أكد معالي وزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير أن المملكة العربية السعودية وتونس تربطهما علاقات تاريخية وإستراتيجية, وأن التشاور والتنسيق بين البلدين قائم وسيستمر, مشيراً معاليه إلى وجود رغبة من قيادة البلدين في تكثيف هذه الجهود خدمة لمصلحة الشعبين الشقيقين .
ووصف معاليه خلال مؤتمر صحفي مشترك مع معالي وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش عقد بمقر وزارة الخارجية التونسية اليوم , علاقات المملكة وتونس بأنها علاقات قديمة وهي علاقات متينة وقوية مبنية على أسس الاحترام المتبادل وعلى رؤية إستراتيجية موحدة فيما يتعلق بمواجهة التطرف والإرهاب وفيما يتعلق بالعديد من القضايا .
وبين معالي وزير الخارجية أنه تم خلال اجتماعه بمعالي وزير الخارجية التونسي بحث سبل دعم التعاون والتبادل الاقتصادي بين المملكة وتونس , معبراً عن أمله في أن تفضي هذه المحادثات إلى تعزيز وتكثيف العلاقات في هذا المجال .
وأضاف معاليه أنه تم التطرق أيضاً إلى أهمية إيجاد حل سياسي للأزمة السورية وبحث سبل التعامل مع الأوضاع في العراق واليمن , بالإضافة إلى سبل إيجاد حل سلمي للأزمة في ليبيا وأهمية التصدي للتطرف والإرهاب وتكثيف الجهود بين الدول في هذا المجال .
وبشأن القضية الفلسطينية , أكد معالي وزير الخارجية أن القضية الفلسطينية بالنسبة للدول العربية والإسلامية هي القضية الأولى ولا تزال , والمملكة كانت منذ عقود تسعى لحث المجتمع الدولي لإيجاد حل لهذه القضية مبني على قرارات الشرعية الدولية وعلى حل يؤدي إلى دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية , مشيراً معاليه إلى أن المملكة وضعت مبادرة الملك فهد في فاس في قمة 81 -82 التي كانت تهدف لإيجاد حل سياسي ومحاولة لحث المجتمع الدولي على تبنيها .
وتابع معاليه " أن المملكة العربية السعودية أيدت اجتماع مدريد في 1991م من أجل الوصول إلى إقامة دولة فلسطينية , كما طرحت مبادرة السلام التي أصبحت مبادرة السلام العربية في قمة بيروت في عام 2002م والتي تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس الشرقية " .
وشدد معاليه على أن المملكة لا تزال مستمرة في حث المجتمع الدولي واستخدام نفوذها مع كل الأصدقاء للوصول إلى تسوية عادلة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية , مشيراً إلى أن المملكة منذ بداية هذه الأزمة وهي تقف جنباً إلى جنب مع الأشقاء في فلسطين وأنها كانت دائماً من أقوي الداعمين للأشقاء الفلسطينيين مادياً وسياسياً ومعنوياً وستستمر على هذا النهج لحين تحقيق مطالب الأشقاء الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية .
وحول التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب قال معالي وزير الخارجية " التحالف الذي تم تشكيله والذي انضمت إليه أكثر من 35 دولة إلى حينه , هو تحالف سيكون لكل الدول , هدفه مواجهة الإرهاب من نواحي أمنية وعسكرية من جهة ومن ناحية فكرية من جهة أخرى" .
وأشار معاليه إلى أن الانضمام إلى التحالف طوعي وأن على كل دولة أن تختار ماذا ستقدمه من دعم أو ماذا ستطلبه من مساعدات من الدول الأخرى , مفيداً بأن التنسيق سيكون بين الدول الإسلامية فيما يتعلق بتبادل المعلومات والخبرات وتوفير المعدات في المجال الأمني.
وشدد على أنه لا يمكن القضاء على الإرهاب بدون توحيد الصف فيما يتعلق بالتعاون الدولي , مشيراً إلى أن دولة واحدة لا تستطيع أن تحارب الإرهاب وأن التحالف الدولي مهم جداً كما هو الشأن بالنسبة للتحالف الإسلامي .
