أثارت الأنباء عن إجراء تعديل وشيك على حكومة التوافق الوطني برئاسة رامي الحمد الله، تساؤلات النخب الفلسطينية بشأن سبب هذه الخطوة وتداعياتها على مسار المصالحة بين حركتي حماس وفتح.
والتعديل الوشيك سيتخطى، حسب المعطيات الأولية، التغييرات الشكلية من تبديل للحقائب وإقالة وزير، ليطال مستقبل المصالحة ومصير إعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
كما يرمي التعديل إلى تشكيل حكومة مهمتها الأبرز التحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية، بالإضافة إلى المحافظة على تماسك الجبهة الداخلية ضد أي هجوم سياسي أو اقتصادي إسرائيلي.
والوحدة الوطنية تبدو من أبرز التحديات على الساحة السياسية لدرء التهديد الإسرائيلي مع إصرار القيادة على تدويل القضية الفلسطينية ومحاكمة السلطة الإسرائيلية وقادتها أمام محكمة الجنايات الدولية.
وعليه، فإن الإعلاميين الذين حضروا قبل أسبوعين المؤتمر الصحفي للحمد الله المخصص لاستعراض إنجازات الحكومة، لم يقتنعوا برد رئيس الوزراء على سؤال بشأن التعديل، حين قال إنه إجراء "تقني".
فالسؤال الذي جاء خلال مؤتمر صحفي تحدث الحمد الله خلاله عن خفض الدين العام 500 مليون دولار وغيرها من الإنجازات، كان واضحا "ما هو سبب التعديل الوزاري إذن امام هذه الإنجازات الكبيرة ؟؟".
إلا أن الإجابة الدبلوماسية لرئيس الحكومة قوبلت في القاعة بغمز ولمز من الصحفيين، لاسيما أن الإعلان عن التعديل جاء بعد تحميل حركة حماس مسؤولية تعثر عمل الحكومة في قطاع غزة.
ومن أبرز أسباب التعثر الحكومي في غزة، "حكومة الظل" بقيادة عضو المكتب السياسي لحماس زياد الظاظا، التي تجبي الضرائب وتصدر أختام وطوابع بعيدا عن أي تنسيق أو تصدير للأموال إلى خزينة الحكومة في رام الله.
وهذا ما أكده وزير المالية الفلسطيني خلال المؤتمر الصحفي عينه، حين قال إن ما يرد إلى الحكومة من غزة لا يتعدى 5 ملايين دولار، مقابل مصروف يتجاوز 80 مليونا شهريا، وإن حصة القطاع من الموازنة تبلغ 51 بالمئة.
والحمد الله نفسه كان في تصريحات سابقة قد اتهم حماس بعرقلة العمل الحكومي، وذلك حين استشهد بما قاله إسماعيل هنية بعد توقيع "اتفاق الشاطئ"للمصالحة قبل عام "تخلينا عن الحكومة ولكننا لم نتخلى عن الحكم".
واعتبر الحمد الله أن تصريح هنية لهو دليل قاطع على إعاقة عمل الحكومة في غزة، مشيرا أيضا إلى أن حماس مارست الحكم العسكري على الوزراء خلال زيارتين متتاليتين الى القطاع.
وكشف أن حماس مارست الحكم العسكري على الوزراء في آخر زيارة للقطاع، ومنعتهم من مغادرة مقر إقامتهم في أحد فنادق غزة فما كان منهم إلا المغادرة دون السماح لهم حتى بمشاهدة مقار وزاراتهم.
وفي ظل التعثر الحكومي والاتهامات لحماس، أكد كتاب ومحللون فلسطينيون على استحالة نجاح أي تجربة حكومية مماثلة، ليذهب مدير مركز مسارات للدراسات السياسية والاستراتيجية، هاني المصري، إلى أبعد من ذلك.
فقد اعتبر المصري أن أي حكومة ستعجز عن التحرك أو التغيير أو الإعمار، إلا في حال كان يرأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشكل مؤقت حتى اجراء الانتخابات والاحتكام إلى نتائج صندوق الاقتراع.
ويضع طرح المصري، الذي يوافق عليه عدد من المحللين، حدا للجدل بشأن العمل الحكومي وشكل الحكومة وطبيعتها، فحكومة يترأسها عباس لستة أشهر قد تكون الأكثر واقعية لمواجهة تحديات الانقسام الداخلي والتهديدات الإسرائيلية.