أكدت رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي، أن الدول الخليجية شريك استراتيجي بالنسبة للمملكة المتحدة، مضيفة أن إيران ليست كذلك.
وقالت في مقابلة خاصة مع الزميل تركي الدخيل في المنامة، على قناة "العربية" وهي الاولى لتيريزا ماي على الفضائيات العربية، بثت اليوم الأربعاء، "إن حفظ أمن الخليج وازدهاره هو حفظ لأمن بريطانيا وازدهارها".
وعن تدخلات إيران في البحرين ودول خليجية أخرى علقت ماي "نحن نشاطر هذا القلق إزاء الأنشطة المؤذية التي تمارسها إيران وتدخلها في أرجاء كثيرة في المنطقة".
وأضافت "أنا أؤمن بأهمية التعاون مع الدول الخليجية من أجل ضمان استقرار الإقليم وحفظ أمنه، وجارٍ حاليا بناء أول وجود عسكري بريطاني من نوعه شرق قناة السويس منذ عام 1971، هنا في البحرين. وأعتقد أن هذه الخطوة تدل على ما نشعر به تجاه أمن هذه المنطقة".
تعزيز العلاقة من أجل المستقبل
وتشارك ماي كضيفة شرف في القمة الخليجية الـ 37 في البحرين، وبخصوص ذلك قالت "لقد حظيت بعظيم الشرف لدعوتي لإلقاء كلمة أمام القمة الخليجية. وأعتقد أنني رئيسة الوزراء البريطانية الأولى التي تُوجه لها مثل هذه الدعوة، وهي تدل باعتقادي على علاقات راسخة وجيدة جداً التي تربط المملكة المتحدة بدول مجلس التعاون الخليجي".
وأوضحت أن رسالتها للقادة الخليجيين هي "تعزيز العلاقة بين بلداننا والبناء عليها من أجل المستقبل".
وشددت على أن "المملكة المتحدة تحتفظ بعلاقات جيدة وقوية مع منطقة الخليج والدول الخليجية، لكننا نريد أن نبني على هذه العلاقات من أجل المستقبل".
وعن رسالتها للشعوب الخليجية قالت "أريد من الدول الخليجية أن تنظر إلى المملكة المتحدة على أنها شريك يستطيعون الوثوق به من أجل المستقبل".
هذا وتحدثت ماي عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتبعات ذلك، وقالت "أرغب في أن أرى المملكة المتحدة بعد قرارها الخروج من الاتحاد الأوروبي، بلدا واثقا من نفسه وإيجابيا ومنفتحا على العالم".
المقابلة الأولى على الفضائيات العربية
وبثت "العربية"، مقابلة خاصة مع رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، أجراها الزميل تركي الدخيل الساعة السابعة بتوقيت السعودية الرابعة بتوقيت غرينتش، وتعد هذه المقابلة هي الأولى على الفضائيات العربية منذ توليها مهام منصبها في أول حوار لها مع قناة عربية.
وتيريزا ماي تولت رئاسة الحكومة البريطانية في 11 يوليو الماضي خلفاً لديفيد كاميرون، الذي قدم استقالته عقب الاستفتاء الذي أدى لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لتصبح ماي ثاني امرأة تتولى رئاسة الوزراء في بريطانيا بعد "المرأة الحديدية" مارغريت تاتشر من حزب المحافظين.
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية وصلت العاصمة البحرينية المنامة، للمشاركة في قمة مجلس التعاون الخليجي.
وأعلنت ماي، قبل وصولها في بيان، أنها تريد فتح فصل جديد من التعاون مع دول الخليج، في مرحلة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
كما أشارت خصوصاً إلى إمكانية تعزيز التعاون في منع الهجمات الإرهابية، أو في مجال الاستثمارات الخليجية في المدن البريطانية.
وهنا النص الكامل للمقابلة:
س - دولة رئيسة الوزراء، شكرا جزيلا على منحنا الوقت لأجل هذه المقابلة. سأبدأ من البحرين حيث تنعقد القمة الخليجية التي أنتم ضيف الشرف عليها. ما هي الرسالة التي توجهينها إلى القادة الخليجيين؟
ج - بداية، لقد حظيت بعظيم الشرف لدعوتي لإلقاء كلمة أمام القمة الخليجية. وأعتقد أنني رئيسة الوزراء البريطانية الأولى التي تُوجه لها مثل هذه الدعوة. وهي تدل باعتقادي على علاقات راسخة وجيدة جداً التي تربط المملكة المتحدة بدول مجلس التعاون الخليجي. والرسالة التي أود توجيهها من خلال حضوري هنا هي أنه يوجد لدي الرغبة في تعزيز هذه العلاقة بين بلداننا والبناء عليها من أجل المستقبل.
