close menu

إنقاذ مليارات “المتعثرة” بهيئة عليا للمـــــشروعات الحكومية

إنقاذ مليارات “المتعثرة” بهيئة عليا للمـــــشروعات الحكومية
المصدر:
صحيفة المدينة

في الوقت الذي دخلت فيه الدولة سباقًا مع الزمن لدعم مشروعات البنية التحتية والخدماتية بتخصيص حوالى 400 مليار ريال سنويًا لها في المتوسط، إلا أن غالبية المشروعات تواجه حالات من التعثر الشديد تؤدى إلى تأخير انجازها لسنوات، ولم يعد مبالغا القول بان انجاز هذه المشروعات المتعثرة بات يتم بـ «الصدفة والبركة والتساهيل». ولا يمكن لأي مسؤول حكومي الآن أن يجزم بالموعد المحدد لإنجاز أغلب المشروعات التي يتم اعتمادها على ما يبدو على عجل، إذ إنه بمجرد الاعتماد تبدأ المعاناة الحقيقية في الخلافات على موقع المشروع ونقل كيابل الخدمات واعادة التصميم لوجود اخطاء فيه وغيرها من الاشكاليات. ووفقا للدراسات الاقتصادية فإن التأخر في انجاز المشروعات يؤدي إلى ارتفاع تكلفتها بنسبة 20% على الاقل وخسائر اقتصادية واجتماعية غير منظورة للمناطق المجاورة للمشروعات. وفيما يؤيد البعض اقتراح «المدينة» بان انقاذ المشروعات الحكومية الكبرى المتعثرة يبدأ من خلال انشاء هيئة عليا حكومية لمتابعة المشروعات خاصة الاستراتيجية والكبرى في كل القطاعات، يرى البعض الاخر أن الاهم من ذلك هو بحث الاسباب التي تؤدي إلى تأخر المشروعات في كل مراحل الانجاز ومن ابرزها عدم الاعداد الجيد للتنفيذ والتغيير الدائم في مخططات التنفيذ بالاضافة إلى التوسع في الاستعانة بمقاولين غير مؤهلين من الباطن.

ورصدت هيئة الرقابة والتحقيق خلال جولاتها الرقابية والإدارية لمتابعة خطط التنمية والمشروعات الإنشائية على 16 جهة حكومية مؤخرا، وجود مشروعات تم توقيع عقودها مع مقاولين وتم تسليم مواقعها للمقاولين ولم يتم البدء في تنفيذها.

وأوضحت المصادر أن الجهات المتأخرة هي وزارات الشؤون البلدية والقروية، الصحة، التربية والتعليم، النقل، والمياه والكهرباء، الزراعة والشؤون الاجتماعية، العمل، التعليم العالي، الشؤون الإسلامية، العدل، المالية، والاتصالات إضافة إلى هيئات تطوير الرياض، الري والصرف في الأحساء، والمؤسسة العامة للموانئ. وأشارت المصادر إلى أن نسبة التنفيذ المسجلة من خلال الجولات بلغت صفر في بعض المشروعات، بينما المدة المنقضية من تاريخ الاستلام وصلت في بعضها إلى 100 في المائة، إذ انتهت مدة المشروع ولم يبدأ المقاول في التنفيذ. وأبانت المصادر أن عددا من المشروعات المعتمدة في ميزانيتي عامي 1429- 1430هـ لم تتم ترسيتها أو توقيع عقودها إلى جانب مشروعات متأخرة لم يتم اتخاذ اللازم حيالها، وفقا لما يقتضيه نظام المنافسات والمشتريات الحكومية ووجود فترة زمنية بين تاريخ الترسية وتاريخ توقيع العقد وتاريخ تسليم الموقع للمقاول لفترة تزيد على شهرين لعدد من المشروعات.

تطبيق القرارات بشفافية

يقول المهندس مهند بن قصي العزاوي نائب رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين بمجلس الغرف السعودية: من حق ولاة الأمر على الجميع تكثيف الجهود، لإنجاز المشروعات الحيوية والتنموية بكفاءة وجودة عن طريق إعداد مواصفات دقيقة وواضحة لهذه المشروعات قبل طرحها، والتأكد من توفر المواقع اللازمة لتنفيذها، وخلوها من العوائق، وتوفير الاعتمادات المالية التي تتناسب مع مدة تنفيذها، وتطبيق الأنظمة والتعليمات، والقرارات الصادرة بكل شفافية، وبوقت قياسي، بعيدًا عن أي ممارسات خاطئة أو اجتهادات فردية مخالفة لها، كما ينبغى صياغة عقود متوازنة تحفظ حقوق جميع الأطراف، وتنظيم العلاقة بما يضمن سلاسة العمل خلال مراحل تنفيذ هذه المشروعات التنموية».

