بحسب ما أوضحه المختصون لـ "الرياض" أنه لا بد من التبليغ ومخاطبة جهات الاختصاص، بعد التأكد من ملاحظة مظاهر التطرف والانحراف الفكري، مؤكدين أن عامل الوقت في غاية الأهمية، خاصة وأن تلك الجماعات الإرهابية لديها تأثير سريع على عقول الأبناء، وهذا ما يفسر الموقف الفجائي للأهل حال ما يكتشفوا أن ابنهم "فجأة" تطرف وانضم للجبهات القتالية والجماعات الإرهابية ليقتل ويفجر نفسه.
ويوضح المختص في علم الإجرام ومكافحة الجريمة والإرهاب أ.د. يوسف الرميح أنه ينبغي على الأسرة عدم إنكار الحقيقة أو فقد الأمل والاستغراق كثيراً في مشاعر الحزن والحيرة، بل يجب أن يدركوا أهمية موقفهم وردة فعلهم فهي بداية المعالجة وطريقة احتواه، مبيناً أن مبادرتهم الجادة والسريعة قبل فوات الأوان هي أحد عوامل مساعدة الابن في تجاوز هذه المرحلة، لافتاً إلى أن مواقف الأهل تغلب عليها العاطفة وإخفاء الحقائق، لكن النهاية تكون واضحة، وهي السفر والانضمام للجبهات القتالية أو الجماعات المتطرفة.
وأضاف د. يوسف: ما يفاقم المشكلة هو تجاهل مظاهر الانحراف لدى الأبناء، أو التعامل مع الموضوع بعاطفة لا مبرر لها، محذراً من اتخاذ ردود فعل متسرعة، كمصادرة الأجهزة الالكترونية، أو الحبس، أو الطرد، أو العنف بكل أشكاله، لأنهم هنا يزيدون الضغط عليه حتى يهرب من المنزل، ويتلقفه أصدقاء السوء وأعداء الوطن، كما أشار إلى أن المعالجة تبدأ بطلب المساعدة دون خجل أو تردد من جهات الاختصاص، إذ لابد أن تؤمن الأسرة بأن "التبليغ لا يعني السجن".
وقال د. الرميح: أنا كعضو في لجنة المناصحة أطمئن الأهالي وأقول لهم لا يسجن أي شاب ثبت عليه التطرف أو تبنى فكرا ضالا، إنما يسجن فقط من يقوم بجريمة، وهؤلاء الشباب المغرر بهم لم يثبت عليهم قيامهم بجريمة مخالفة للأنظمة، بل نقوم بمناصحته في أي مكان عام، حيث قمنا بنماصحة عدد من الشباب في الأماكن العامة كالفنادق والمطاعم وحتى المنازل، لهذا نؤكد مرة أخرى للأهالي أن التبليغ هو بداية الإصلاح والمواجهة، وأن أي حلول قد تأتي دون جهود مشتركه من جهات الاختصاص هي حلول ضعيفة وفاشلة.
وأشار المختص في علم الإجرام ومكافحة الجريمة والإرهاب إلى أنه قد تمت مناصحة عدد من الشباب ولله الحمد عادوا إلى رشدهم، أما من لم يرتدع لجهات المناصحة يتم أحالته للجهات الأمنية المختصة، وأضاف: نحمد الله أن جميع من نقوم بمناصحتهم قد تراجعوا تراجعاً تاماً عن كل أفكارهم ومعتقداتهم، كما أنه يتم التواصل والمتابعة معهم ومع أسرهم للتأكد من ذلك.
وأفاد د. الرميح أن أشد أنواع المواجهة هي مواجهة المتطرف فكرياً، كونه متشدداً ومتشبثاً برأيه، كما أنه يكون اقصائياً عنيداً، ولأن الفكر لا يواجه إلا بفكر أقوى منه، مضيفاً أن الأسر لا تملك العلم والخبرات للمناصحة العلمية الدقيقة، لهذا نؤكد على أن من يملكها هي لجان المناصحة والجهات الرسمية، التي لديها خبرة متراكمة في كيفية التعامل مع الشاب، وما هي الأمور التي نثيرها معه، وما هي الأمور التي نحذره منها.
وتابع بقوله: "وطننا أمانة في أعناقنا جميعاً"، نصيحة للأهل من رجل أمني متخصص في مكافحة الجريمة والإرهاب، يجب على الأب والأم أن لا يتخذوا المسائل بعواتقهم وبأنفسهم، بل يجب اللجوء إلى للجهات المختصة، فكما تلجأ الأسر لأمهر الأطباء عند اعتلال صحة ابنها، عليها أيضاً أن تلجأ للمتخصصين باعتبار أن الابن مريض فكرياً، وذلك بالاتصال على الرقم "٩٩٠" وتوضح أن لديها ابناً يشتبه في ميوله وأفكاره.
مؤكداً أن التبليغ أسهل وأيسر من أن تسمع الأسرة أن ابنها قتل أو فجر نفسه، وبكل صدق أقول، نحن في لجان المناصحة تسرنا تلك المبادرات من الأسر، لأنها البداية الصحيحة، ونأسف حينما نسمع من البعض بأنه رفض التبليغ عن ابنه لعل الله يهديه من نفسه، ثم سافر إلى تلك الجماعات الإرهابية وخرج للجبهات القتالية، مضيفاً أنه يجب أن لا نعالج مشكلة بمشكلة، فعقول شبابنا سهل أقناعها، ولله الحمد قد اقتنعوا من أول مرة، لكن تحتاج إلى من يعرف كيف يقنعها، فهولاء المتطرفون لديهم مفاتيح عرفوا كيف يؤثرون من خلالها على عقول الشباب، ونحن كمتخصصين نعلم ما هي، ولدينا أيضاً مفاتيحنا للإقناع، وأهمها الرد على ما ألتبس في عقولهم من شبهات.