لا يعرف الكثير من المواطنين والمقيمين في المملكة بشكل عام وجدة بشكل خاص أن هناك أجانب من ديانات غير الإسلام مدفونون في مقبرة موجودة في مدينتهم، تعرف بعدة أسماء، ولكن أشهر هذه الأسماء هي "مقبرة الخواجات".
ويبلغ عمر المقبرة أكثر من 5 قرون، دفن بها العشرات من غير المسلمين، وعند رؤيتها لا تبدو عليها أي ملامح تُنبئ عن طبيعتها، إلا أنها محاطة بأشجار عالية من 3 جهات، ويطلق عليها أسماء مقبرة المسيحيين، ومقبرة النصارى، ومقبرة الخواجات، والأخير هو الرسمي على لوحة البلدية.
وتميز القبور في مقبرة الخواجات بقطع الرخام التي توضع كشاهد على كل مقبرة تحمل معلومات عن المتوفى، حيث تكشف إحداها عن رضيعة فلبينية توفيت يوم ولادتها، 31 مارس 1993، ويتبع في إجراءات الدفن الطرق الرسمية المعتادة، إضافة إلى تصريح بالدفن من سفارة المتوفى.
ويصل متوسط دفن الموتى في المقبرة 2 -3 جثامين كل 4-6 أشهر، أغلبهم من الفلبين والهند، إضافة إلى الجنسيات الألمانية والأسترالية والبريطانية واللبنانية والسودانية، ويتم دفن الأطفال في جانب بعيد عن الكبار، ويتناوب عدد من القنصليات في جدة الإشراف على المقبرة، وتحصيل رسوم 2500 ريال لبناء الرخام، وسداد راتب الحارس وميزانية التشجير وفواتير الكهرباء والمياه.
ولم يسبق دفن وافدين يابانيين بالمقبرة، إما لعدم بقائهم مدة طويلة في المملكة، أو لاتباعهم طرقًا أخرى في التخلص من الجثث، كالحرق مثلا، في حين يوجد بالمقبرة هنود من غير المسلمين، أما المسلمون، فإما يدفنون في مقابر المسلمين أو يرسلون إلى بلادهم في توابيت.
ولا يهتم سكان المنطقة بالمقبرة كثيرًا، ويرون أنها غريبة ومغلقة طوال العام، وليس فيها سوى أشجار كثيفة تحيط بسورها القديم المرتفع، فيما أوضح مؤرخون أن تلك المقبرة تعود إلى حرب البرتغاليين على جدة عام 1519م، وتوجد خرائط تؤكد وجودها، وأنه لعدم وجود خطوط طيران آنذاك، كان الدفن يتم في جنوب جدة خارج سور المدينة القديم.
واعتاد المحيطون بالمقبرة على مرور سيارات فارهة تحمل أعلامًا أجنبية، وتتوقف أمام باب المقبرة، أو رؤية سفراء أوروبيين، يدخلون إلى هذا المكان القديم، حاملين أكاليل الزهور، ويسجلون أسماءهم وتواريخ زياراتهم في سجل خاص للزوار.