مزالت فرق الإنقاذ تبحث عن الغواصة الأرجنتينية المفقودة التي كانت تقل 44 بحارا. تصميم الغواصة يجعل العثور عليها صعبا للغاية، لاسيما أنها تستخدم تقنيات التخفي التي تحول دون رصدها وأيضا العثور عليها في حال تعرضها لخلل فني.
أكد تقرير رسمي صدر اليوم الخميس أن هناك انفجارا تسبب بفقدان الغواصة العسكرية الأرجنتينية "سان خوان" في 15 تشرين الثاني/نوفمبر وعلى متنها طاقم من 44 فردا. وقال المتحدث باسم البحرية الارجنتينية انريكي بالبي خلال مؤتمر صحافي ببوينس ايرس ان التحاليل التي اجريت بالنمسا للضجيج غير المعتاد الذي رُصد على مقربة من آخر موقع معلوم للغواصة خلُصت الى حصول "حدث غير طبيعي وقصير وعنيف" وهو ما يشير الى انفجار.
بنيت الغواصات العسكرية للإبحار تحت سطح الماء ما يجعل رصدها من قبل القطع البحرية والطائرات المعادية صعبا. تطفو على سطح البحر مجددا للتواصل مع مركز القيادة التابعة له، بيد أنه في حالة الطوارئ يختلف الأمر تماما، ويستوجب على طاقم الغواصة لفت الانتباه إلى أنفسهم، حيث يمكنهم تحديد إشارة الطوارئ على سطح الماء أو إطلاق إشارات صوتية تحت الماء. لكن الغواصات صممت بطريقة يصعب اقتفاء أثرها.
هل الغواصة "سان خوان" شبح؟
يوجد نوعان من الغواصات التي تتميز بقدرة التخفي "الشبح"، الأولى هي A212 التابعة للبحرية الألمانية والثانية من صنف ساب A26 السويدية، حيث تم تطوير هذا النوع من الغواصات في تسعينيات القرن الماضي وصممت منذ البداية كغواصات "الشبح" عديمة الصوت ولا تصدر أي ذبذبات يراها الرادار. هذا النوع من الغواصات لا يمكن مقارنته مع الغواصة الأرجنتينية المفقودة "سان خوان" التي تم بناؤها في ألمانيا ودخلت الخدمة عام 1985 وتم تحديثها عام 2013.
التخفي أو "الشبح"
مبدئيا صممت كل غواصة عسكرية بطريقة تجعل من مهمة التقاط إشارتها أمرا صعبا، وهذا ما ينطبق بدوره على الغواصة "سان خوان". وتاريخيا أنشأت ألمانيا غواصة عسكرية تتميز بالقدرة على التخفي، وأول هذا النوع من الغواصات كانت الغواصة من الصنف السابع للبحرية الحربية الألمانية، إذ صمم هذا النوع من الغواصات للحد قدر الإمكان من ضجيج المحرك وإصدار إشارة رادر ضعيفة أثناء إبحارها فوق الماء. ومنذ ذلك الحين يطور مصممو الغواصات طرقا جديدة لجعلها غير مرئية بالاعتماد على العديد من الخدع.
تشتت وانحراف الموجات بدل الانعكاس
أكبر خطر يتهدد السفن والطائرات وكذلك أيضا الغواصات يتمثل في الرادر، الذي يعمل على عكس الموجات الكهرومغناطيسية من خلال مادة صلبة وفي الأحسن معدنية. في حين تعكس اليخوت المصنوعة من البلاستيك المقوى بالألياف الإشارة الموجهة إلى الرادار بشكل ضعيف. وهذا أيضا حال السفن "الشبح"، ففي حال رغب مصممو السفن في التقاط إشارتها من قبل الرادار يتبثون عاكسا على إحدى سرايا السفينة الضخمة.
أما في حال العكس، يعتمد المصممون على البلاستيك المقوى بالألياف، لتشتيت الموجات الرادارية في كل الاتجاهات الممكنة عوض عكسها مباشرة. وفيما يتعلق بالغواصات، تعد أشكال خطوط الكهرباء أمرا مثاليا لعدم رصد إشارة الرادار، فكلما تم توجيه الغواصات بشكل أفضل، كلما قل إصدار أصوات المحرك والحرارة.
تجنب القوة المغناطيسية
في صناعة الغواصات الحربية اليوم لا يتم استعمال مواد مغناطيسية على غرار المعدن الخالص أو التيتانيوم، ويفسر ذلك بأن العديد من الألغام البحرية لديها جهاز إشعال مغناطيسي، ففي حال الاقتراب منها، فإنها تنفجر. ولهذا، تكون احتمالات نجاة الغواصات في حال استخدام مواد غير مغناطيسية كبيرة، وتمر بأمان أمام الألغام البحرية، كما أنه ميزة أخرى لتجنب أجهزة الكشف الكهرومغناطيسية الأخرى.
مواد كاتمة للصوت خارجيا
يعتبر السونار أو مسبار العمق أهم أداة للبحث في قاع البحر، إذ ينبعث منه صوت ينعكس بعد ذلك على قاع البحر ويعود، واعتمادا على المدة التي يستغرقها وكيفية وضوح الإشارة، يمكن لمسبار العمق الكشف عن عمق المياه وهل ما إذا كانت التربة الغنية بالرواسب مغطاة بالنباتات أو صخرية. زيادة على ذلك، تبتلع مادة سطحية مناسبة في الغواصات جزءا كبيرا من إشارة السونار، وهو ما يجعل الغواصة تبدو ربما على الشاشة ككومة من الطين.
وماذا عن داخل الغواصة؟
بالطبع لا يجب على الجهات المعادية للغواصة أن تستمع إلى ما يدور داخلها وكل خطأ قد يكلف كثيرا. لهذا السبب يتم عزل وتعبئة بالمطاط كل شيء يمكن أن يضرب بعضه البعض داخل الغواصة، بالإضافة إلى استخدام محركات منخفضة الصوت.
قليل من الحرارة والإشعاع!
يمكن التعرف على الغواصات أيضا من خلال الحرارة التي تنتجها، لذلك يتم الاعتماد على محركات ذات فعالية عالية جدا، فضلا عن إغلاق أوحجب كل المصادر، التي تصدر إشعاعات على غرار أنظمة الرادار الخاصة، الحواسب، المحركات، الهواتف المحمولة، أنظمة الأسلحة والكثير.