كشفت مصادر مطلعة لـ«الجزيرة» عن رصد الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) حالات أسمتها «شبه فساد» في مشاريع وطنية تسببت في أحداث الأمطار والسيول الأخيرة شهدتها مناطق الرياض ومكة المكرمة والشرقية والمدينة المنورة، وتبوك والقصيم والجوف.
في غضون ذلك تحتفي نزاهة اليوم الأربعاء بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد لعام 2015م تحت شعار: (حطّموا سلسلة الفساد) من خلال ندوة متخصصة يرعاها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض ويستضيفها فندق الإنتركونتننتال بمشاركة نخبة من ذوي الاختصاص من ممثلي الجهات الحكومية والخاصة يناقشون عبرها دور الجهات الحكومية والخاصة في ردع سبل الفساد.
وأضافت «المصادر» أن نزاهة ستواصل التقصي في أسباب قصور المشاريع الذي كشفت عنه الأمطار والسيول التي هطلت على بعض المناطق وما ترتب على ذلك من عدم وجود تصريف للسيول في بعض المناطق الأمر الذي ألحق أضراراً ببعض الممتلكات العامة وممتلكات المواطنين والمقيمين في عدد من المناطق. وتابعت الفرق الميدانية مهامها ورفعت تقاريرها للمقام السامي استناداً على تنظيم الهيئة القاضي بإعداد التقارير ورفعها للمقام السامي الكريم عند الحاجة.
إلى ذلك حذَّر اقتصاديون عبر «الجزيرة» من المخاطر المترتبة على سوء تنفيذ العديد من المشاريع خصوصاً ما يتعلق بالبنية التحتية، وطالب الاقتصادي فضل البوعينين بتحويل كافة المشاريع الإستراتيجية في المملكة إلى هيئات خاصة بعيداً عن الوزارات التي تنشغل عن اختصاصاتها الأصلية، وقال: هناك 3 أسباب رئيسة لفشل المشاريع الحكومية ويتمثل الأول في طريقة طرح المشاريع إذ إن طريقة المناقصات تحتاج إلى إعادة نظر على اعتبار أن 75% من المشاريع المتعثرة أسبابها آلية طرح المناقصات، أما السبب الثاني فهو مرتبط بعقود الباطن، فالشركات الكبرى عندما ترسو عليها بعض المناقصات والعقود تتعاقد من الباطن مع شركات أخرى، وهذا ليس فيه خلاف لأنها ستبقى المسؤولة عن التنفيذ والإشراف عليه بالكامل، ولكن الإشكالية أن بعض الشركات تعطي المشروع بالكامل لشركات أخرى من الباطن، وتقوم تلك الشركات بالتعاقد مع شركات أخرى ويتحول نظام المناقصات الحكومية من عقود إنشاءات إلى عقود مضاربة ينتج منها مشاريع متعثرة ذات جودة رديئة وخاسرة في النهاية، وهذا ما يحدث في معظم المشاريع التي تنفذ في المملكة. وأضاف البوعينين: السبب الثالث للتعثر يكمن في الرقابة الإشرافية على تنفيذ المشاريع في القطاع الحكومي، فمعظم الجهات الحكومية المعنية برقابة المشاريع لا يوجد فيها إلا مهندس واحد في الغالب.
وكان مجلس الوزراء قد اتخذ خطوات فعّالة للحد من أسباب تعثر المشاريع الحكومية أو تأخرها، تشمل الموافقة على الترتيبات الخاصة بمعالجة تأخر أو تعثر مشروعات الجهات الحكومية التنموية والخدمية، وإسراع الجهات الحكومية بوضع آليات الارتقاء بإدارة مشروعاتها لضمان إنجازها وفق جدول زمني محدد.
وكذلك توجيه الجهات المعنية برفع تقارير دورية إلى اللجنة الدائمة في الديوان الملكي لمتابعة ومراجعة تنفيذ المشروعات التنموية والخدمية. ويرى البوعينين أهمية تكليف مكاتب استشارية للإشراف على تنفيذ المشاريع وإنجازها وفقاً للخطة الزمنية وبالمواصفات المطلوبة، مشيراً إلى أن تكلفة المكاتب الاستشارية لن تُشكّل عبئاً كبيراً على تكلفة المشاريع.
من جهته شكر رئيس «نزاهة» الدكتور خالد المحيسن سمو أمير منطقة الرياض لرعايته للندوة، وقال إن المملكة تشارك المجتمع الدولي بالاحتفاء بهذه المناسبة من خلال ندوة متخصصة تأتي في إطار سعي الهيئة لتنفيذ ما نص عليه تنظيمها، القاضي بعقد المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية حول الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد.
وذكر أن الندوة سيشارك فيها نخبة من ذوي الاختصاص من ممثلي الجهات الحكومية والخاصة، وسيناقشون فيها من خلال عدة جلسات مفتوحة، محاور تتعلق بردع سبل الفساد، مؤملاً في أن تسفر الندوة عن مقترحات وتوصيات تستهدف تطوير سبل محاربة الفساد، وتعزيز الآليات التي نستطيع بها تجفيف منابعه، لينعكس ذلك على الأداء والإسهام بشكل فاعل في مكافحته وأن تتواصل الجهود في المملكة ودول العالم، لدعم التعاون المثمر والبنّاء في مجال حماية النزاهة ومكافحة الفساد.