close menu

لماذا تفشل أغلب عمليات الاستحواذ في تحقيق أهدافها الإستراتيجية والمالية؟

لماذا تفشل أغلب عمليات الاستحواذ في تحقيق أهدافها الإستراتيجية والمالية؟
المصدر:
أخبار 24

عمليات الاستحواذ التي تهدف إلى إعادة هيكلة وإعادة تشكيل إستراتيجية الشركات لم تكن في أي وقت من الأوقات أكثر انتشارًا مما هي عليه اليوم. ببساطة يرى العديد من المديرين أن الاستحواذ على شركة للوصول إلى أسواق ومنتجات وتكنولوجيا وموارد معينة هي عملية أقل خطورة وأكثر سرعة مقارنة مع محاولة تحقيق نفس الأهداف من خلال الجهود الداخلية.

وعلى الرغم من النمو المستمر الذي تشهده عمليات الاستحواذ في الآونة الأخيرة، إلا أن العديد من الدراسات تشير إلى أن ما يتراوح ما بين 70 إلى 90% من هذه الصفقات تفشل في تحقيق الأهداف الإستراتيجية والمالية المتوقعة منها.

ويعزى معدل الفشل المرتفع إلى عوامل مختلفة يتصل أغلبها بكيفية إدارة الموارد البشرية للشركة المستحوذ عليها، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر، الثقافات وأساليب الإدارة غير المتوافقة، وضعف الحافز، وخسارة المواهب الرئيسية وانعدام التواصل، وتراجع الثقة أو عدم اليقين بشأن الأهداف طويلة الأجل للشركة المستحوذ عليها.

باختصار شديد، هناك فرق واضح بين إجراء عملية الاستحواذ كصفقة، وبين النجاح في جعل الشركة المستحوذ عليها تحقق الأهداف المرجوة منها. ولذلك، سنحاول في هذا التقرير فهم كيفية إدارة عمليات الاستحواذ بشكل أفضل بعيدًا عن النصائح التقليدية.

المشاكل التي تعترض طريق عملية الاستحواذ

- يؤكد معظم المحللين على أن هناك طريقتين لضمان نجاح عمليات الاستحواذ في تحقيق أهدافها. الأولى: وجود توافق إستراتيجي بين الشركة المستحوذة والشركة المستحوذ عليها، بالإضافة إلى ضرورة التأكد من أن الشركة المستحوذ عليها يمكنها أن تسهم في إستراتيجية الشركة الأم المحتملة.

- أما الطريقة الثانية، فهي ضرورة وجود حد أدنى من الملاءمة التنظيمية بين الشركتين عن طريق مطابقة النظم الإدارية أو الثقافات المؤسسية، وذلك لضمان وجود درجة كافية من التناسب الإستراتيجي والتنظيمي تساعد على نجاح عملية الاستحواذ.

- لكن لماذا تفشل الكثير من عمليات الاستحواذ رغم اتباع الطرفين لإحدى هاتين الطريقتين؟ الإجابة تكمن في ظروف وطبيعة عملية الاستحواذ نفسها، وذلك بعيدًا عن مسألة التناسب الإستراتيجي أو التنظيمي.

- أولاً، غالبًا ما تؤدي مشاركة الكثير من الأخصائيين والمحللين ذوي الخبرات المتنوعة والأهداف المستقلة إلى ظهور وجهات نظر متعددة ومجزأة حول الاتفاق. وقد يجد مجلس الإدارة لدى الشركتين (المستحوذة والمستحوذ عليها) صعوبة في الدمج بين هذه المنظورات.

- ثانيًا، شعور أحد الطرفين أو كلاهما بأنه يجب إغلاق الصفقة في أسرع وقت ممكن، يؤدي إلى إغلاق سابق لأوانه يتم خلاله القفز فوق نقطة مهمة جدًا وهي الحاجة إلى توضيح وحسم مسائل رئيسية كان يجب إزالة الغموض حولها قبل إكمال الاتفاق.

- بلا شك، لا يمكن للأطراف الرئيسية في عملية الاستحواذ أن تسيطر دائمًا على كيفية سير المفاوضات أو توقيتها، وذلك لأنها عادة ما يكون هناك أطراف ثالثة مشتركة في عملية التفاوض (مثل البنوك الاستثمارية) لها جداول أعمال خاصة بها، ولذلك، أحيانًا يكون، اتخاذ قرار سريع بشأن المضي قدمًا في عملية الاستحواذ أمرا لا مفر منه.

كيفية خلق صورة مكتملة

- المديرون والمحللون ذوو المهارات المتخصصة غالبًا ما يهيمنون على عملية الاستحواذ. ولكن بسبب التعقيد التقني للتحليلات المطلوبة وعدد المهام التي يتعين إنجازها، يصعب على مدير واحد أو مجموعة من المديرين التوصل إلى فهم عمومي للصفقة، ومن هنا تظهر وجهات نظر مجتزأة حول الاتفاق، والتي على الرغم من صحتها إلا أنها غير مكتملة.

- يمكن لكبار المسؤولين التنفيذيين التغلب على مشكلة وجهات النظر المجزأة من خلال البحث عن سبل لإحداث توازن بين مختلف المجموعات التي تعمل على دراسة الصفقة لضمان الوصول لتحليلات متكاملة، وهو ما سيزيد من احتمال نجاح الشركة في تحقيق أهدافها الإستراتيجية من وراء عملية الاستحواذ.

