بمناسبة حلول الذكرى التاسعة والستين لإلقاء القنبلة الذرية على مدينة "هيروشيما" اليابانية أعدت "التليجراف" تقريرا حول أشهر المدن التي دمرتها الحروب في تاريخ العالم ومقارنة حالها قبل وبعد الحرب.

1-هيروشيما ــ اليابان:

في يوم الإثنين السادس من أغسطس/آب من عام 1945 قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإلقاء قنبلة ذرية على المدينة اليابانية "هيروشيما"، ما تسبب في مصرع 80 ألف شخص على الفور، ورصدت بعض التقارير مقتل 86 ألف شخص آخرين بنهاية العام نتيجة الإصابات والإشعاعات.

وتسببت القنبلة في دمار 70% من الأبنية في المدينة التي تعد أحد أهم المراكز الصناعية على السواحل الجنوبية لجزيرة "هونشو" اليابانية وأحد أهم مراكز الإمداد للجيش الياباني في ذلك الوقت، وبعد مرور شهر على القاء القنبلة تعرضت المدينة لإعصار تسبب في مقتل وإصابة أكثر من 3000 شخص آخرين وتدمير ما تبقى من شبكة الطرق والسكك الحديدية.
ولم تتمكن المدينة من بدء عمليات إعادة البناء إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقامت السلطات بإنشاء "حديقة السلام التذكارية" في عام 1954 في أحد المناطق التي كانت تعد أحد أهم الأحياء التجارية بالمدينة قبل الحرب، وذلك لتخليد ذكرى الحدث كون "هيروشيما" أول مدينة في التاريخ تتعرض لهجوم نووي.
2-نجازاكي ــ اليابان: وفي التاسع من أغسطس/آب عام 1945 أي بعد ثلاثة أيام فقط من تفجير "هيروشيما" قامت قوات الحلفاء بإلقاء قنبلة ذرية أخرى من النوع الذي يستخدم مادة "البلوتونيوم" كوقود للقنبلة على مدينة "نجازاكي" مما نتج عنه مقتل 80 ألف شخص، ورغم أن هذا النوع كان أكثر فتكا من قنبلة "هيروشيما" الا أنه تسبب في أضرار أقل نتيجة عدم استواء سطح مدينة "ناجازاكي".
وبعد ستة أيام أعلنت اليابان استسلامها لتنتهي الحرب العالمية الثانية، وتعد المدينة حاليا مركزا لصناعة بناء السفن وتضم أحد أكثر الموانئ ازدحاما.
3-روتردام ــ هولندا: في الرابع عشر من مايو/أيار من عام 1940 قامت القوات الجوية الألمانية بإلقاء نحو 1300 قنبلة على مدينة "روتردام" الهولندية مما أدى لمصرع 900 شخص وتدمير معظم المناطق الواقعة في مركز المدينة، وتوعد النازيون بتفجير مدينة "Utrecht" أيضا مما دفع الحكومة الهولندية إلى إعلان استسلامها في الصباح التالي.
ودفعت هذه العملية المملكة المتحدة إلى تغيير سياستها التي تقتصر على ضرب الأهداف العسكرية ومنشآت البنية التحتية فقط وقامت في اليوم التالي (15 مايو/أيار) من نفس العام بضرب أهداف صناعية مدنية في مدينة "Ruhr" الألمانية. وقد استغلت "روتردام" فرصة إعادة البناء لإصلاح العيوب التي كانت تضعف منشآت البنية التحتية بها وبحلول عام 1950 نجحت في استعادة شهرتها كأسرع موانئ العالم في تحميل وتنزيل الحاويات.
4-جورنيكا ــ اسبانيا: تعرضت مدينة "جورنيكا" الواقعة في إقليم "الباسك" الاسباني لقصف جوي عنيف في ابريل/نيسان عام 1937 من قبل القوات الألمانية والإيطالية لمساعدة القوميين الاسبان إبان الحرب الأهلية الاسبانية، ويعد القصف الذي أودى بحياة 400 مواطن سلمي واحدا من أوائل الاعتداءات الجوية على السكان المدنيين في العالم، لذلك تعد المدينة مرادفا لكلمة الخوف والدمار، وقام الفنان الشهير "بيكاسو" بتصوير هذا الدمار في لوحة فنية تحمل اسم المدينة.
وفي الذكرى الستين للقصف في عام 1997 قام الرئيس الألماني "رومان هيرتسوج" بتقديم اعتذار مكتوب للناجين الذين ما زالوا على قيد الحياة في ذلك الوقت، وفي الذكرى السبعين قام رئيس إقليم الباسك بإعلان المدينة "عاصمة السلام في العالم".
5-درسدن ــ ألمانيا: تعرضت مدينة "درسدن" الألمانية لقصف وحشي من جانب قوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية في الفترة من 13 إلى 15 فبراير/شباط 1945، وألقت القوات أكثر من 3900 طن من القنابل شديدة الانفجار مما أسفر عن مقتل 25 ألف شخص على الأقل وتدمير معظم المدينة.
