مذبحة غير مسبوقة تعرضت لها غزلان الرنة في النرويج، لم يرتكب المذبحة صيادون جائرون أو ذئاب ضارية ولكنها وقعت جراء صواعق تزامنت مع سقوط للأمطار مما أدى إلى نفوق أكثر من 300 من غزلان الرنة.
وقعت المذبحة في هاردانجرفيدا الهضبة الجبلية الواقعة بجنوب النرويج والتي تعرف بجمالها الطبيعي للسياح والمتنزهين. ومع تغير الفصول، تهاجر الآلاف من غزلان الرنة عبر الهضبة، وتنتقل من المناطق الجافة في الشرق حيث تتغذى إلى مناطق ممطرة حيث تتكاثر.
ولكن في يوم الجمعة 26 أغسطس/آب /2016 حولت عاصفةٌ الهضبة إلى مشهد مروع. قتلت الصاعقة قطيعاً من 323 غزال رنة حسب آخر إحصاء، متضمناً 70 عجلاً، وخمس غزالات رنة سحقتهم العاصفة وتسببت في إصابتهم إصابات بالغة، وفق ما ذكره تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
أمر غير مسبوق
كارتان كنوتسن، الموظف بهيئة البيئة النرويجية، قال: "لم يحدث مثل هذا من قبل بهذا العدد، حدث من قبل أن مات بعض الحيوانات فرادى أو كعشرة أو عشرين بسبب الصواعق، لكن لم نر شيئاً مثل هذا من قبل".
يظن المختصون أن شحنة كهربية كبيرة من العاصفة، في يوم الجمعة بعد الظهيرة –تفاعل البرق مع الأرض والمياه- صعقت الحيوانات كهربياً.
وأضاف كارتان: "عادة ما تبقى الرنة سوياً في قطعان ومجموعات أثناء الصواعق، وتتبع هذه الإستراتيجية للنجاة، ولكن يبدو جلياً أن اتباعهم لهذه الإستراتيجية أدى لنفوقهم، فالجثث متكدسة في مجموعة واحدة".
وجد أحد المسئولين بهيئة البيئة النرويجية القطيع النافق، أثناء إجرائه لعملية إحصائية متعلقة بالصيد المقنن لغزال الرنة.
يذكر أن عمليات الصيد بدأت في 20 أغسطس/آب 2016 وستمتد لنهاية سبتمبر/أيلول، سيقتل الصيد حوالي 2000 إلى 3000 رأس من حوالي 11000 إلى 15000 غزال رنة، وخطط الصيد لاتزال سارية.
وفقاً لأولاف ستراند الباحث بمعهد النرويج للطبيعة، والذي تفقد الموقع يوم الأحد، فإن "الحيوانات ماتت بصورة سريعة مفاجئة".
ستراند قال: "كانت الصاعقة عنيفة، مع هطول كثيف للأمطار، كل القطيع وجد ميتاً، في أماكنه المعتادة، محتشداً في مجموعة واحدة، مع البعض الواقف في صفين على الجانب ومجموعة أكبر في الوسط، وقفت على تل. ويبدو أنها سقطت أرضاً في مكان وقوفها".
أضاف أولاف الحادث الوحيد المشابه لهذا في النرويج كان مقتل 280 غزالاً بسبب انهيار جليدي في قمة جبل سنوهيتا في وسط النرويج في عام 2005 ، "حيوانات الرنة تعيش في قطعان على العكس من الأيائل مثلاً مما يسمح لمثل تلك الحوادث بالوقوع".
وقال أولاف إن الصيد سيستمر، مضيفًا: "نأمل أن يقل عدد غزال الرنة حوالي 2000 أو 3000 ليتوازن العدد مع الموارد في هذه المنطقة، كنا سنأخذ عدد الغزلان النافقة في الحسبان لو كان عدد غزال الرنة في هذه المنطقة قليلاً".
ناقوس خطر
أنطون كراج عالم حيوانات ورئيس الاتحاد النرويجي لحماية الحيوانات، قال أنه يأمل أن الحادث يدق ناقوس الخطر حول ما تواجهه غزلان الرنة في النرويج.
وقال كراج: "لقد صدمنا ما حدث، وإن كان ما حدث يصعب تجنبه كحادث طبيعي، ولكنه يجب ألا يغطي على معاناة الحيوانات بسبب الإنسان. فسنوياً تموت مئات الغزلان بسبب القطارات، والحكومة النرويجية تتقاعس عن الاستثمار في حماية الحيوانات كبناء أسوار مثلاً. مئات الغزلان يقتلها الصيادون فقط من أجل متعة القتل".
وألمح كارتان وأولاف إلى أن نفوق 323 غزال رنة سيتيح الفرصة لزيادة حجم عينة دراسة انتشار مرض الهزال المزمن، وهو مرض معد متعلق بمرض جنون البقر، وتم تشخيصه في جنوب النرويج في مارس/آذار 2016.
قامت السلطات النرويجية مسبقاً بطلب تسليم رؤوس 4200 من الحيوانات حيث يهاجم المرض مخ الغزلان، الوعل، الأيل وحيوان الموظ.
وأضاف كارتان إن المسؤولين سيستخدمون معظم الحيوانات النافقة للعينة.
وقال كارتان: "دراسة الحيوانات النافقة ستخبرنا عن مدى انتشار المرض في الحيوانات عامة، والبقية ستتحدد في الأيام المقبلة، في الغالب ندع الطبيعة تأخذ مجراها".