل هذه الأساليب ويفسدوا المجتمع بالخمور والمخدرات. ومن المواقف أن أحد معبري الأحلام كان يزور السجن ويلقي محاضرة وبعد أن انتهى بدأ يفسر للمساجين أحلامهم ورؤاهم، فقال: "أعطاني أحدهم الرؤيا لتفسيرها. وتبين لي من تفسير رؤيته أنه سيموت غدا. ولم أستطع أن أقول له ذلك، وكان من الصعب أن أقول له ذلك، فطلبت منه التزود بالطاعة، والإكثار من طلب المغفرة والصلاة والطاعات والاستغفار والتسبيح والتهليل، وأعطيته النصيحة وذهبت، وبعد أسبوع عدت لهذا السجن، وتقصدت السؤال عن السجين صاحب الرؤيا، لأتأكد من صحة تفسيري لرؤيته، فقالوا لي إن فلان قد توفي". وهناك موقف آخر حصل معي في عنبر للمخدرات، عندما انتهيت من المحاضرة حكى لي أحد المساجين عن سجين معهم حكم عليه بـ4 أشهر سجن، وكان لا يصلي عندما دخل السجن لكنه مع المحاضرات والدعوة تغير فبدأ يقوم الليل، ينام أوله ثم يقوم آخره، وقال: "أمس صلى السجين وأقام الليل، وقبل الفجر توفاه الله، وهو ساجد يصلي آخر الليل على سجادته".

** ما أبرز قضايا المساجين، وأكثر الجرائم المرتكبة التي رأيتها في السجون؟

القضايا تتنوع بين القتل والمخدرات، والغالبية الأخلاقية، والمخدرات بكثرة سواء توزيع أو تعاطي. كالحشيش، والحبوب، والهيروين، ولا بد من توعية بين أفراد المجتمع من الجهات المعنية حول أضرار المخدرات وتعاطيها في المساجد ولوحات دعايات المحلات، وعند الشوارع، وإشاعتها بقوة في المدارس، والجامعات، والمطارات؛ فهناك الكثير من الفتيات والشباب ضاعوا بسبب المخدرات. ولا بد من التوعية بقوة. وكثير من المتعاطين دخلوا السجن لقتلهم آبائهم وأمهاتهم، واغتصاب المحارم.

** كلمة أخيرة؟

كلمة إلى أخواتي النساء. بالابتعاد عن العباءات المخصرة، والمخرمة والملونة والبناطيل، والتطريز، واستبدال الحجاب الشرعي بها. ورمضان فرصة عظيمة للإكثار من الطاعات.

أضف تعليقك
paper icon
أهم المباريات