في عام 2025، ستحتاج السعودية لأكثر من ثلاثة ملايين منزل جديد، بحسب ما أكدته وزارة الإسكان، بيد أن عقاريين يرون حاجة البلاد التي سيزيد تعدادها السكاني ليبلغ 37 مليونا بعد 10 أعوام، إلى أكثر من رقم الوزارة، خصوصا أن الوزارة بنت أرقامها على زيادة لا تتجاوز خمسة ملايين نسمة.
مدير عام فرع وزارة الإسكان في المنطقة الغربية المهندس حسين الزهراني أعلن أن المملكة بحاجة إلى 3 ملايين وحدة سكنية خلال العشر سنوات المقبلة، بمعدل 330 ألف وحدة سنويا، وفي حال زيادة عدد السكان 5 ملايين نسمة تقريبا خلال السنوات العشر المقبلة، فإنه يتحتم رفع عدد الوحدات لتتواءم مع نسبة السكان المتوقعة. وأشار المهندس الزهراني لـ «عكاظ» إلى أن إحصائيات مشاريع الوزارة تبين وجود 95 مشروعا تحت التصميم، 25 تحت الطرح، 67 تحت التنفيذ، ليصل عدد المشاريع إلى 187 مشروعا، بإجمالي وحدات بلغت 233651 وحدة في العام الحالي، وأضاف مدير الاسكان إن الوزارة لديها خطط طويلة المدى في الفترة الحالية وهي التي أدت إلى تأخير بناء وتسليم الوحدات للمواطنين، «في رأيي لو أن الفرصة منحت لصندوق التنمية العقاري لدعم طالبي السكن بمبلغ مالي لنجح المواطن في بناء مسكنه بنفسه ولانتهت المشكلة، ولأن الأزمة من اختصاص الوزارة فإنها تبحث عن الأراضي ثم تقييمها، وتشييدها ثم توزيعها على المستحقين.. كل ذلك يستغرق وقتا طويلا».
وأنتقد الزهراني دور المهندسين السعوديين قائلا: لا أرى لهم دورا واضحا، ولا رؤية لهم في حل المشكلة. منتقدا ما أسماه رداءة الوحدات السكنية التي نفذها بعض المقاولين المحليين.
جملة من الاتهامات تحيط بهيئة المهندسين السعوديين وصلت إلى سقف تحميلها جزءا من مسؤولية الأزمة السكنية المستفحلة، في وقت تتجه فيه الأبصار إلى 3 ملايين وحدة سكنية تستهدفها الجهات المختصة خلال العشر سنوات المقبلة. ويقول المنتقدون وأغلبهم من العقاريين وبعض المسؤولين في جهات عدة أن الهيئة سجلت فشلا لا تخطئه العين في تنفيذ مشاريع الوزارة لعدم قدرتها على خلق رؤية موحدة وشفافة في وضع حلول للأزمة المستدامة، وأن عثرات المقاول المحلي تعد سببا إضافيا في الإشكالية لمطالبته غير الموضوعية والمتعسفة بنسبة مقدرة في الأرباح على نقيض موقف المقاول الأجنبي الذي لا يتعسف في المطالبات وفي الأرباح.
هيئة المهندسين السعوديين، خرجت عن صمتها في مواجهة الانتقادات الحادة التي طالتها وظلت تستهدفها في الفترة الماضية واعترفت بأن «ملف الإسكان شائك وفيه جملة من المحاذير».. عبر أمينها السابق بيد أنها عادت لتوضح أن أزمة المساكن ليست قضية هندسية فحسب.. بل تمويلية في المقام الاول، فالمواطن البسيط مهما بلغت مثابرته ليس في مقدوره شراء «فيلا» لأن دخله المادي المحدود يمكنه فقط شراء شقة. وتعتبر الهيئة ذلك أصل الخلاف بين وزارة الاسكان والمواطنين.
واقترح أمين هيئة المهندسين السابق مهندس غازي العباسي تحويل وزارة الإسكان إلى منظم ومخطط لا موزع مساكن، لافتا إلى أن جهود الوزارة مشتتة بين التشييد والتوزيع؛ وهو الأمر الذي أدى إلى خلط أدوار ومهام الوزارة وتعقيدها وازدواجيتها. ويرى أن دور هيئة المهندسين يتمركز فقط في تنظيم المهنة ولا تقدم أية خدمة هندسية، خصوصا أن مهمة تشييد الوحدات السكنية من صميم اختصاصات شركات المقاولات المنفذة وأن جزءا كبيرا من دور الوزارة مفقود باعتبارها المعنية بالدرجة الاولى في التوعية وتحديد احتياجات المواطن على النقيض من دور وسائل الاعلام التي نجحت بامتياز في تفسير معنى الإسكان وإيصال صوت المواطن واحتياجاته الملحة في هذا الشأن.
وأشار العباسي إلى أن بعض الدول في الغرب أزالت مباني ووحدات سكنية منحتها للفقراء لأسباب اجتماعية ونظمت منازلهم في مواقع متفرقة لمعالجة الاشكاليات الاجتماعية. ويعتقد الأمين السابق للمهندسين أن «طموح المواطن جزء من المشكلة فهو لا يرغب بالتدرج في طريقة التملك، ويريد «فيلا» بدلا من شقة سكنية في بداية المشوار، والبنك العقاري جزء من حل المشكلة إن تسلم الملف وتكفل بتسليم الوحدات للمستحقين».
وكان وزير الإسكان الأسبق أوضح أن عدد المستحقين للدعم السكني بلغ 620889 من إجمالي عدد المتقدمين بطلبات الدعم السكني والبالغ 960397 من جميع مناطق المملكة، وذلك خلال شهرين، ما يعني أن عدد الطامحين لمنزل من الإسكان كبير، وبين الوزير أنه بعد مضي 60 يوما من الإقرار تم إطلاق بوابة «إسكان» الإلكترونية على مستوى جميع مناطق المملكة التي استقبلت طلبات الإسكان من المواطنين.
يذكر أن وزارة الإسكان تعمل على إيجاد وحدات سكنية للمستحقين، بعدما بلغت أعداد المواطنين الذين لا يمتلكون مسكنا، أرقاما كبيرة، وبالرغم من تباين الإحصاءات الرسمية وغير الرسمية من عدد من يتملك مسكنا، إلا أن ملف الإسكان من أكثر الملفات الشائكة في المملكة، وينتظر المواطنون وعود وزارة الإسكان المستمرة.