أعتقد أن ثمة الكثير من المجالات التي نستطيع أن نتعاون فيها خدمة لمصلحتنا المشتركة، مثل التجارة ومناحي الازدهار وكذلك المجال الأمني.
نحن ندرك أهمية الأمن في هذه المنطقة. وأعتقد أن صون أمن الخليج هو صون لأمننا أيضا، وازدهار الخليج هو ازدهار لنا أيضا. وأنا أتطلع كثيرا للتعاون مع دول الخليج للبناء على العلاقة التاريخية التي تربطنا.
س - دولة رئيسة الوزراء، بالحديث عن الأمن, ترى البحرين ودول خليجية أخرى أن إيران تتدخل في الشؤون الداخلية، فهل تشاطرينهم هذا القلق؟
ج - نحن نتابع بعين فاحصة ونظرتنا لإيران واضحة جدا.
نحن نشاطر هذا القلق إزاء الأنشطة المؤذية التي تمارسها لإيران وتدخلها في أرجاء كثيرة في المنطقة.
أنا أؤمن بأهمية التعاون مع الدول الخليجية من أجل ضمان استقرار الإقليم وصون أمنه. جارٍ حاليا بناء أول وجود عسكري بريطاني من نوعه شرق قناة السويس منذ عام 1971، هنا في البحرين. وأعتقد أن هذه الخطوة تدل على ما نشعر به تجاه أمن هذه المنطقة. وقد زرت السفينة الحربية البريطانية "أوشن" التي ترسو هنا للمساعدة في ضمان استقرار وأمن المنطقة.
س - ولكن هل ترين، دولة رئيسة الوزراء، ما يدل على أن إيران ستضع حدا لسلوكها العدواني، إذا جاز هذا التعبير؟
ج - أكيد أن تحركا ما قد تم فيما يخص إيران، فالاتفاق النووي الذي أبرم معها والذي يحول دون امتلاك إيران للسلاح النووي، هو خطوة مهمة ولكن أعتقد أنه من المهم أيضا أن نواصل التصدي لأنشطة إيران المؤذية. وهذا ما تقوم به المملكة المتحدة، لكن من المهم كذلك أن نتعاون مع الدول الخليجية لضمان أمنها، وهو ما يتحقق من خلال وجود عسكري في هذه المنطقة، وهذا عنصر مهم في هذا التعاون.
س - حسنا. دولة رئيسة الوزراء، الكثيرون في دول مجلس التعاون، أعني الناس العاديين، وحتى القادة منهم يشعرون بأن المملكة المتحدة قد أدارت ظهرها لحلفائها وهو ما أفاد إيران. ما رأيك بذلك؟
ج - كلا، المملكة المتحدة تحتفظ بعلاقات جيدة وقوية مع منطقة الخليج والدول الخليجية، لكنني نريد أن نبني على هذه العلاقات من أجل المستقبل. والدول الخليجية شريك استراتيجي بالنسبة لنا، أما إيران فهي ليست بالشريك. من المهم أن نبني على العلاقات التي تربطنا بالدول الخليجية. وأعتقد أننا نستطيع تحقيق ذلك في عدد من المجالات، مثل الأمن بالطبع. فضلا عن تحقيق الازدهار بالاعتماد على العلاقات التجارية بيننا. فحجم صادرات بريطانيا إلى الدول الخليجية كبير، كما أن ثمة استثمارات خليجية كبيرة في المملكة المتحدة.
وأنا أرغب في تعزيز وتطوير كل ذلك.
س - ولكن، هل تلمسين هذا الشعور عندما تلتقين القادة الخليجيين؟
ج - ما أراه لدى القادة الخليجيين هي مقاربة إيجابية وإقرار بأن المملكة المتحدة والدول الخليجية قد أنجزوا الكثير من خلال التعاون المشترك في السابق. لكن الأمر لا ينتهي عند علاقاتنا الماضية، وإنما ينبغي أن نقول "كيف يسعنا التعاون معا من أجل المستقبل؟" "كيف نستطيع أن نعمل معا لضمان أمن وازدهار الدول الخليجية والمملكة المتحدة على حد سواء".
س - جميل، لنغير الموضوع وننتقل لو سمحت إلى الشأن الأوروبي. كيف ترين دولة رئيسة الوزراء مكانة بريطانيا في العالم بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي؟
ج - عندما نخرج من الاتحاد الأوروبي، أريد أن أرى بريطانيا...
