أعلن حلف الناتو أن وزراء خارجية الدول الأعضاء في الحلف يعتزمون التوقيع على بروتوكول انضمام جمهورية "الجبل الأسود" إلى الناتو.
جاء هذا الإعلان بعد حوالي 6 أشهر من دعوة الناتو جمهورية الجبل الأسود (مونتنيجرو) ببدء المفاوضات حول انضمامها للحلف. وسوف يوقع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الحلف يوم الخميس المقبل على البروتوكول، وسوف يتم التصديق عليه من قبل دول الناتو فيما بعد.
وذكر بيان الناتو أن وزراء خارجية الدول الحليفة يوقعون يوم 19 مايو 2016 على بروتوكول بشأن انضمام الجبل الأسود، حيث تحصل هذه الجمهورية على وضع "مدعوة" بعد التوقيع على البروتوكول، ما يسمح لممثليها بالمشاركة في اجتماعات الحلف بصفة مراقب. وسيدخل البروتوكل تعديلات على اتفاقية واشنطن، والتي هي الوثيقة الأساسية للحلف، وتتضمن هذه التعديلات تصديق الدول الأعضاء ومن ثم تصبح الدولة المدعوة عضوا كامل العضوية في الحلف بعد حصولها على الدعوة النهائية من الأمين العام للحلف.
وفي تعليقه على آفاق انضمام الجبل الأسود إلى الحلف، قال ممثل عن الناتو إن "التصديق يعتمد على الآليات القومية، لذا من الصعب القول كم من الوقت ستستغرق هذه العملية". أما رئيس وزراء الجبل الأسود ميلو جوكانوفيتش فقد أعلن في مارس 2016 أن بلاده يمكن أن تصبح عضوا كامل العضوية في الحلف في منتصف عام 2017. غير أن المعارضة آنذاك نددت بهذا القرار، وطالبت باستقالة رئيس وزراء البلاد وتعيين حكومة مؤقتة وتحديد موعد انتخابات برلمانية جديدة، وإجراء استفتاء حول انضمام البلاد إلى الحلف.
أما الموقف الروسي بهذا الصدد فقد جاء، في وقت سابق، على لسان المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا التي قالت إن "جرّ الجبل الأسود للانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي يعتبر إهانة للبلاد، وأن النخبة السياسية في الجبل الأسود تتعرض للضغط من قبل الغرب بما يتعلق بهذه المسألة"، مشيرة إلى أنه حتى الآن ما زالت تماثيل ضحايا قصف الناتو صامدة في هذه المنطقة.
وأوضحت زاخاروفا بأن مسألة انضمام جمهورية "الجبل الأسود" إلى حلف شمال الأطلسي، يجب أن يُبَّتَ بأمرها عن طريق إجراء استفتاء في الجمهورية اليوغوسلافية السابقة. هذا في حين تبنى مجلس الدوما الروسي، وثيقة دعا فيها البرلمانيين في دول أخرى إلى منع توسع الناتو وانضمام الجبل الأسود إليه.
في ديسمبر 2015 أعلنت موسكو أنها سترد حتما على إعلان حلف الناتو البدء ببحث ضم جمهورية الجبل الأسود. وأكد الكرملين حتمية الرد الروسي على مواصلة الناتو توسعه شرقا، في إشارة إلى الدعوة الرسمية التي وجهها الحلف لجمهورية الجبل الأسود للانضمام إليه.
وقال الناطق الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن موسكو تؤكد دائما، وعلى مختلف المستويات، أن مواصلة توسع الناتو وتوسيع البنية التحتية العسكرية التابعة للحلف شرقا، يؤدي حتما إلى إجراءات جوابية يتخذها الجانب الروسي لضمان أمنه والحفاظ على تكافؤ المصالح. لكنه أكد أنه من السابق لأوانه الحديث عن إجراءات جوابية معينة على قرار الناتو الأخير.
وكان الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتينبورج قد أعلن في 2 ديسمبر 2015 أن الحلف وجه الدعوة رسميا إلى جمهورية الجبل الأسود لبدء المفاوضات على شروط انضمامها إلى الناتو. وقال إن "تبنى حلف الناتو قرارا تاريخيا يقضي بإطلاق المفاوضات مع الجبل الأسود تمهيدا لانضمامها إلى الحلف. وعليه، نوجه الدعوة إلى وزيري خارجية ودفاع الجبل الأسود لحضور جلسة الحلف". ولفت إلى "أن دعوة الجبل الأسود للانضمام إلى الناتو، لا تمت إلى روسيا بصلة، وغير موجهة ضد أي طرف كان"، مشيرا إلى أن الأمر على هذا الصعيد يخص الجبل الأسود والناتو حصرا". وشدد على أنه لا يحق لأي بلد كان، التدخل بقرار سيادي تتبناه دولة مستقلة.
كما أشار الأمين العام لحلف الناتو أيضا إلى أن هناك تطورا ديناميكيا على طريق انضمام كل من البوسنة والهرسك، وجورجيا، ومقدونيا إلى الناتو.
واحتفاء بهذه الخطوة، اعتبر وزير خارجية الجبل الأسود إيجور لوكشيتش آنذاك أن هذا اليوم تاريخي بالنسبة إلى الجبل الأسود ولدول غرب البلقان. وأعرب عن دعم بلاده التام للإصلاحات بما يخدم تأييد الرأي العام في الجبل الأسود الانضمام إلى الناتو. ورجح مراقبون أن تنتهي المفاوضات بين الناتو والجبل الأسود في فترة قصيرة، على أن تلتحق الجمهورية رسميا بحلف الناتو في غضون عام أو اثنين.
جمهورية الجبل الأسود كانت قد انضمت إلى برنامج حلف الناتو "الشراكة من أجل السلام" عام 2003 وهي لا تزال في نطاق اتحاد كونفدرالي مع صربيا. وفي أعقاب إعلان استقلالها عام 2006، جددت الجبل الأسود التأكيد على استمرار نشاطها ضمن هذا البرنامج، إلى أن تسلمت عام 2009 خطة عمل انضمامها إلى عضوية الناتو، والتي يمثل تطبيقها الخطوة الأولى قبل الانضمام إلى الحلف، دون أي ضمانات بالقبول.
غير أن رئيس لجنة الشؤون الدفاعية والأمنية بالبرلمان الروسي فيكتور أوزيروف توقَّع آنذاك أن تتخلى موسكو عن مشاريع التعاون العسكري التقني مع الجبل الأسود بعد انضمامها إلى الناتو. وقال أوزيروف إنه على دولة الجبل الأسود أن تدرك استحالة مواصلة العديد من البرامج التي كانت تتعاون مع روسيا في تنفيذها، بما في ذلك برامج التعاون العسكري التقني، بعد انضمامها إلى الناتو.