close menu

سعودي يبحث عن ابنته منذ 10 سنوات.. والجهات الرسمية ترده بحجة "عدم الاختصاص"

سعودي يبحث عن ابنته منذ 10 سنوات.. والجهات الرسمية ترده بحجة "عدم الاختصاص"
المصدر:
العربية

مضت أكثر من 10 سنوات والمواطن السعودي أحمد عبدالرحمن العويس يحاول معرفة مصير ابنتيه اللتين سُلّمتا بالخطأ، حسب ما يقول، لشخص آخر، وسُلِّم هو جثة بنت وولد لدفنهما.

ومع أنه طرق كل الأبواب الممكنة من وزارة الصحة لإمارة الرياض لمحكمة ديوان المظالم (القضاء الإداري) إلا أن أياً من هذه الجهات لم تنصفه وتساعده في معرفة مصير البنت الأخرى ومن المتسبب في ذلك الخطأ الكارثي، بل إن وزارة الصحة حسب تأكيدات العويس تحولت لخصم يعيقه عن هدفه.

منذ 13-9-2001 والعويس يحاول أن يصل للحقيقة الغائبة، ومع أن ديوان المظالم حكم في المرة الأولى بتشكيل لجنة شريعة للتحقيق في الحادثة إلا أنه عاد مرة أخرى ورد القضية لعدم الاختصاص مما أثار حيرة الأب الذي لم يعد يعرف إلى أين يتجه.

فهو حسب تأكيداته لـ"العربية.نت" لا يريد إلا معرفه مصير ابنته، وكيف يمكن أن يعرف هل هي ماتزال حية أم أنها فعلا تُوفيت، ويقول: "منذ أكثر من عشرة أعوام وأنا أحاول معرفة مصير ابنتي وإلى الآن لم أستطع الحصول على رد شاف. راجعت وزارة الصحة والمحكمة ولكن دون جدوى". 

ويتابع: "أنا مؤمن أننا كلنا بشر وقد نخطئ ولا أحد معصوم عن الخطأ.. وكنت سأقبل لو قال لي المسؤولون في وزارة الصحة إن ابنتيك فعلا توفيتا وسلمناهما بالخطأ لعائلة أخرى قامت بدفنهما وسلمناك ابنهما بالخطأ، هنا سأؤمن بقضاء الله وقدره، ولكن من يضمن لي فعلا أنهما ماتتا؟ خاصة وأن هناك تناقضاً في أقوال الطبيب، ففي البداية قالو إنهما توفيتا بعد ساعتين من الولادة، ثم قالوا إنهما توفيتا بالإسقاط، مع أن الطبيب السوري أكد لي أن الولادة كانت طبيعية في حينها".

ويؤكد العويس أنه طالب حينها بتحليل الحمض النووي للجثتين ومطابقته معه وزوجته والتحقيق في الأمر ولكن وزارة الصحة رفضت ذلك قبل أن يخرج المتحدث الرسمي فيها خالد ميرغني بعد سنوات ليؤكد أنه تم إجراء تحليل الحمض النووي، وحفظ القضية. ويؤكد العويس: "هذا كذب ولم يحدث". 

ويتابع: "طالبت في حينها بتحليل الحمض النووي لكل المواليد في ذلك اليوم بمستشفى اليمامة الحكومي بالرياض لنتأكد من وفاة ابنتي وبعد فترة خرج علينا المتحدث الرسمي لوزارة الصحة خالد الميرغني وقال إن "هذه القضة قديمة" وصدر فيها حكم من إمارة الرياض، مع أن أي عاقل يعرف جيدا أن الإمارة جهة تنفيذية وليست جهة قضائية، ولكن الميرغني قال ذلك في تصريح رسمي، كما أنه زعم أنه تم إجراء اختبار الحمض النووي، مع أنه لم تُسحب أية عينات مني ولا من زوجتي، وبناتي فكيف أجروه حتى دون معرفتي وحضوري؟

ويضيف في حديثه لـ"العربية.نت": كل شيء يؤكد كذب المتحدث في هذا الشأن، فهو كان يبرر الخطأ الذي وقعوا فيه، وحتى عندما حكموا لي بلجنة شرعية كنت أطالب بجهة محايدة ولكن ديوان المظالم (محكمة القضاء الإداري) رد القضية لعدم الاختصاص مع أنهم لم يخبروني من البداية أنهم ليسوا الجهة التي تنظر في الأمر وحتى بعد أن طعنت في خطاب وزارة الصحة وطالبت بالنظر فيه من جديد حددوا موعدا لجلستين ثم حفظوا القضية لعدم حضور المدعي مع أنهم لم يخبروني بموعد الجلسة ولم يخبروا حتى المحامي الموكل عني".

يستغرب العويس عدم وجود جهة تنصفه لمعرفة مصير ابنتيه، ويرى أن الأمر غير مفهوم ويدعو للشكوك. ويقول: "هناك أمور غير مفهومة.. أشك وأجزم أن هناك من يحاول إبعادي عن القضية خاصة وأن المحكمة في البداية حكمت لصالحي بتشكيل لجنة شرعية لبحث الأمر ثم درت القضية لعدم الاختصاص.. فوزارة الصحة تقول إنها حفظت القضية طالما أنني استلمت الجثتين حتى وهم كانوا على خطأ، فلدي شهادة المغسل والمكفن أن المستشفى سلمني ولد وبنت مع أنهم أخبروني أن زوجتي وضعت ابنتين.. كل ما أريد الآن أن يظهرون لي الأرواق الرسمية يوم الولادة ولكن وزارة الصحة رفضت ذلك". 