وأكد معالي وزير الخارجية أن التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب يهدف أيضاً لإبراز أن الإسلام يرفض الإرهاب وأنه ضحية للإرهاب , مشيراً معاليه إلى أن الإسلام في مقدمة الحضارات التي تحارب الإرهاب .
وأشار معاليه إلى أن التعاون فيما يتعلق بالجانب الفكري في التصدي للفكر الإرهابي يكمن في بحث كيفية التصدي لهذا الفكر والخروج برسالة تناقض هذا الفكر المتطرف عن طريق الإعلام أو عن طريق العلماء أو عن طريق الوسائل الإعلامية الحديثة أو عن طريق التعليم , مؤكداً أن الهدف هو خلق إستراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب أمنياً وعسكرياً وفكرياً وتعليمياً ومادياً عن طريق قطع تمويل الإرهاب اجتماعياً ؛ وأن تكون الخطة شاملة تستطيع الدول الإسلامية الأعضاء في هذا الحلف أن تستفيد من خبرات الآخرين في هذا المجال .
وأكد معاليه أن تونس ستستفيد من هذا التحالف لأنها تواجه مشاكل من قبل تنظيم " داعش " الإرهابي الذي بدأ يأتي من سوريا إلى ليبيا وإلى تونس , مشيراً إلى أن تونس عانت من عمليات إرهابية في الماضي وأن تبادل المعلومات والخبرات والرسائل الفعالة سيخدمها , وفي نفس الوقت ستستفيد المملكة التي عانت وتعاني من الإرهاب , وستتم الاستفادة من خبرات الدول الأخرى بما فيها تونس في الحصول على المزيد من المعرفة لمواجهة هذا الإرهاب وللحصول على مزيد من الخبرات وأفضل الوسائل لمواجهتها أمنياً أو مادياً أو فكرياً .
وتحدث معاليه عن اتفاق المملكة وتركيا على إنشاء مجلس تنسيق استراتيجي بين البلدين على مستوى رفيع , وقال " الهدف من وراء هذا المجلس أن يكون هناك تنسيق في المجالات المختلفة التي تربط بين البلدين سواءً كانت في المجال الأمني أو العسكري أو الاقتصادي أو المالي أو التعليمي أو غيرها من المجالات ليكون هناك تحرك استراتيجي منسق بين البلدين " , مشيراً إلى أن الهدف من وراء تأسيس هذا المجلس هو دفع العلاقات السعودية التركية إلى أفق أقوى وأفضل مما كانت عليه في الماضي لتصبح علاقات إستراتيجية .
وأكد معالي وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش من جانبه، أن زيارة معالي وزير الخارجية الأستاذ عادل الجبير إلى تونس تبشر بكل خير بالنسبة لمستقبل العلاقات بين المملكة وتونس , مفيداً بأن هذه الزيارة ستكون بداية للقاءات سياسية واقتصادية وأمنية للتشاور باستمرار وبانتظام بين البلدين من أجل توحيد المواقف ووجهات النظر حول القضايا المشتركة والقضايا الإقليمية والدولية.
وقال معاليه " يمكن لي أن أؤكد أن ما تبادلناه أمس واليوم من حوار حول هذه القضايا جعلنا نعتقد أن مواقفنا متقاربة جداً حتى لا أبالغ وأقول أنها موحدة , لكن المهم أنها متقاربة جداً إلى حد أنه يمكن لنا أن نسهم معاً في النقلة النوعية التي نريدها في المنطقة خاصة فيما يتعلق ببؤر التوتر التي تضر بمصالح الشعوب العربية وتضر بالمصلحة القومية والأمن القومي العربي " .
وأشار معالي وزير الخارجية التونسي إلى أن تطورات الأوضاع في المنطقة وتعقيداتها الإقليمية والدولية تحتم على البلدين تكثيف الاتصالات والتعاون والتشاور في المجال الاقتصادي والأمني وفي المجالات السياسية وغيرها .
وعبر البكوش عن تفاؤله بمستقبل العلاقات بين المملكة وتونس وبالجهود المبذولة من أجل المصلحة ليس فقط مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين وإنما مصلحة الأمة العربية وخاصة فيما يتعلق ببؤر التوتر للخروج من أشكال العنف إلى الحلول السياسية التي تخدم مصالح الجميع .