وأضاف «أن الطفرة التنموية التي يشهدها وطننا الغالي، يرجى أن يتولد عنها قطاع مقاولات قوي قادر على المنافسة محليًا، ودوليًا في حال توفرت له المرجعية التي تقوم بتنظيمه وتطويره، مع ضرورة توفير مصادر لتمويل هذا القطاع بما يتناسب مع حجم المشروعات التي تم رصدها. ودعا إلى عدم إغفال أهمية توطين الوظائف بقطاع المقاولات عن طريق إيجاد مراكز، ومعاهد للتدريب لتوفير المهن التي يحتاجها القطاع، بجانب إنشاء مراكز للبحث والتطوير في التقنية، كما يجب على العاملين بقطاع المقاولات تطوير الكفاءات العاملة ليكون قادرًا على المنافسة السليمة والتنفيذ على المستوى المطلوب، وتكوين كيانات كبيرة عن طريق الاندماج على أسس متينة ليتمكن من انجاز المشروعات في المواعيد المحددة لها

هيئة للمشروعات الاستراتيجية

من جهته قال نائب رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية الصناعية بجدة المهندس رائد العقيلي انه ليست هناك حاجة ماسة لانشاء هيئة عليا للمشروعات بعد أن اصبح حجم المشروعات كبيرا في البنية التحتية والخدمات التي تمس مصلحة المواطنين مباشرة مثل الطرق والمستشفيات والمدارس والمطارات. واشار الى ارتفاع حجم الاعتماد للجنة الخماسية الحالية التي بدأت من 2009 للعام 2014هـ إلى حوالى 1. 4 تريليون ريال، مشيرا إلى أن هذا المبلغ الفلكي الكبير جله يذهب إلى تنفيذ المشروعات، وكلما تم تنفيذها بسرعة استفاد منها الوطن والمواطن والعكس صحيح.

واضاف: نحن نشتكي من تباطؤ تنفيذ مشروعات كثيرة كمواطنين ومقاولين، وبالتالي فإن اطلاق هيئة مركزية لن يكون مفيدا بالدرجة الكافية في ظل تعدد المشروعات في كل المناطق. واشار إلى مخاوف من البيروقراطية الشديدة في الانجاز في حال تشكلت هذه الهيئة، الا انه عاد وأيد وجود هيئة عليا فقط للمشروعات الاستراتيجية، مثل مشروعات المطارات والسكك الحديد والإسكان خاصة التي تمس المواطن بشكل رئيس،

مشكلات في طرح المشروعات

من جهته يرى احمد الفالح عضو اللجنة الوطنية بمجلس الغرف السعودية والخبير في قطاع المقاولات أن هناك اشكالية واضحة في الادارة ويقول: «نحن نتكلم عن موظفين رواتبهم 5 الاف ريال ويديرون مشروعات عملاقة بمليارات الريالات، ماذا تتوقع منهم!! واضاف: المشكلة في البنية التحتية التي يصعب تحويرها لموظفي الدولة، حيث يعتقد بعضهم أن بعض المقاولين لصوص، والمشكلة تأتي ممن لا يفقهون، فإن أردت أن تدير المشروعات فيجب أن تقيس اداء من يؤدون العمل ونحن نؤيد الهيئة ولكن مع اختيار الكفاءات بها بشكل جيد. كما يجب تفعيل إدارة المشروعات، وتعيين مديري مشروعات مؤهلين لديهم صلاحيات دون أن يتدخل المالك في عملهم.

وأوضح الفالح ان بعض المشروعات الحكومية من الناحية الفنية والمالية تعاني كثيرا بسبب الميزانيات المعتمدة مبينا ان فكرة إنشاء الهيئة مجدية إذا تم تغيير بيئة العمل وأعطيت لها صلاحيات، على غرار إدارة أرامكو أو الهيئة الملكية، وإن لم تتغير آلية العمل فإن البيروقراطية والفساد سيعرقلان عمل أي هيئة.

من جهته يرى نائب مجلس الغرفة التجارية الصناعية بجدة مازن بترجي أن الهيئة العليا عبارة عن مركزية تقود إلى البيروقراطية وزيادة العبء والتكلفة في استلام وتسليم المشروعات، واوضح أن الإشراف والتنفيذ الناجح للمشروعات يكمن في البعد عن المركزية، لذا يجب مراقبة كل المشروعات من قبل كل وزارة وجهة وهيئة على المستوى المطلوب. ولفت إلى كثير من الهيئات التي أنشئت اخفقت في اداء مهامها داعيا الجميع خاصة في الوزارات المعنية إلى ضرورة القيام بمسؤولياتهم في انجاز المشروعات بجودة عالية ووفق الانظمة المعمول بها.

الاستقلالية اهم الشروط

من جهته رحب رئيس اتحاد مقاولي الدول الإسلامية سابقا المهندس عبدالعزيز حنفي بالهيئة العليا للمشروعات اذا كانت مستقلة ومرتبطة بالمقام السامي وتعمل بعيدا عن البيروقراطية. وطالب بهيئة عليا تحاسب المقاول، ولديها صلاحيات، بدلا من أن تكون مرجعيتها وزارة المالية التي نشكو منها كثيرا حيث تفرض العقد الموحد والذي نعتبره سيف على رقابنا، وخلص إلى أن انشاء هيئة عليا للمقاولين للإشراف على المشروعات مطلب مهم إن جاء بمرسوم ملكي ووفق ضوابط مهمة تركز على الجودة.

أضف تعليقك
paper icon
أهم المباريات