تلوح في الأفق نذر مواجهة بين تركيا وروسيا، بعدما صعّد الجانبان من حدة خطابهما.
فقد اتهمت تركيا روسيا بارتكاب "جريمة حرب واضحة" أمس الاثنين، بعد إصابة مدرستين ومستشفى ومركز طبي تديره منظمة أطباء بلا حدود قرب الحدود التركية السورية بصواريخ، مما أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص.
وأدانت وزارة الخارجية التركية الضربات الجوية الروسية في سوريا، ووصفتها بأنها "جرائم حرب صريحة تنتهك القانون الدولي"، وقالت في بيان لها، إن مجموعة دعم سوريا قررت في اجتماعها بتاريخ 11 فبراير/شباط الجاري وقف الاشتباكات في سوريا، وأضافت "للأسف إنَّ روسيا بعد هذا القرار زادت من ضرباتها الجوية في سوريا، مستهدفة المدنيين والمدارس، وكل هذا على مرأى الجميع".
واستنكر البيان بشدة الهجمات الروسية، واعتبرها بمثابة جرائم حرب تتنافى مع الضمير الإنساني وتتنافى مع القانون الدولي، مؤكدا أن "ارتكاب روسيا لهذه الجرائم يعمق الحرب في سوريا، ويزيد حدة التصعيد في المنطقة".
وزاد البيان أن العواقب "ستكون وخيمة في حال عدم إنهاء روسيا أعمالها وهجماتها التي تبعد سوريا عن السلام والاستقرار".
وأكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أن بلاده لن تسمح بسقوط مدينة إعزاز السورية، وسترد على وحدات حماية الشعب الكردية -الجناح العسكري لمنظمة حزب الاتحاد الديمقراطي- إذا ما استمرت في شن الهجمات على مدينة إعزاز بريف حلب.
وقال داود أوغلو إن "وحدات حماية الشعب هي بيدق ضمن المساعي الروسية التوسعية في سوريا"، وأضاف خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره الأوكراني أرسيني ياتسينيوك في العاصمة الأوكرانية كييف أمس الاثنين، أن النظام السوري وروسيا التي تدعمه ودولا أخرى ومنظمات إرهابية -في مقدمتها حزب الاتحاد الديمقراطي- ارتكبوا جرائم كبيرة ضد الإنسانية في سوريا.
موقف روسي
من جهته، أعلن غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي، أن بلاده ستستمر في محاربة من سماهم الإرهابيين في سوريا، حتى إذا تمّ التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار.
وطلبت روسيا في وقت متأخر أمس من مجلس الأمن الدولي عقد جلسة اليوم الثلاثاء، لمناقشة قصف تركيا أهدافا في سوريا، وعبرت عن القلق بشأن هجمات الجيش التركي على مقاتلي مليشيا كردية تدعمها موسكو.
وقصفت تركيا مواقع لوحدات حماية الشعب الكردية، لمنع مقاتليها من الاستيلاء على بلدة إعزاز الواقعة على بعد ثمانية كيلومترات فقط من الحدود.
دعوة للتهدئة
وفي سياق متصل، قالت مستشارة الأمن القومي في البيت الأبيض سوزان رايس -في مؤتمر صحفي في كاليفورنيا أمس- إن تكثيف القصف في شمال سوريا يتعارض مع الالتزامات التي قدمت في قمة ميونيخ، ويطرح تساؤلات بشأن مدى التزام روسيا بما تم التوصل إليه.
وقالت ندين بأشد العبارات استمرار هذه الغارات، ونعتقد أن لها تداعيات سلبية فيما يتعلق بالتعهدات التي تم التوصل إليها في ميونيخ، والمصالح المشتركة في خفض مستوى العنف والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.
كما دعا مسؤول في الخارجية الأميركية أمس، كلا من تركيا وروسيا إلى حوار مباشر بين حكومتي البلدين وتجنب التصعيد. وقال المسؤول -الذي طلب عدم نشر اسمه- من المهم "أن يتحدث الروس والأتراك مباشرة، وأن يتخذوا ما يلزم من خطوات لمنع التصعيد".
وراهنت الولايات المتحدة منذ نهاية العام الماضي على الحل السياسي في سوريا، وكانت آخر محطات هذه المساعي ما تم التوصل إليه الخميس الماضي في ميونيخ بين القوى الكبرى، وتضمن دعوة "لوقف الأعمال العدائية" خلال أسبوع، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية إلى البلدات السورية المحاصرة.
لكن التصعيد الأخير للوضع في شمال سوريا وتبادل الاتهامات بين روسيا وتركيا، يجعل من الصعب التوصل لوقف إطلاق النار خلال أيام كما نص اتفاق ميونيخ في 12 فبراير/شباط الحالي.
وكان المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي ندد بشدة بما سماه "وحشية نظام الأسد"، مشككا في "رغبة أو قدرة روسيا في المساعدة على وقفه".
وأعرب كيربي عن استياء واشنطن الشديد "لكون نظام الأسد وداعميه يواصلون هذه الهجمات من دون سبب وعلى حساب التزاماتهم الدولية، التي يفترض أن تحمي المدنيين الأبرياء، بما يتنافى مع الدعوات التي صدرت بالإجماع" من المجموعة الدولية لدعم سوريا في ميونيخ.