من سبعة عقود تثقل كاهله، اقتطع الشيخ علي أحمد ملا أربعين سنة منها قضاها يصدح بصوته من على منائر الحرم المكي، يدعو بالتوحيد، وحي على الصلاة، وحي على الفلاح. إنه شيخ مؤذني الحرم، الملقب ببلال الحرم.
ينحدر الرجل من عائلة ارتبطت بالأذان وبالحرم المكي خاصة، فقد كان جداه وعمه مؤذنين بالحرم المكي، كما أن بعضا من أبنائه أيضا يواصلون سيرة آبائهم في الأذان بالحرم المكي.
حصل المؤذن ملا على البكالوريوس في التربية الفنية، ثم سجل الماجستير في التخصص نفسه، وواصل تخصصه المحبوب وهو النداء إلى خير العمل من على منابرالمسجد الحرام.
وفي السنة 13 من عمره بدأ الأذان متطوعا في الحرم، من منارة باب الزيارة، ثم انتقل لاحقا إلى منارة باب الحكمة، وبعد فترة أصبح يؤذن في جميع منائر المسجد.
يعود الشيخ ملا مع الزمن إلى ذكريات يصفها "بالعطرة" في مسيرته مع الأذان، قائلا "وقتها كان الأذان يتم من دون مكبرات صوت، وكان يتم في المنابر، ثم يتم التبليغ عبر المنائر، ويقوم بذلك 24 مؤذنا يؤذنون في الوقت ذاته، قبل أن يتم توحيد الأذان عام 1400 هـ، ويتولاه مؤذن واحد، أما الآن فيصل عدد المؤذنين في المسجد إلى 16 مؤذنا، يؤذن الشيخ ليلة الاثنين وليلة الجمعة ويومها، حيث يحرص على نوبته من الأذان، ويعدها مغنما لا يمكن التفريط فيه.
وعن كيفية محافظته على عذوبة وقوة صوته، قال إنه استفاد من نصائح كبار المشايخ المؤذنين، وأنه يتجنب أكل أنماط من المأكولات، مثل بعض البهارات، ويهتم بشرب الشاي الأخضر واليانسون.
ولدى الشيخ ملا هوايات متعددة، منها النشاط الكشفي، وجمع الطوابع، وهو عضو الجمعية السعودية للطوابع، كما أنه عضو جمعية الكشافة السعودية.
وعن مقامات الأذان يقول "عبارات الأذان واحدة، ولكن طريقة الأداء تختلف من بلد لآخر، وأضاف "أنا أفضل المقامات القديمة، وأعتقد أنه هو المناسب للأذان وقراءة القرآن، والأناشيد الدينية، وهي أكثر قدرة على الأخذ بمجامع القلوب وإرسال السكينة عبر مقاطع الأذان ونهايات الكلمات. أما المقامات الحديثة فهي طربية أكثر، وغنائية أكثر وربما غير مناسبة، ولا يمكن أن نماشيها لأنها تخرجنا عن المقام الروحاني إلى مقام طربي غنائي".
ويضيف المؤذن ملا "بعضهم يحب أن يؤذن في مقام الصبا أو يقرأ به القرآن وهو مقام فيه حزن، وأغلب وجوده عند الإيرانيين، ولكن لم يقرأ به أو يؤذن به مطلقا في مكة والحجاز. ويشرح عالم المقامات مؤكدا أنها مجموعة في العبارة عبارة "بحمر دسج، حيث تشير الباء إلى مقام بنجكاه، والحاء إلى حسيني، والميم إلى مايه، والراء إلى رصد، والدال إلى دوكة، والسين إلى سيكاه".
ويمتاز الأذان المكي -بحسب ملا- بأنه قليل العُرَب (أي التمطيط في الأذان)، أما المدني فهو متوسط العرب، قريب من المصري. وبشأن خصائص الصوت المكي فهو يرى أن فيه جهورة وقوة وربما خشونة، أما المدني ففيه ليونة ورقة وهدوء.
ولا يزال الشيخ ملا حريصا على نوبته من الأذان، ويراها خير الزاد وخير الذكر في هذا العالم المتموج، فما أحسن أن تدعو إلى خير العمل من فوق منائر أطهر بقاع الأرض، كما يقول ملا.