ويتابع بلهجة حزينة: "حاليا لا أستطيع فعل شيء. طرقت كل الأبواب ولكن لا فائدة، كلمت أكثر من محام ولكن الجميع قال سنعد لك خطابات الدعوى، ولكن لا نستطيع استلام القضية، ولكن هناك محام قبِلَ قبل أيام بالقضية كي أعرف ماذا يحدث وأين مصير ابنتي".

فيما تعذّر الحصول على تعليق من المتحدث الرسمي لوزارة الصحة لعدم إجابته على اتصالات "العربية.نت"، يؤكد المستشار القانوني والناشط الحقوقي أحمد الراشد على وجود تقديم شكوى رسمية ضد وزير الصحة لأنه المسؤول الأول عن الوزارة، ويطالب بفتح تحقيق سريع وشامل في القضية، ويقول لـ"العربية.نت": "الرجل الآن مطالب بأن يقدم شكوى رسمية ضد وزير الصحة، فما حدث يعتبر خطأ طبيا ولابد من محاسبة المخطئين، والمتسببين في الوفاة، وفي الخلط.

ويتابع الراشد: "القضية لها شقين الأول جنائي والثاني حقوقي مدني، ويجب من المدعي العام أن يقيم دعوى عامة على المتسبب في الوفاة من ناحية الحق العام ويحقق مع الشخص الذي تسبب في الوفاة".

ويعترف الراشد بقصور أنظمة التحقيق والتعويض في السعودية ويؤكد أن القضية مستمرة دون حلول، ويقول: "للأسف نطالب كمحامين وحقوقيين بإنشاء محكمة طبية لوقف الأخطاء الطبية التي تزيد يوما بعد يوم. طالبنا بذلك أكثر من مرة ولكن لم ينفذ هذا الشيء".

ويضيف: "ما حدث في قضية العويس أمر غريب، فربما تكون البنت الأخرى ماتزال حية وتم تبديلها بالولد الميت، وهذا الأمر يحتاج لتحقيق كامل وسريع في الموضوع، وللأسف وزارة الصحة متقاعسة بشكل كامل. للأسف أجهزة التحقيق والمتابعة في مديرية الصحة أو وزارة الصحة فاشلة، ولا تؤدي الغرض المطلوب منها في متابعة القضايا والشؤون القانونية فيها".

يشدد المستشار القانوني على أن العويس مطالب الآن بالاتجاه لهيئة الرقابة والتحقيق لأنها هي الجهة المخولة بالنظر في قضيته وليس ديوان المظالم. ويقول: "على العويس أن يرفع لهيئة الرقابة والتحقيق ويشتكي الجهة المعنية، ولا يذهب لوزير الصحة ولا الإمارة، بل يرفع القضية أمام هيئة الرقابة والتحقيق الجهة المسؤولة بالتحقيق في أخطاء المسؤولين في الدولة، ويقيم دعوى أمامها بهذا الشأن لأن القضية جنائية، ويجب أن يباشر المدعي العام القضية ويحقق في صحة إنجاب المرأة، هل هما ابنتين أو ولد وبنت كما سلموه، وذلك من خلال التحقيق مع الطبيب المعالج والقابلات والحاضنات ومدير المستشفى والمراقب".

ويتابع: "الأمر يحتاج لتحقيق شامل لحسم الأمر، ولابد أن يكون هناك محام يتابع القضية كي لا يخدع ولكن المشكلة أن المحامين لا يتحمسون لمثل هذه القضايا لأن ليس لها مردود مالي وليس هناك تجاوب من الجهة المسؤولة في وزارة الصحة ولا من اللجنة الشرعية الطبية ولا حتى مسؤولي الدولة، والتعويض المعتمد سيكون ضئيلاً، فعقوبة المتسبب بالخطأ الإنذار وغرامة 10 آلاف ريال فقط".

ويستغرب الراشد رد بيان المتحدث الرسمي في وزارة الصحة، مؤكداً أنه كان لابد من وجود المعني بالقضية عند إجراء التحليل كي يكون مقبولا. ويضيف: "لابد من وجود الشخص المعني عند تحليل الحمض النووي. لا يمكن أن يأخذوا عينة من شخص غير موجود، فهذا استهتار ومعلومات خاطئة ويجب محاسبة المسؤول عنها".

ويشدد على أن ديوان المظالم لم يكن الجهة المناسبة للدعوى، ويقول: "ديوان المظالم لم يكن الجهة المناسبة للتحقيق في القضية لأنه جهة تعويض فقط، بل هو يلزم الإدارة بالأخطاء الطبية فقط".

ويختم مستغربا: "ربما تكون البنت ماتزال حية، وهذه تعتبر جريمة خارج صلاحيات ديوان المظالم، ولكن للأسف ليس لدينا محاسبة للمخطئين".

ومازال العويس يحاول أن يجد خيط أمل يساعده في معرفة مصير ابنته التي لا يعرف حتى الآن هل توفيت أم ماتزال حية ولكن سلمت لأسرة أخرى بالخطأ.. مع أنه اعترف بأنه بدأ يفقد الأمل.

أضف تعليقك
paper icon