أكد رستم مينخانوف رئيس تتارستان، أنه نقل رسالة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تؤكد حرصه الشديد على زيارة خادم الحرمين روسيا، لافتًا إلى أن الملك سلمان ذكر أنه سيزور موسكو، دون تحديد وقت.
وأضاف مينخانوف في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن خادم الحرمين وافق على إطلاق اجتماع «الرؤية الاستراتيجية» بين روسيا والعالم الإسلامي في السعودية قريبًا.
ورغم تفاؤل مينخانوف بفتح صفحة جديدة مع أميركا، فإنه يرى في الوقت ذاته أن الرئيس دونالد ترمب لم يوفق في قراراته التي أصدرها أخيرًا بشأن الهجرة ومنع مواطني 7 دول إسلامية من الدخول إلى أميركا، مشيرًا إلى أن علاقات روسيا بأميركا ساءت جدا في عهد الرئيس باراك أوباما، بل كانت على شفا القطيعة.
ودعا رئيس تتارستان الأطراف المعنية بما فيها أميركا إلى العمل على الفكرة الواحدة والطريق الواحد لإنجاح مفاوضات آستانة، والخروج بنتائج إيجابية عملية قابلة للتطبيق على أرض الواقع. وفيما يلي نص الحوار:
* هل تعتقد أن عهد الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب سيفتح صفحة جديدة لتعزيز التعاون بين الطرفين بالمقارنة مع عهد الرئيس السابق باراك أوباما؟
- للأسف الشديد، في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ساءت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، وتقريبا كادت أن تنتهي، وماتت فيها روح التفاهم والتعاون إلى حد كبير، ولكن حاليًا قد نتفاءل بعهد الرئيس دونالد ترمب، ونتمنى أن تعود الولايات المتحدة إلى دورها المطلوب منها في العهد الجديد، ونتوقع أن تعود علاقاتها الطبيعية مع روسيا الاتحادية، إذ نجد هناك بعض النقاط التي يمكن أن نتعاون فيها سويًا، ونتوقع أن تتحسن علاقات روسيا مع واشنطن.
* هل يعني ذلك أنكم ستوافقون على قرارات ترمب المتعلقة بالهجرة ومنع دخول المسلمين خصوصًا مواطني 7 دول إسلامية؟
- أعتقد أن قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتعلقة بالهجرة ومنع دخول مواطني سبع دول إسلامية إلى أميركا، لم يوفق فيها، إذ إن فيها نوعًا من التسرّع، لأنها قرارات تحتاج إلى كثير من التريّث والتفكير مليًّا في أبعادها ومآلاتها وانعكاساتها على علاقة أميركا بدول العالم على الأوجه كافة، ولذلك أتمنى أن تعجّل الإدارة الأميركية في معالجة هذا القرار والعدول عنه، مع ضرورة وضع الاعتبارات الأخرى ذات الصلة.
بالنسبة لروسيا فإن الوضع مختلف، إذ إنها حاليًا تهتم جدًا بتقوية العلاقات مع الوطن العربي والعالم الإسلامي، وكما ذكرت فإن مجموعة الرؤية الاستراتيجية بين روسيا والعالم الإسلامي، مهدت الطريق ووفرت الإمكانات للسير في هذا الاتجاه، وكان الملك سلمان بن عبد العزيز ركّز على ضرورة تفعيل هذه الرؤية وترجمتها على أرض الواقع، وأكد على مشاركة الجانب السعودي وتعزيز وجوده وتفاعله في المجموعة، ولذلك ليس من الحكمة عزل بلادنا عن العالم الإسلامي تحت أي مبرر.
* ما تقييمك للوضع في سوريا والتكهنات باتجاه ونتائج مفاوضات آستانة على المفاوضات المزمع انعقادها في منتصف الشهر الجاري؟
- أعتقد أن المفاوضات المتعلقة بالوضع السوري بين الأطراف المعنية والتي جرت في آستانة عاصمة كازاخستان، كانت خطوة أولى إيجابية ومهمة جدًا، لأن كل الأطراف جلست إلى مائدة مستديرة واحدة، وهذا في رأيي يمثّل خطوة جبارة وضرورية، لأنها وفّرت فرصة إطلاق حوار كان متوقفًا.
