بدأت أمس في إسطنبول أول محاكمة لعسكريين شاركوا في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي على يد مجموعة من ضباط الجيش تقول السلطات إنهم من المنتمين لحركة الخدمة التي يتزعمها الداعية التركي المقيم في أميركا منذ عام 1999 فتح الله غولن بالوقوف وراءها. وقد جددت الحكومة التركية مطالبتها للإدارة الأميركية الجديدة بتسليمه.
ويحاكم في القضية 62 عسكريًا من رتب مختلفة لمحاولتهم الاستيلاء على مطار صبيحة جوكشن الدولي في إسطنبول ليلة 15 يوليو 2016 كجزء من الخطة التي وضعها الانقلابيون للسيطرة على البلاد.
وطالبت مذكرة الادعاء بالسجن المشدد مدى الحياة ثلاث مرات للمتهمين، لقيامهم بمحاولة إلغاء النظام الدستوري في البلاد أو تعطيله باستخدام القوة العسكرية، والقضاء على مجلس الأمة التركي (البرلمان) أو منعه من أداء عمله كليًا أو جزئيًا، واستخدام القوة العسكرية للإطاحة بالحكومة المنتخبة في البلاد. واتخذت قوات الدرك التابعة لوزارة الداخلية التركية تدابير أمنية مشددة في محيط قاعة المحكمة.
وكانت إسطنبول شهدت في 26 ديسمبر (كانون الأول) الماضي أولى جلسات محاكمة 29 شرطيا يشتبه بمشاركتهم في محاولة الانقلاب الفاشلة. كما بدأت محاكمات في عدد من المدن التركية مثل دينيزلي (شمال غرب) حيث يحاكم 60 شخصا بتهمة الضلوع في محاولة الانقلاب.
ومن بين المتهمين الـ29 يواجه 21 ثلاثة أحكام بالسجن المؤبد لاشتراكهم في محاولة قلب النظام الدستوري ومحاولة قلب نظام الحكم أو منعه من أداء واجباته، أما الثمانية الآخرون، فيواجهون أحكاما بالسجن لمدد قد تصل إلى 15 عاما بتهمة الانتماء لـ«منظمة إرهابية مسلحة»، المقصود بها حركة الخدمة التابعة لغولن.
كما تجري ملاحقة ثلاثة طيارين تابعين للشرطة لرفضهم نقل فرق القوات الخاصة التي حشدت لضمان حماية مقر الرئاسة في إسطنبول. فيما يتهم شرطيون آخرون برفضهم الامتثال لأمر التصدي للانقلابيين ومحاولة عرقلة كل مقاومة شعبية عبر وضع رسائل على مواقع التواصل الاجتماعي.
من جانبه، ينفي الداعية فتح الله غولن الاتهامات الموجهة إليه بالوقوف وراء محاولة الانقلاب كما يطالب بتحقيق دولي محايد، وتدرس واشنطن طلبا ووثائق قدمتها أنقرة لتسليمه إليها لمحاكمتها، إلا أن هذه الأمر قد يستغرق وقتا طويلا.
وعقب محاولة الانقلاب الفاشلة قامت السلطات التركية بحملة تطهير واسعة في صفوف الجيش والشرطة والقضاء والتعليم ومختلف مؤسسات الدولة، ويوجد قيد الحبس الاحتياطي أكثر من 42 ألفا، بينما أوقف عن العمل أو فصل من الوظائف أكثر من 100 ألف آخرين.
وفي إطار حملة التطهير المستمرة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة وحتى الآن، أقالت الحكومة التركية نائب رئيس صندوق التأمين على الودائع والادخار الذي يشرف على إدارة الشركات المفلسة، كما أغلقت محطتا تلفزيون في أحدث دفعة من المراسيم التي أصدرتها الحكومة التركية بموجب حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ 21 يوليو الماضي.
وتضمن مرسوم نشر في الجريدة الرسمية التركية ليل الأحد - الاثنين اسم ذو الفقار شكرو قنبرأوغلو نائب رئيس صندوق التأمين على الودائع والادخار من بين 367 شخصا أقيلوا من وظائفهم في مؤسسات الدولة بموجب المراسيم الأربعة الأخيرة، التي تضمنت أيضا إعادة 124 موظفا مدنيا إلى وظائفهم.
وجاء في المراسيم الأربعة التي نشرت بالجريدة الرسمية أن الإقالة تأتي على خلفية عضوية من تشملهم أو صلاتهم بمجموعات إرهابية أو مجموعات تعمل ضد مصلحة الأمن الوطني.
إلى ذلك، أغلقت الحكومة التركية بموجب هذه المراسيم قناة «أون 4» المعروفة بأنها الناطقة بلسان الجعفريين، إلى جانب «قناة 12»، بدعوى دعمهما تنظيمات إرهابية أو مشاركتهما في فعاليات تهدد الأمن القومي. وأغلقت السلطات في وقت سابق عشرات القنوات الفضائية بموجب مراسيم حالة الطوارئ لاتهامها بدعم الإرهاب.
من جانبه، طالب نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترمب بتسليم غولن لتركيا وقطع الدعم عن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا من أجل استعادة قوة العلاقات مع تركيا من جديد.
وقال كورتولموش في مؤتمر صحافي عقب اجتماع مجلس الوزراء التركي أمس الاثنين إن المطلب الأساسي لبلاده من الإدارة الأميركية الجديدة، هو قطع علاقته مع حركة غولن بشكل نهائي، لافتا إلى أن أنقرة قدمت الأدلة الكاملة للولايات المتحدة حول مسؤولية الحركة عن المحاولة الانقلابية الفاشلة.