مع قرب انتهاء مساء يوم الجمعة بالعاصمة واشنطن، تخلد جماعة الأمن القومي السرية والمترابطة إلى النوم ويُساورها قلقٌ جديد. ليست سوريا أو إيران أو حتى كوريا الشمالية هي أكثر الملفات التي يقلقون بشأنها، إنما يساورهم الشك بشأن فحوى التغريدات التي سيكتبها ترامب خلال الساعات المبكرة قبيل استيقاظهم وماذا هم فاعلون لاحتواء تداعيات تغريداته.
علّق مسؤول أميركي رفيع المستوى بامتعاض حول الأمر قائلاً: "إن الإدعاء بأننا لا نعلم دوماً ما الذي سيحدث أمر حقيقي. نحرص على متابعة تغريدات الرئيس لأنها في الغالب، أول مصدر نعرف من خلاله الأخبار".
وبعد أن كانت جماعة الاستخبارات تتجنب استخدام شبكات التواصل الاجتماعي خوفاً من الإضرار بعملها أو تهديد التصاريح الأمنية، بات عملاء أجهزة الاستخبارات ومسؤولو العمليات الخاصة ينشئون حسابات شخصية على موقع تويتر وإشعارات لتحديثات حسابي ترامب على تويتر وهما @realDonaldTrump و@POTUS كي يتمكنوا من فهم أفكار القائد الأعلى للقوات المسلحة وحماية رؤسائهم من تداعيات تغريداته.
وقال مسؤول أميركي آخر: "تؤثر التغريدات فوراً على طاقم العاملين بالبيت الأبيض وأعضاء الحكومة الذين يُبَاغَتون بالتغريدات كل أسبوع".
تحدث المسؤولون، الذين حاورهم موقع الديلي بيست بشأن هذا الموضوع بشرط عدم الكشف عن أسمائهم، لمناقشة القلق المتواصل الذي يعايشه مسؤولو الأمن القومي الأميركي رفيعي المستوى.
نفى المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبيسر الاعتقاد بأن فريقه يستعد لعاصفةٍ أخرى من تغريدات ترامب خلال عطلة الأسبوع الحالي بعد النجاة من تسونامي الأسبوع الماضي عندما اتهم ترامب الرئيس السابق باراك أوباما بزرع أجهزة تنصت ببرجِ ترامب.
قضى فريق سبيسر يوماً كاملاً لدعم وتأييد تغريدات ترامب قبل إصدار بيان وإرسال نائبته سارة ساندرز لبرنامج المحاورة المشاغبة مارثا راداتز لدعم الاتهامات التي أطلقها ترامب بحق أوباما ودعوة الكونغرس إلى فتح تحقيقٍ حول الأمر.
قال سبيسر لموقع الديلي بيست أمس الخميس الموافق 9 مارس/آذار: "يقول الرئيس ما يريده وقتما يريد ونحن ندعمه".
لكن اسأل ضباط الشرطة، وأجهزة الاستخبارات، والجيش المنوط بهم الدفاع عن أمن البلاد عن رأيهم في تغريدات ترامب المفاجئة بنهاية الأسبوع وستلقى تعبيرات امتعاض وتجهُّم مُرتسمة على وجوههم، ورؤوساً تهتز تعبيراً عن الرفض، وحتى إنهم قد يُطأطئون رؤوسهم. وتتراوح ردودهم اللفظية من "أتمنى أن يتوقف عن فعل هذا" إلى "إنَّ ما يفعله لا يساعد على الإطلاق".
عبر العديد من مسؤولي الأمن القومي -سواء كانوا في الإدارة المدنية أو في القوات النظامية- عن قلقهم بشأن ما يعتقدون أنه السبب وراء ثورة التغريدات وهو نقص الحنكة والكياسة لدى ترامب.
قال بروس ريدل، مدير مشروع بروكينغز للاستخبارات وضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية السي آي إيه: "يقدر مسؤولو الأمن القومي قيمة العملية المنظمة لاتخاذ القرار. إنهم يمقتون الاندفاع المتهور والمفاجئ. إنَّ نوبات الغضب التي تجتاح تويتر تقوّض العملية السياسية وتتسبب في إشاعة حالةٍ من الارتباك والاضطراب على أفضل تقدير وإشعال حروبٍ غير ضروريةٍ على أسوأ تقدير".
يغرد ترامب أيضاً بالمعلومات التي تكرس أجهزة الاستخبارات الأجنبية حشوداً من العملاء لكشفها. الآن، لم يعد هناك حاجة لهذا. أنشئ حساباً لك على موقع تويتر وتستطيع مثل أي مستخدم معرفة ما يفكر أو يشعر به الرئيس تجاه موضوعٍ ما - وهو ما كان يصعُب على عملاء المخابرات الأميركية في الغالب.
باتت الألغاز الجديدة التي يتساءل عملاء الاستخبارات بشأنها تشمل: كيف سيُبرر فريق العاملين بالبيت الأبيض عاصفة التغريدات الأخيرة؟ كيف سيكون رد فعل حكومته؟ هل ستُترجم موجة غضبه الانفعالية إلى سياسية أم سيتمكن شخص ما داخل أروقة السُلطة من تهدئته وإعادة توجيه غضبه؟
ويعتقد آخرون بأن تغريدات ترامب غالباً ما تكون مناقضة للسياسات التي يُقرّها في نهاية المطاف للدرجة التي تجعلها مجرد "صرخات زائفة".
وفي سياقٍ آخر، حذر نائبان بالكونغرس البيت الأبيض بأن حذف ترامب أو أي عضو بفريق عمله تغريدة على موقع تويتر قد يعد خرقاً للقانون الفيدرالي، وفقاً لما جاء بالنسخة الأميركية لهافينغتون بوست.
إذ أرسل النائبان جيسون تشافيتز وإيليا كامينغز، عضو ورئيس لجنة رقابة مجلس النواب، خطاباً إلى مستشار البيت الأبيض دون ماكغون يوم الأربعاء الماضي للتعبير عن قلقهما بشأن الطريقة التي اعتادت بها إدارة ترامب الاحتفاظ بالسجلات واستخدامها غير الشفاف لشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل التواصل الإلكتروني.
ومن بين الأمثلة التي ذكرها النواب، اعتياد ترامب تهجئة الكلمات بطريقة خاطئة ثم محو التغريدات، وهو ما يحذرون بأنه قد "يشكل خرقاً لقانون السجلات الرئاسية" في حال عدم أرشفة التغريدات التي مُحيت.
كتب النائبان: "معظم تغريدات هذه الحسابات تعد سجلات رئاسية ويجب حفظها"، في إشارة إلى حساب ترامب الشخصي @realDonaldTrump وحسابه الرئاسي الرسمي @POTUS.
ويمحي ترامب في بعض الأحيان تغريدات بسبب كتابتها بطريقةٍ خاطئة. بنهاية الأسبوع الماضي، حذف ترامب تغريدتين أخطأ فيهما في تهجئة كلمة "hereby".