ويقيني أن الحوار وليس غير الحوار هو الطريق الوحيد، الذي يمكننا من خلال الوصول إلى نهاية للأزمة السورية، فالحل العسكري غير ممكن ولا خيار أفضل من الحل السياسي على الإطلاق، حيث نجد البنود المتفهمة بين جميع الأطراف، وهنا أيضًا نجد أن الدور الروسي مهم جدًا، لأن روسيا كانت أحد أهم الأطراف التي دعت الأطراف المعنية إلى أجل الجلوس إلى مائدة وطاولة واحدة، وأيضًا نتمنى من بقية الأطراف مثل أميركا أن يأتوا إلى الفكرة الواحدة والطريق الواحد لنقف جميعًا جنبًا إلى جنب لمكافحة الإرهاب، ونتمنى أن تتكلل هذه المفاوضات بالنجاح وأن تخرج بنتائج إيجابية عملية قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
* ما الموضوعات التي بحثتها مع خادم الحرمين الشريفين؟
- كان اللقاء مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لقاءً حميميًا وممتعًا جدًا وينمّ عن ود متبادل واهتمام من قبل خادم الحرمين الشريفين ببلادنا تتارستان، ولذلك كانت مباحثاتنا الثنائية مفيدة، غطت الكثير من الأمور والقضايا الملحّة ذات الاهتمام المشترك، وقبل كل ذلك كنت نقلت لخادم الحرمين الشريفين تحيات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وحرصه الشديد على زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى روسيا، وبالفعل وافق خادم الحرمين على الدعوة مشكورا، وقال إنه سيزور روسيا، كما تشاورنا خلال اللقاء حول الكثير من الموضوعات المتعلقة بالعلاقات والقضايا بين روسيا والعالم الإسلامي.
* ما هي أبرز الملفات التي تناولتها مع خادم الحرمين؟
- شرحت له أنه يوجد لدينا حاليًا في روسيا ما يسمى بالرؤية الاستراتيجية بين المجموعة الروسية والعالم الإسلامي، حيث إنني كرئيس لتتارستان أترأس هذه المجموعة بتوجيه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومن خلال هذه المجموعة نحاول العمل على تقوية العلاقات بين البلاد الروسية وبلاد الوطن العربي والعالم الإسلامي في الاتجاهات كافة، وتحدثت باستفاضة عن هذا الموضوع، كونه يعمّق العلاقات بين هذه الأطراف ويعزز التعاون بمختلف أشكاله لمصلحة الشعوب، وفي المقابل أيّد خادم الحرمين الفكرة بشكل قوي، وخلصنا إلى اتفاق على تنظيم أحد الاجتماعات لهذه المجموعة في السعودية قريبًا، كما أننا تحدثنا في سبل تعزيز الشراكة بين قطاعي الأعمال في بلدينا، ومشاركة وفد سعودي في المنتدى الاقتصادي الذي يعقد سنويًا في قازان عاصمة تتارستان.
أيضًا من النقاط المهمة التي تعرضنا إليها في هذا اللقاء، هي أن الملك سلمان بن عبد العزيز ركّز على ضرورة الاهتمام بتفعيل آليات مكافحة الإرهاب وتوحيد الصفوف والجهود في سبيل مكافحة هذه الآفة، والعمل على بذل المزيد من الجهد المطلوب لرفع قيم التسامح الديني بين القوميات المختلفة، ونستطيع أن نفعل هذا بنجاح إذا وقفنا إلى جنب بعضنا البعض.
* ما تقييمكم للرؤية السعودية في مكافحة الإرهاب، وما السبيل لإقناع العالم بأنه آفة لا علاقة لها بالإسلام؟
- قال خادم الحرمين في لقائي الأخير معه، إن دولة واحدة لا تستطيع أن تكافح الإرهاب لوحدها، بل لا بد من أن تصطف جميع دول العالم في صف واحد لمواجهة هذه الآفة بقدرات كبيرة، خصوصًا أن ذلك أصبح يتعلق بالعالم الإسلامي، لأن هذه الأفكار المتطرفة أصبحت منتشرة في المنطقة، وبالتالي لا بد أن تضاعف الدول الإسلامية ومسلموها، بما في ذلك مسلمو روسيا الاتحادية، جهودها لتكون أكثر تلاحمًا ووحدة في أفكارهم ضد الإرهاب.
وعلى المستوى الشخصي أستطيع القول إنه ليس سرًّا أن بعض السياسيين وبعض وسائل الإعلام، أسهموا في رسم صورة ذهنية غير حقيقية عن ربط الإسلام بالإرهاب، وطبعًا هذه الفكرة غير صحيحة البتة، وعلينا بذل جهد يعنى بزيادة التوعية بأن الإسلام بريء من الإرهاب، بل على العكس فإن الإسلام هو دين محبة وتسامح وسلام، وفي هذا المقام فإن خادم الحرمين ركز على نقاط تتشابه مع النقاط التي يثيرها الرئيس بوتين فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.
* ماذا عن تجربتكم في مكافحة الإرهاب داخل روسيا؟
- القوات الخاصة على أهبة الاستعداد لمواجهة الإرهاب، وتدرك أهمية تعزيز المراقبة والمتابعة لأي تحرّك مشبوه، في وقت يحاول فيه البعض تشويه صورة الإسلام بادعائهم أنهم مسلمون في الوقت الذي يحملون فيه السلاح ضد الأبرياء من المسلمين وغير المسلمين.
روسيا قامت على أساس الحفاظ على روح تقاليد أجدادنا والحفاظ على تراثنا النقي، على مستوى المسلمين والمسيحيين وبقية أصحاب الأديان الأخرى على حد سواء، ونحافظ على ديننا الأصيل، وعلى هذا الطريق ماضون، وعندها سننجح في مكافحة الإرهاب وتعديل الصورة المقلوبة عن الدين الإسلامي.