س - ومتى سيحدث ذلك؟
ج - سوف يحدث ذلك بعد استكمال بعض الإجراءات. يجب أن نبدأ بمفاوضات رسمية، وأتوقع أن أعلن عن بدء هذه المفاوضات بحلول نهاية شهر مارس من العام المقبل. ويتبع ذلك عملية قد تستغرق سنتين وفقا لما تنص عليه المعاهدة الأوروبية ذات الصلة. وعندما نغادر الاتحاد الأوروبي سوف تكون للمملكة المتحدة الحرية في التفاوض وإبرام اتفاقيات تجارية مع بلدان العالم.
لكني أرغب في أن أرى المملكة المتحدة بعد قرارها بالخروج من الاتحاد الأوروبي، أراها بلدا واثقا من نفسه وإيجابيا ومنفتحا على العالم.
أريد أن نكون بلدا رائدا في العالم في التجارة الحرة، وأعتقد أنه من المهم جدا أن ندافع عن المزايا الاقتصادية للتجارة الحرة. وأريد أن تبني بلادنا على تحالفاتنا في العالم، وأريد أيضا أن نتفاوض مع الاتحاد الأوروبي على اتفاقيات تخدم مصلحة المملكة المتحدة، لأننا نريد أن نحتفظ بعلاقات جيدة مع دول الاتحاد الأوروبي، فخروجنا من الاتحاد لا يعني هجرتنا لأوروبا.
س - جميل، دولة رئيسة الوزراء. مشاهدينا لديهم فضول لمعرفة من هي تيريزا ماي. وسؤالي لك هو: ما الرسالة التي توجهينها إلى العالم العربي للتعريف بنفسك؟
ج - آمل أن يرى الناس فيّ شريكا يستطيعون الوثوق به، شخصا يمكن العمل معه من أجل تحقيق الازدهار وضمان الأمن في منطقة الخليج وكذلك في المملكة المتحدة.
س - هذه هي إذا رسالتك إلى شعوبنا؟
ج - تماما. وأنا أتطلع للمباحثات التي سوف أجريها في القمة الخليجية وكذلك اللقاءات الثنائية التي سوف أعقدها مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي لبحث السبل الكفيلة بدفع علاقاتنا قدما. أريد من الدول الخليجية أن تنظر إلى المملكة المتحدة على أنها شريك يستطيعون الوثوق به من أجل المستقبل.
س - سوف أسال عن العرب والمسلمين الذين لديهم مخاوف بسبب الأحداث التي جرت في أوروبا. هل يراودك نفس القلق بشأن المملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي؟
ج - بالنسبة للمملكة المتحدة، دأبت على توجيه رسائل بسيطة للناس أقول لهم فيها إنني أريد من الحكومة التي أترأسها أن تكون في خدمة الجميع في المملكة المتحدة.
أريد أن تكون بلدا يتم فيه تقييم الفرد على أساس مؤهلاته ويمكنه من تحقيق أفضل ما يصبو إليه، بلد ما يهم فيه ليس من أين جاء الإنسان أو أبواه وإنما ما يبذله الشخص من جهود وما يتوفر عليه من مواهب.
العمل من أجل مصلحة الجميع، هذه هي الرسالة التي أوجهها والتي سأعمل على تحقيقها في المملكة المتحدة.
س - حتى بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي؟
ج - ستكون المملكة المتحدة بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي هي المملكة المتحدة. الحياة سوف تختلف لكننا سنتحلى بالثقة بالنفس والانفتاح على العالم، وسنحافظ على علاقاتنا الجيدة مع أوروبا، لكنني أريد ضمان أن يكون لدينا على الدوام حكومة وبلد هدفهما خدمة مصلحة الجميع.
س - بأي معنى ستكون الحياة مختلفة؟
ج - سوف تنتهي علاقتنا بالاتحاد الأوروبي، ما يعني أننا سوف نتمكن من التفاوض على اتفاقيات تجارة حرة مع بلدان أخرى في العالم. لكنني أريد أن نبرم مع الاتحاد الأوروبي اتفاقيات تخدم مصلحة المملكة المتحدة حتى نحتفظ بعلاقات جيدة مع الاتحاد الأوروبي. ومصلحة المملكة المتحدة تكمن في وجود اتحاد أوروبي قوي تربطنا به علاقات جيدة.
- شكرا جزيلا دولة رئيسة الوزراء على هذه المقابلة التي استمتعت حقا بإجرائها معك.
- شكرا لكم.