لعله لم يدر بخلد محمد حويج بوهلال الفرنسي من أصل تونسي وهو ينفذ هجوم نيس الذي خلف عشرات القتلى والجرحى، أن من بين ضحاياه طفلاً في عمر الزهور، ووحيد والديه يدعى "كيلاني".
ووالدته في عقدها الثاني تدعى "ألفة خلف الله ماجري" تنتظر بلهفة خلال أسابيع عودتها لمسقط رأسها؛ بلدة النفيضة من محافظة سوسة (شرقاً)، حيث تستعد للاحتفال بختان "كيلاني" الذي يتم عامه الرابع في الرابع عشر من أغسطس/آب المقبل.
"سالم ماجري"، عم كيلاني، والذي لا يزال تحت وقع الصدمة يروي لـ"هافينغتون بوست عربي" أنه يوم الحادثة المشؤومة خرجت ألفة زوجة شقيقه طاهر وابنها الوحيد وصديقتها من أصل مغربي؛ لمشاركة الفرنسيين احتفالاتهم باليوم الوطني، لاسيما وأن مكان الاحتفال على بعد أمتار قليلة من منزلهم، بينما اختار الأب الذي يعمل كمقاول بناء البقاء في المنزل.
مأساة أب
فوجئ سالم في تلك الليلة -بحسب روايته- بمكالمة هاتفية في ساعة متأخرة من شقيقه طاهر يخبره بأن فاجعة حلت به، بعد أن طرق صديقه باب بيته، وأعلمه بأنه تم العثور على جثة زوجته ألفة على بعد أمتار من مقر سكناهم، بعد دقائق من تنفيذ عملية الدهس، فما كان منه إلا أن انطلق مسرعاً نحو الشارع، ليجد زوجته قد فارقت الحياة، وعلى مقربة منها حذاء ابنه كيلاني، ودراجته الصغيرة، فيما ظل مصير الطفل مجهولاً طوال 48 ساعة.
يستطرد سالم روايته، بقوله إن شقيقه بحث طوال تلك الليلة واليوم التالي في كل المستشفيات والشوارع المحاذية، وأطلق نداءات استغاثة على شبكات التواصل الاجتماعي، في سبيل إيجاد ابنه، لكن دون جدوى، قبل أن يتلقى يوم السبت رسالة لتسلم جثة ابنه من أحد المستشفيات، بعد إجرائه فحص الحمض النووي "دي إن إيه" والتعرف على ملامح صغيره كيلاني.
ابحث عن "كيلاني"
"إس أو إس نيس" إحدى صفحات التواصل الاجتماعي عبر تويتر، التي أطلقها نشطاء في المجتمع المدني للبحث عن مصير المفقودين من ضحايا عملية الدهس، ونشرت إعلان
بدورها كانت صحيفة "الديلي ميل" البريطانية قد نقلت في تقرير بالفيديو صرخات الأب طاهر الملتاع من وفاة زوجته ودخوله في حالة هستيرية بعد تعرفه على جثة ابنه، لاسيما وأن علاقة طاهر بابنه "تجاوزت علاقة الأبوة إلى الصداقة"، فقد كانا بحسب شهادة العائلة لا يتفارقان، وهو من اختار له اسم "كيلاني" أو "كيلان" كما يحلو له مناداته، فضلاً عن أن هذا الطفل الصغير "كان يتمتع بجاذبية كبيرة ومحبوب لدى كل العائلة بفضل روحه المرحة وخفة دمه وحبه للصور".
الرحلة المرتقبة لكن بنهاية أخرى
وأخيراً ينتهي انتظار ألفة، وتعود إلى مسقط رأسها، ولكن ليس للاحتفال بختان كيلاني، وإنما ليتوارى جثمانهما تحت الثرى، حيث من المقرر أن تبدأ رحلة عودة الجثمانين فور استيفاء الأب الإجراءات القانونية، ولعل من المفارقات أن يكون منزل عائلة القاتل محمد حويج بوهلال لا يبعد سوى كيلومترات عن بيت ضحاياه في ذات المحافظة، كما أن طاهر تزوج من ابنة خالته واسمها "ألفة خلف الله"، وذات الأمر مع منفذ الهجوم الذي تزوج من ابنة خالته "هاجر خلف الله"، حتى أن المرأتين بالصدفة تحملان ذات اللقب.
يذكر أن وزارة الخارجية التونسية كانت قد أعلنت في بيان لها، عن وفاة 4 تونسيين في هجوم نيس، الذي خلف نحو 84 قتيلاً وعشرات الجرحى.