روى الإعلامي والكاتب داوود الشريان موقفاً له مع وزير المالية الأسبق محمد أبا الخيل، عندما كان يعمل بمجلة "اليمامة"، شارحاً كيف استطاع أبا الخيل أن يكون وزيراً ناجحاً ورجل دولة بارزاً، من خلال الدقة والحزم مع قلة الكلام وكثرة العمل.
وقال الشريان، في مقال له بصحيفة "الحياة" اليوم الأربعاء، إنه أجرى حواراً صحافياً لمجلة اليمامة عن الموازنة العامة للدولة مع الوزير أبا الخيل عام 1980، مبيناً أنه قام بتفريغ الحوار وصياغته، وأرسله لأبا الخيل بناءً على طلبه، ثم تلقى منه التعديلات بعد يومين، غير أنه اعتبر هذه التعديلات تدخلاً في عمله الصحافي، فقرر تجاهلها وطباعة المجلة دون الأخذ بها.
وأضاف الشريان أنه وأثناء عملية الطباعة، اتصل بالوزير أبا الخيل وأخبره بالأمر، فما كان من الأخير إلا أن أغلق الهاتف في وجهه، وخلال أقل من ساعة فُوجئ الشريان بحضور رجال أمن إلى مبنى المجلة وأمروا بوقف طباعة المجلة وصادروا ما طُبع منها.
وواصل الشريان مقاله، مشيداً بمزايا الوزير أبا الخيل وحسن إدارته ودوره البارز في نهضة الاقتصاد وتطوير الجهاز الإداري للدولة، مشيراً إلى أن أبا الخيل حمى متانة الاقتصاد السعودي وعزز قوته، ونجح في تكوين مؤسسة مالية جبَّارة لها تقاليد وأسس معترف بها على مستوى العالم، فضلاً عن دوره في توطين الخبرة المالية المصرفية، معتبراً أن التفوق الذي تشهده المصارف السعودية اليوم أحد أهم إنجازات أبا الخيل التاريخية.
وأبان أن أبا الخيل استطاع بحكمة واقتدار أن يحسّن استخدام ضخامة الموارد النفطية للدولة في السبعينيات من القرن الماضي، والتي شهدت التوسع في إنشاء البنية التحتية للمملكة، حيث كان يلعب دور المقرِض لمؤسسات الدولة السعودية، وكان يضع شروطاً قاسية للدفع ويرهن صرف المستحقات بالإنجاز.
وتابع أن أبا الخيل تعامل بحنكة واقتدار مع انخفاض المداخيل المالية للدولة جرَّاء أزمة هبوط أسعار النفط إبَّان حرب الكويت، لافتاً إلى أنه كان شديد الحذر في التعامل مع الديون الخارجية، وكذلك مع الاستثمارات غير المضمونة.
ويرى الشريان أن من أبرز إنجازات الوزير أبا الخيل في مجال إدارة الوفرة المالية : إنشاؤه صناديق التمويل الحكومي، ومن أهمها صندوق التنمية الصناعي الذي أسس الصناعة السعودية وأصبح مدرسة تخرج فيها معظم القيادات السعودية الراهنة في عالم المصارف والاقتصاد.
وأكد الشريان أن أبا الخيل استطاع بجدارة إيجاد ثقافة مالية متميزة، ونجح في صنع قيادات تشبهه في الجدية والأمانة والإخلاص، من أبرزهم عبدالعزيز القريشي وحمد السياري المحافظين السابقين لمؤسسة النقد، وكذلك فهد الدغيثر ومحمد الطويل المديرين السابقين لمعهد الإدارة العامة.