وقامت المانيا بالاستسلام بعد ثلاثة أشهر من ذلك التاريخ، وما زالت المدينة تنفق مليارات الدولارات لإعادة ترميم مبانيها ومنشآتها.
6-كوفنتري ــ المملكة المتحدة: تعرضت مدينة "كوفينتري" لسلسلة هجمات من جانب السلاح الجوي الألماني خلال الحرب العالمية الثانية لاحتوائها على العديد من المنشآت الصناعية، وكان أشدها في الرابع عشر من نوفمبر/تشرين ثاني عام 1940 حيث تسببت في هدم "كاتدرائية" المدينة التي لا تزال أنقاضها قائمة حتى الآن.
تم بناء كاتدرائية جديدة وهي كاتدرائية "سانت مايكل" بجوار حطام القديمة في الخمسينيات.
7-ستالينجراد ــ روسيا: تعد معركة "ستالينجراد" معركة فاصلة في تاريخ الحرب العالمية الثانية حيث انتصرت المدينة السوفيتية على قوات المحور، ما مهد لانتصار قوات الحلفاء بعد ذلك، واستمرت المعركة نحو ستة أشهر من 23 أغسطس/آب 1942 وحتى 2 فبراير/شباط 1943، لكن رغم الانتصار تحولت المدينة إلى أنقاض وأطلال بنهاية المعركة نتيجة الاعتداءات الشديدة التي تعرضت لها من سلاح الجو الألماني، ويقدر عدد القتلى بنحو مليوني شخص.
وفي عام 1961 قام الزعيم السوفيتي "نيكيتا كروتشوف" بتغيير اسم المدينة إلى "فولجوجراد" في إطار برنامجه لإزالة آثار العدوان عن المدينة والبلاد بأكملها، وقام الفنانون بنحت تمثال ضخم يحمل اسم "Motherland Calls" لإحياء ذكرى المعركة، وتم الكشف عنه في عام 1967، وكان يعتبر في وقت من الأوقات أكبر التماثيل في العالم حيث يصل ارتفاعه إلى 87 مترا.
8- كولون ــ ألمانيا: تعد مدينة "كولون" الألمانية من أكثر المدن التي تضررت من الحرب العالمية إذ تدمرت تدميرا تاما، حيث تعرضت لإلقاء أكثر من 34.700 ألف قنبلة خلال 262 غارة من جانب سلاح الجو البريطاني، كان أعنفها في الثلاثين من مايو/أيار 1942 حيث تعرضت لإلقاء ألف قنبلة خلال غارة واحدة في ذلك اليوم لتكون المدينة الوحيدة على مستوى العالم التي تتعرض لهذا العدد من القنابل في غارة واحدة، ولقي نحو 486 شخصا مصرعه خلال تلك الفترة قبل أن تتمكن القوات الأمريكية من السيطرة على المدينة في مارس/آذار 1945.
وفي عام 1945 وصفها المهندسون بأنها "أكبر مجموعة من الحطام في العالم"، وبدأت عمليات إعادة بناء المباني التاريخية بالمدينة بعد الحرب مما جعلها تجمع بين مزيج فريد بين الماضي والحاضر، وفي عام 1959 عادت أعداد السكان إلى مستوياتها قبل الحرب، ولم تنته عمليات إعادة البناء إلا في التسعينيات.
9 - برلين ــ ألمانيا: بدأت معركة "برلين" في نوفمبر/تشرين ثاني عام 1943 بهدف تحطيم الروح المعنوية للقوات الألمانية وتوجيه ضربة قاصمة لقوات المحور، وقامت القوات الجوية البريطانية بمهاجمة برلين حوالي 16 مرة خلال الفترة من مارس/آذار وحتى نوفمبر/تشرين ثاني عام 1944، واستمر الهجوم على المدينة حتى نهاية الحرب، وكان للعمليات البرية دور كبير في تدمير المدينة، حيث تم تدمير نصف المنازل وقتل 125 ألف شخص وتحويل 16 كيلومتر مربع من المدينة إلى أنقاض.
وشهدت المدينة فترة عصيبة حتى سقوط "حائط برلين" وإعلان إعادة توحيد ألمانيا، وتعد "برلين" حاليا أحد المراكز الاقتصادية والسياسية القوية في أوروبا ومقصدا محببا للسائحين على مستوى العالم.
10 - لندن ــ بريطانيا: تعرضت "لندن" للهجوم 71 مرة من جانب القوات الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية في محاولة لإضعاف الروح المعنوية البريطانية وتدمير البنية التحتية والقدرة الدفاعية لها تمهيدا لغزو المدينة، وفي عام 1940 تعرضت المدينة للقصف على مدار 57 ليلة متواصلة مما تسبب في تدمير مليون منزل ومقتل 20 ألف شخص.
واستهدفت الغارات الجوية على المدن البريطانية الأخرى مثل "ليفربول" وبيرمنجهام" المراكز الصناعية بتلك المدن، على عكس العاصمة التي كان الدمار الأكبر بها من نصيب المناطق السكنية، وكان من اللافت صمود قبة كاتدرائية "سانت بول" خلال الحرب رغم تعرضها للقصف لتظل دليلا على صمود لندن في مواجهة الألمان ــ على حد وصف "التليجراف".