"لا تدفن رأسك في الرمال كما يفعل النعام" مقولة نسمعها جميعاً حينما يتخذ أحدهم قراراً بالهروب من مشاكله أو الخوف منها.
والحقيقة أن التشبيه هنا غير صحيح، ومن الشائعات الخاطئة مع الأسف أن النعامة تدفن رأسها في الرمال من الخوف والهروب من المخاطر والأعداء ؟! دعونا نتعرف على القصة.
النعام.. طائر من النعاميات الكبيرة التي لا يمكنها الطيران.. موطنه الأصلي أفريقيا والشرق الأوسط، إلا أنه تعرض خلال العصور لعمليات صيد جائر أتت على الأعداد التي كانت توجد في صحاري الشرق الأوسط، كما يوجد نوع آخر مشابه من النعام يتواجد في جنوب غرب آسيا.
تزن ذكور النعام حوالي 100 - 150 كغم, كما يبلغ ارتفاعه ما بين 2,4 أمتار، يتميز النعام بقوة ساقيه المذهلة، حيث يستطيع العدو بسرعة تصل إلى 50 كلم/ساعة وأن يحافظ على سرعته تلك لمدة نصف ساعة والنعام هو الطائر الوحيد الذي له إصبعان في كل قدم.
طيور النعام بالرغم من طول رقابها وارتفاع قامتها إلا أنها قصيرة النظر، وهي تعيش في مراعيها باحثة عن ثمار نبات الحنظل، وهو من النباتات التي تفترش الأرض مثل الشمام والقرع العسلي، فتقترب برأسها من الأرض لدرجة تعجز معها عن رؤية ما يحيط بها من أخطار.
وقد حباها الله بالفطرة، فتعلمت أن ترهف سمعها للتصنت على وقع خطوات الحيوانات المفترسة، وتعلمت بفطرتها أن انتقال الصوت في المواد الصلبة أسرع كثيراً من انتقاله في الهواء.
لذلك فهي تدس رأسها في الرمال بين الحين والآخر من أجل التصنت على الذبذبات التي ينتشر صداها في الأرض من مسافات بعيدة لوقع خطوات الحيوانات الخطرة وتميز أيضاً الاتجاه الذي تأتي من ناحيته تلك الأصوات، فتكون حافزا لها على الهرب في الاتجاه الذي يضمن سلامتها وأمنها.
يذكر أن محتجين أستراليين ابتكروا وسيلة احتجاجية مبدعة، في واحد من أكثر الاحتجاجات تعبيرا عن المخاوف بشأن مخاطر التغييرات المناخية والاحتباس الحراري على الإنسان، إذ دفنوا رؤوسهم في الرمال على شاطئ بوندي الأسترالي، لإيصال رسالة إلى توني أبوت، رئيس الوزراء الأسترالي، وقادة قمة العشرين في 2014 التي عقدت بأستراليا لتنبيههم بمخاطر التغير المناخي.
وحفر أكثر من 400 من النشطاء حفرات في الرمال حتى يتمكنوا من دفن رؤوسهم إلى منتصف أجسامهم، لمدة ثلاث دقائق متواصلة، احتجاجا على ما يسببه الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية من أضرار على الكوكب وحياة البشر.