- في تصريحات لمجلة "هارفارد بيزنس ريفيو"، قال أحد المديرين التنفيذيين "لقد وافقت على اقتراحهم بشأن السعر المناسب لشركتي لأنهم أي (المصرفيين الاستثماريين) كانوا يعملون لدي، وفي نفس الوقت لقلة خبرتي في هذه الناحية، ولكن بعد أن توقفت معيدًا التفكير في ما حدث استطعت رؤية أن نظرتهم التي حددوا على أساسها كانت غير مكتملة".

- ثمة طريقة أخرى لمعالجة مشكلة دمج المنظورات المختلفة تجاه الصفقة، وتتمثل في إشراك مديري العمليات والموظفين الرئيسيين في فريق التفاوض، حيث إن هذه الخطوة يمكنها أن توفر مزيدًا من التركيز على قضايا التناسب التنظيمي، وتوازن الاعتبارات المالية والتشغيلية.

أهمية الحفاظ على النجوم

- للحفاظ على المواهب الرئيسية التي من شأنها أن تساعد الشركة المستحوذ عليها على متابعة وتطوير نجاحها، يجب على الإدارة إبلاغ موظفيها الرئيسيين "المصنفين كنجوم" بنواياها في وقت مبكر من عملية الاستحواذ، في إطار المسموح به قانونيًا، وذلك من خلال عقد مقابلات سرية مع هؤلاء قبل موعد إغلاق الصفقة.

- الأهم من ذلك، هو أن الإدارة يجب أن تكون حريصة جدًا على عدم التقليل من شأن موظفيها الرئيسيين، لأنها بذلك تخاطر باحتمال خسارتهم وانتقالهم إلى جهات أخرى، لأن هؤلاء يعرفون من هم، ويفهمون جيدًا إمكانياتهم الشخصية والمهنية.

خطورة النقاط الرمادية

- خلال عملية الاستحواذ يدخل الطرفان في مفاوضات مشتركة حول أغراض الصفقة وتوقعات لمستويات الأداء المستقبلي، وتوقيتات بعض الإجراءات. ومن أجل تقليل احتمال الخلاف بينهما أثناء المفاوضات وتيسير إغلاق الصفقة، كثيرًا ما يوافق الطرفان على عدم الاتفاق في الوقت الراهن وإرجاء البت في المسائل المهمة.

- قد تساعد مثل هذه الممارسات في توفير مساحة للمناورة في المفاوضات بين الطرفين، وإيجاد أرضية مشتركة حول مسائل تبدو مستعصية على الحل خلال المفاوضات السريعة، ولكن رغم ذلك سيتعين على الجانبين عاجلًا أو آجلًا أن يوضحا الأجزاء الغامضة من الاتفاق.

- إرجاء توضيح هذه النقاط إلى ما بعد عملية الاستحواذ يتسبب في كثير من الأحيان في ظهور تفسيرات مختلفة، ومن هنا تتضرر روابط الثقة بين الطرفين. ومع انهيار الثقة، قد يبالغ مديرو الشركة الأم من جهة ونظراؤهم في الشركة التابعة من جهة أخرى، في ردود أفعالهم ليشتعل فتيل نزاعات مريرة.

- بذلك، يصبح الغموض الذي ساعد على إغلاق صفقة الاستحواذ بسلاسة، مصدرًا للمشاكل بمجرد اكتمال الاتفاق.

- على سبيل المثال اتفق كبار المديرين التنفيذيين في شركة تعمل بمجال المنتجات الاستهلاكية أثناء المفاوضات مع نظرائهم في شركة تم الاستحواذ عليها لاحقًا على أن الغرض من الصفقة هو فتح أسواق جديدة لمنتجات الشركة الأم، غير أن الجانبين لم يتمكنا من التوصل إلى اتفاق حول من يتحمل مسؤولية هذه الإجراءات وتوقيتها.

- أدت الاختلافات في الرأي التي نشأت بعد صفقة الاستحواذ إلى قيام المديرين التنفيذيين في الشركتين (الأم والتابعة) بالتنافس مع بعضهم البعض بدلًا من المنافسين الخارجيين، مما ضر بأداء الشركتين على حد سواء.

- عندما لا تحقق الشركة المستحوذ عليها الأداء المتوقع منها، يميل مديرو الشركة الأم إلى الاعتقاد بأن شكوكهم السابقة حول ضعف إدارة الشركة التابعة أو غير الكفؤة كانت صحيحة، لتتصاعد حدة أزمة الثقة بين الطرفين ويبدأ مديرو الشركة الأم في التدخل في شؤون الشركة التابعة.

- على الجهة الأخرى، قد يدافع مديرو الشركة التابعة عن استقلاليتهم ضد محاولات الشركة الأم، وهو عادة ما يؤدي إلى اشتعال رغبة الثانية في السيطرة والتدخل في شؤون الأولى. ومع نشوء الصراع تعتقد الشركة التابعة هي الأخرى أن أسوأ مخاوفها قد تأكدت، وأن هذا الاستحواذ كان خبيثًا من البداية.

- ما لا يدركه الطرفان هو أن كل هذا اللغط يحدث لسبب بسيط جدًا، وهو أن المسائل الملتبسة والنقاط الرمادية التي تم تركها أو القفز فوقها خلال المفاوضات من أجل تسهيل إغلاق الصفقة هي من زرعت بذور هذه المشاكل من البداية.

أضف تعليقك
paper icon